الميزانية وانهيار عائدات النفط وسداد الديون: مخاطر اقتصادية تهدد العراق مع تشكيل الحكومة الجديدة

الميزانية وانهيار عائدات النفط وسداد الديون: مخاطر اقتصادية تهدد العراق مع تشكيل الحكومة الجديدة

أخبار عربية ودولية

الأحد، ١٠ مايو ٢٠٢٠

مع إعلان العراق تشكيل الحكومة الجديدة، تتراكم المخاطر بالنسبة لثاني أكبر عضو منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”. وبعيداً عن التوترات الطائفية طويلة الأمد، والعلاقات المتدهورة مع الشمال الكردي، وتضخّم فاتورة أجور القطاع العام والفساد المستشري في البلاد، يتعيّن الآن على رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي، مواجهة انهيار عائدات النفط وتداعيات جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، كما تقول وكالة Bloomberg الأمريكية.
لا غرابة في أنَّ العراق يسعى للحصول على مساعدة مالية من الولايات المتحدة الأمريكية، ويُقال إنَّه طلب من صندوق النقد الدولي تأجيل مدفوعات ديون تُقدّر بنحو 546 مليون دولار في شكل قروض. ووفقاً لمؤشر Barclays Bloomberg، فإنَّ متوسط عائد السندات العراقية المقومة باليورو يبلغ 15.7%، وهو الأعلى بين حكومات الشرق الأوسط.
كل هذا في الوقت الذي يستعد فيه العراق لسداد أقساط ديون بقيمة 294 مليون دولار في يوليو/تموز المقبل، من بينها قسط رأس المال على سندات مقومة بالدولار إصدار 2028. يعود كل ذلك إلى خطة أُتفق عليها عام 2006 لإعادة هيكلة سندات عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
انخفاض الناتج المحلي وعجز في الميزانية
يتوقع البنك الدولي أن ينخفض ​​الناتج المحلي الإجمالي للعراق بنسبة 9.7% في عام 2020، بعد أن نما بنسبة 4.4% في عام 2019. ويرى صندوق النقد الدولي أن عجز الميزانية يرتفع ليصل إلى 22% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة تفوق أي مكان آخر بالعالم باستثناء جمهورية تيمور الشرقية وتوفالو وسلطنة بروناي.
وفي هذا الصدد، قالت آنا ويلتون، مساعد مدير لدى شركة “Falanx Assynt” الاستشارية للتحليلات الجيوسياسية ومخاطر الأعمال -ومقرها لندن: “حتى لو تجنّبت التخلّف عن السداد، ستواجه الحكومة العراقية مشاكل أخرى لأنَّ عجز الميزانية سيرتفع بدرجة كبيرة”. وأضافت إنَّه “بالنظر إلى الظروف الراهنة، سيستطيع العراق تأمين الحصول على بعض المساعدة من صندوق النقد الدولي. إذا لم تكن مساعدة مالية، فعلى الأقل اتفاقاً على تأجيل سداد أقساط الديون”.
أحجم المستثمرون عن سوق الأوراق المالية في العراق. وقد ارتفع العائد على سندات حكومية بقيمة 2.7 مليار دولار مستحقة في عام 2028 إلى أكثر من الضعف ليصل إلى 14.3% منذ أوائل مارس/آذار. 
سيشير متفائلون إلى احتياطيات البلاد، إذ يمتلك العراق احتياطياً نقدياً يبلغ حوالي 66 مليار دولار، ويضخ يومياً ما يقرب من 4.6 مليون برميل من النفط الخام. لكن هذا التدفق النقدي يجف بعد انهيار أسعار النفط الخام.
قال أيهم كامل، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمجموعة “أوراسيا” الاستشارية في لندن، إنَّ “الإيرادات المتقلّصة بسبب انخفاض أسعار النفط ستثبت أنَّها العامل الأكثر زعزعة للاستقرار خلال الأشهر الـ12 أو الـ18 المقبلة”. وأضاف: “بغض النظر عمَّن يقود الحكومة، فإنَّ هذا الانخفاض الكبير في الإيرادات مقترناً بالفساد المستشري سيؤدي حتماً إلى خلق مشاكل”.
نادي باريس وديون العراق
يعتبر توقيت سداد السندات مثيراً للسخرية. كانت الأوراق المالية الصادرة في عام 2006 جزءاً من اتفاقية إعادة الهيكلة التي أبرمها “تجمّع دول نادي باريس”، مع إلغاء نسبة 80% من مبلغ الدين الأصلي على العراق. ووفقاً لبيانات جمعتها وكالة Bloomberg الأمريكية، فإنَّه بالإضافة إلى قسيمة سنوية بقيمة 5.8%، من المقرر أن يبدأ العراق في سداد 6.25% من المبلغ الأصلي –168.75 مليون دولار- كل 6 أشهر على أن يُستحق القسط الأول في 15 يوليو/تموز. 
وصادق مجلس النواب العراقي في وقتٍ مبكر من يوم الخميس 7 مايو/أيّار على حكومة جديدة برئاسة الرئيس السابق لجهاز المخابرات العراقي، مصطفى الكاظمي، لتنتهي بذلك حالة من الجمود السياسي دامت أكثر من 6 أشهر. ومن بين الـ15 وزيراً، الذين وافق عليهم المُشرّعون العراقيون، عُيّن علي علاوي وزيراً للمالية، بينما أرجئ البرلمان التصويت على وزارتي النفط والخارجية. ورفض المجلس أربعة من مرشحي الكاظمي لوزارات التجارة والعدل والثقافة والزراعة. 
قد تسهم معالجة الديون المتعثرة للعراق في توجيه المؤسسات الدولية والحكومات والدائنين من القطاع الخاص، الذين يُنسّقون الجهود لتعليق مدفوعات الديون للدول الفقيرة على مستوى العالم.
ووفقاً لماركوس تشينفيكس، محلل منطقة الشرق الأوسط لدى شركة TS Lombard البريطانية، فإنَّ الدول الخليجية أيضاً قد تحاول الاستفادة من تلك المبادرة والسعي إلى تقديم المساعدة بأي شكل ممكن. 
وقال تشينفيكس: “يمتلك العراق سجلاً قوياً للغاية في المفاوضات الناجحة المتعلّقة بمسألة الديون. إنَّه بلد تميّز تاريخياً بالقدرة على التعامل بمهارة مع مختلف دائنيه”.