موازنة ترامب 2021: الإنفاق العسكري (لا يزال) أولوية

موازنة ترامب 2021: الإنفاق العسكري (لا يزال) أولوية

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ١١ فبراير ٢٠٢٠

«مع دين وطني يفوق 20 تريليون دولار، حان الوقت لعكس اتجاه زيادة الإنفاق الحكومي. تلتزم الموازنة الفيدرالية للرئيس ضبط النفس جنباً إلى جنب إعطاء الأولوية لتمويل إعادة بناء دفاعنا الوطني وتعزيز حدود أميركا»، هذا التعريف الوارد على موقع البيت الأبيض، في الجزء المخصّص للموازنة، يعكس أولويات الإنفاق لإدارة دونالد ترامب بتعزيز النفقات العسكرية، وهو ما دأب عليه منذ تولّيه الرئاسة. ويبدو أن الإدارة تخلّت عن هدف سعى إليه الجمهوريون طويلاً: سدّ العجز في الموازنة الفيدرالية خلال عقد. ولأن ذلك يبدو متعذراً، تبنّى مشروع الموازنة الجديد سداد العجز الذي فاقمته إجراءات لتحفيز النمو مثل خفض الضرائب على الشركات وتخفيف الأعباء الضريبية عن الطبقات الميسورة، بحلول عام 2035 بدلاً من عام 2030.
وكشفت إدارة ترامب مشروع موازنة السنة المالية 2021 (تشرين الأول/أكتوبر ــــ أيلول/سبتمبر) بقيمة إجمالية تبلغ 4.8 تريليونات دولار تتضمّن زيادة في النفقات العسكرية لمصلحة وزارة الأمن الداخلي ومبادرة ترامب للقوّة الفضائية، مع إبقاء موازنة «البنتاغون» دون أيّ تغيير (738 ملياراً)، في مقابل خفض كبير في نفقات وزارة الخارجية وذراعها «USAID»، وبرامج الرعاية الصحية والغذاء. مشروعٌ تبدو فرص إقراره بصيغته الراهنة ضئيلة، إذ يعكف الكونغرس، بصفته المخوّل قانوناً إقرار الموازنة الفيدرالية، على دراسة المشروع قبل إقراره مُعدَّلاً.
وعلى رغم تعهّده، السبت، عدم المسّ بموازنة الرعاية الصحية، يقترح ترامب خفض نفقات برنامج «ميديكير» و«برنامج التأمين الصحّي للأطفال»، ما من شأنه أن يتسبّب في فقدان ملايين الأشخاص تغطية الرعاية الصحية. في الإطار، يتضمّن المشروع خفض موازنة «وكالة حماية البيئة» بنسبة 26.5% العام المقبل، إلى جانب خفض نفقات وزارة الصحة بنسبة 9%، وهي تشمل المعاهد الوطنية للصحة، ومراكز السيطرة على الأمراض والحماية، التي ستشهد خفضاً وسط انتشار فيروس «كورونا». وتطاول التخفيضات أيضاً وزارة التعليم (8%)، ووزارة الداخلية (13.4%)، ووزارة الإسكان (15.2%)، أما الحصّة الكبرى من الاقتطاعات، فستكون من نصيب «الخارجية» و«الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، بنسبة 22%. مقابل هذه الاقتطاعات، يقترح المشروع زيادة نفقات وزارة الأمن الداخلي، مع إبقائه إنفاق «البنتاغون» ثابتاً، وزيادة موازنة «وكالة الفضاء الأميركية» (ناسا) بنسبة 12%. وينصّ كذلك على إنفاق ملياري دولار لمواصلة بناء الجدار الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك، بينها أجزاء بطول 645 كيلومتراً جديداً سيتم تشييدها نهاية العام الجاري.
وبرغم الاقتطاعات المقترحة في الإنفاق، ستفشل الموازنة في القضاء على العجر الفيدرالي خلال السنوات العشر المقبلة، ما يضع هدفاً جمهورياً أساسياً مجدداً في عداد المفقودين. لكن مشروع الموازنة وضع هدفاً جديداً ينهي العجز بحلول 2035. هدفٌ يبقى غير قابل للتحقيق إلا إذا نما الاقتصاد الأميركي بمعدل غير مسبوق (نما بنسبة 2.3% في عام 2019، وهي الأضعف منذ تولي ترامب منصبه). في سنته الأولى، أشار مستشارو الرئيس إلى أن خطة موازنتهم ستقضي على العجز بحلول 2028، لكن الموازنة الثالثة على التوالي تتخلّى عن هدف السنوات العشر، وتقترح بدلاً من ذلك هدفاً مدّته 15 عاماً. يظهر هذا التوجّه الجديد التقدّم القليل الذي يحرزه البيت الأبيض في التعامل مع تضخّم الديون الحكومية. وفي حين توقعت موازنة الرئيس الأولى أن يبلغ عجز موازنة 2021 نحو 456 ملياراً، تشير التقديرات إلى ارتفاع العجز إلى نحو تريليون دولار للمرة الأولى منذ عام 2012، إذ تمثّل موزانة السنة المالية الجديدة زيادة قدرها 700 مليار مقارنة بمستويات 2018.
في حديثه أمام حكام الولايات في البيت الأبيض، قال ترامب إن مشروعه للموازنة من شأنه أن يقلّص العجز قريباً إلى الصفر، عن طريق الحدّ من «الهدر والاحتيال». وقد ألقى البيت الأبيض باللوم على خصومه الديمقراطيين في الكونغرس لتقاعسهم في هذه المسألة. مع ذلك، وافق ترامب على زيادة الإنفاق في جميع أنحاء الحكومة لأنه كان الشرط الذي قبل الديمقراطيون بموجبه بإقرار موازنة أكبر موازنة عسكرية أميركية. وتسعى الموازنة إلى المطالبة بالانتصارات في القضايا الأساسية التي تهمّ ناخبي ترامب: تنمية الاقتصاد ومكافحة الهجرة. وفي الأسطر الأولى من تقديم الموازنة، يقول الرئيس الأميركي: «خلال السنوات الثلاث الماضية، عملت حكومتي بلا كلل لاستعادة القوة الاقتصادية لأميركا... لقد أنهينا الحرب على العمال الأميركيين وأوقفنا الهجوم على الصناعة الأميركية، ودشنّا طفرة اقتصادية لم نرها من قبل».