تمهيدٌ لإرسال البشير إلى لاهاي: الطيران الإسرائيلي في سماء السودان

تمهيدٌ لإرسال البشير إلى لاهاي: الطيران الإسرائيلي في سماء السودان

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ١٨ فبراير ٢٠٢٠

يواصل السودان سيره على طريق استرضاء الولايات المتحدة، توازياً مع تصعيده خطوات التطبيع مع إسرائيل التي باتت تتكفّل بنفسها إعلان أخباره أولاً بأول. وباستثناء وجود انتقادات حزبية لهذا المسار، لم يظهر بعد أن ثمة تحرّكاً جادّاً لمنع السلطة من المضيّ فيه
في حلقة جديدة من سلسلة التقديمات السودانية لاسترضاء الولايات المتحدة، أعلنت الحكومة الانتقالية، أمس، أنها قد ترسل الرئيس المعزول عمر البشير ومشتبهاً فيهم آخرين إلى لاهاي لمحاكمتهم أمام «المحكمة الجنائية الدولية»، على أن يكون ذلك «بموافقة من الحكام العسكريين والمدنيين». ونقلت وكالة «رويترز» عن وزير الإعلام، فيصل صالح، حديثه عن احتمالات أخرى من بينها «أن تأتي الجنائية الدولية إلى هنا، ثم يمثلون (أمامها) في الخرطوم، أو أن تكون هناك ربما محكمة مختلطة، أو ربما يجري نقلهم إلى لاهاي... هذا سيتمّ بحثه مع الجنائية». ولا يزال القضاء المحلي يواصل محاكمة البشير، إذ استدعته «نيابة مكافحة الفساد والتحقيقات المالية» أول من أمس، لاستجوابه في بلاغ «غسل أموال وثراء حرام ومشبوه». وأوضحت النيابة أن الاستجواب كان يتعلق بـ«إجراءات... حول تصرف إدارته في شركة اتصالات، وبيعها لشركة كويتية، ومنح ترخيص مشغل الشبكة الثانية لشركة إم تي إن»، إضافة إلى استجوابه في شأن «علاقة بعض النافذين بأموال الحركة الإسلامية وارتباطها ببعض العناصر الإرهابية الدولية» من دون تفاصيل إضافية، علماً أن هذا البلاغ فتح «بناءً على تقارير واردة من جهاز المخابرات العامة».
بالتوازي مع ذلك، يواصل رئيس حكومة العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بثّ التفاصيل المتعلقة بتطبيع العلاقات بين تل أبيب والخرطوم تباعاً، في ظلّ صمت سوداني هو أقرب إلى التأكيد. إذ أعلن نتنياهو، أمس، أن «طائرة إسرائيلية حلّقت للمرة الأولى فوق السودان»، عادّاً هذا التطور «نموذجاً لتحسّن العلاقات مع دول معادية تاريخياً». ولم يذكر أيّ تفاصيل عن هذه الرحلة، لكن صحيفة «هآرتس» نقلت عن مسؤول في الحكومة، طلب عدم كشف هويته، قوله إنها «طائرة خاصة» وليست رحلة تابعة لشركة «العال». وقال نتنياهو: «ما ترونه (تطيبع العلاقات) ليس سوى حوالى عشرة بالمئة. ستأتي تغييرات كبيرة»، مضيفاً: «أستطيع أن أخبركم أن عدد الدول الإسلامية أو العربية التي لا تربطنا بها علاقات عميقة، هو دولتان أو ثلاث».
وإلى الآن، لم تشهد فعّاليات الاعتراض على التطبيع في السودان تطوراً لافتاً، بخلاف بعض الاحتجاجات الصغيرة ومواقف بعض الأحزاب، ولا سيما «الشيوعي» و«الأمة القومي»، الذي نبّه أمينه العام، الصادق المهدي، إلى أن «التطبيع... لن يحقق مصالح السودان، ولن يساعد السودان مالياً، ولن يزيل العقوبات المفروضة عليه»، مستدركاً بأن «التعامل مع إسرائيل في ظلّ سلام عادل وارد، ولكن التعامل معها في ظلّ الصفقة (صفقة القرن) خيانة وطنية وقومية وإسلامية». أما حزب «المؤتمر الشعبي»، فاتهم القيادي المفصول من حركة «فتح»، محمد دحلان، بـ«التنسيق مع إسرائيل لتفكيك البلاد وتحقيق مخطّط انفصال إقليم دارفور وشرق السودان والاستيلاء على البحر الأحمر لمصلحة الإمارات». وأشار الأمين العام بالإنابة للحزب الذي أسّسه الراحل حسن الترابي، بشير آدم رحمة، في مؤتمر أمس، إلى أن «تطبيع السودان مع إسرائيل يحقق ما يريده الصهاينة بتفكيك البلاد»، لافتاً إلى «(أنهم) يعملون على انفصال دارفور والشرق للاستيلاء على البحر الأحمر، ويساعد إسرائيل في ذلك دحلان لمصلحة الإمارات». وطالب رئيس مجلس «السيادة»، عبد الفتاح البرهان، بـ«وقف إقامة علاقات مع إسرائيل. نحن لسنا بحاجة إلى من يرفع عنا العقوبات الأميركية إذا أحسنّا إدارة شؤوننا الداخلية... الاعتماد على الذهب فقط يمكن أن يحلّ أزماتنا الاقتصادية، وسيعود بعوائد بقيمة عشرة مليارات دولار سنوياً، (لكن) الإمارات تستفيد من تهريب ذهب البلاد إليها في أسواق دبي».
في سياق آخر، مدّدت الحكومة الانتقالية، ومعها تحالف من الحركات المعارضة مسمّى «الجبهة الثورية»، أمس، محادثات السلام ثلاثة أسابيع إضافية بعدما تجاوزا المهلة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق نهائي، فيما قال نائب الأمين العام للجبهة، ياسر عرمان: «نأمل أن يكون هذا آخر تمديد للمحادثات». لكن رحمة حذّر من أن مفاوضات السلام «ستؤدي إلى تمزيق البلاد بعد اعتمادها لطريقة التفاوض عبر خمسة مسارات»، معرباً عن رفض حزبه، «المؤتمر الشعبي»، «الوصاية الأممية وتمزيق السودان من خلال المخططات الخارجية».