الوضع كارثي! تضاعف الأطباء المصابون بكورونا والحكومة المصرية تهدد بالفصل إذا رفضوا “التكليف”

الوضع كارثي! تضاعف الأطباء المصابون بكورونا والحكومة المصرية تهدد بالفصل إذا رفضوا “التكليف”

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٠ مايو ٢٠٢٠

شهدت الأيام الماضية اشتعال المعركة الدائرة في مصر منذ فترة بين الأطباء والعاملين في القطاع الطبي من جهة، وبين وزارة الصحة التي تمثل الحكومة المصرية من جهة أخرى على خلفية الزيادة المخيفة في أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد من الأطقم الطبية، مقابل تجاهل الوزارة علاج الأطباء والسعي لاجبارهم على الاستمرار في العمل دون توفير أبسط سبل الحماية لهم.
المدخل لمعرفة تفاصيل المعركة الدائرة كان لابد وأن يبدأ بمعرفة العدد الحقيقي لحالات الإصابة والوفيات بين الأطقم الطبية، وهو أمر لم يكن سهلاً لأن وزارة الصحة ترفض الإفصاح عن العدد الحقيقي للمصابين، حتى لنقابة الأطباء الجهة الممثلة لأصحاب “البالطو الأبيض”.
النقابة تتكتم على أعداد المصابين.. 
وأمام هذا التعتيم اضطرت النقابة لتكوين فرق رصد في المحافظات للتوصل إلى عدد المصابين من بعض زملائهم، تم رصد وفاة 11 طبيباً، بينما تجاوز عدد المصابين ٢٢٣ طبيباً، بحسب ما ذكرت بعض وسائل الإعلام.
يشير إبراهيم الزيات، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، إلى أن معدل زيادة الإصابات وصل إلى 100% فى أسبوع فقط، بعد إعلان إصابة الفريق الطبي بمستشفى الزهراء الجامعي، كاملاً تقريباً، وأرجع السبب إلى عدم تطبيق إجراءات مكافحة العدوى التي طالما طالبت نقابة الأطباء، وزارة الصحة بها منذ بداية الأزمة.
بينما أرجع الأمين المساعد لنقابة أطباء القاهرة تلك القفزة في أعداد الإصابات، لظهور حالات إيجابية بين الفرق الطبية في مستشفيات الساحل وأحمد ماهر، ومنشية البكري، وذلك لاستمرار زيادة حالات الإصابة بكورونا بين المواطنين بشكل عام.
لذلك طالبت نقابة الأطباء منذ أيام الرئيس المصري ووزيرة الصحة د. هالة زايد بضرورة تخصيص مستشفى لعزل الأطباء وباقي أعضاء الفريق الطبي، وذلك بعدما تفاقمت في الآونة الأخيرة مشكلة التأخير في نقل الأطباء وأعضاء الفريق الطبي المصابين بفيروس كورونا لمستشفيات العزل، وبالتالي تأخر تلقيهم للرعاية الطبية اللازمة لضمان سرعة الشفاء والعودة بالتالي لممارسة دورهم الهام في مكافحة الوباء.
وقالت عضو مجلس نقابة الأطباء السابق منى مينا من خلال منشور لها “تكدس مستشفيات العزل كان سبباً في عدم تحويل خمس حالات إيجابية من القطاع الطبي بالأقصر لمستشفيات العزل ما أدى إلى وفاتهم”.
تواصل “عربي بوست” مع أحد الأطباء بقسم الباطنة بمستشفى منشية البكري بالقاهرة والذي أكد أنهم يعيشون “كوميديا سوداء” وأن الدنيا “غارقة في الفوضى” وهناك إصابات عديدة بين الأطباء بالمستشفى، وبدلاً من عمل مسحات للعاملين المخالطين للحالات الإيجابية وتوفير أماكن لعزلهم يُطلب منهم التعامل مع مرضى مصابين وعلاجهم.
رفض الطبيب ذكر اسمه كاشفاً أنه بسبب مطالبهم تم تهديدهم بتبليغ أسمائهم للأمن الوطني، شارحاً أنه قبل أسبوعين ظهرت أعراض كورونا على إحدى الطبيبات واكتفى وكيل المستشفى بمنحها إجازة، لكن تدهورت حالتها الصحية ولأن لديها وساطة بأحد مستشفيات الحميات تم إجراء مسحة لها، جاءت نتيجتها إيجابية، وبعدها بثلاثة أيام ظهرت الأعراض على أحد الأطباء وتبين حمله للفيروس من خلال التحليل ثم توالت الأعراض على ما يقرب من 35 شخصاً بين أطباء وتمريض وإداريين، وتم عزل عدد ممن ظهرت عليه أعراض شديدة بسكن الأطباء بسبب عدم وجود أماكن لهم في مستشفيات العزل.
المشتبه في إصابتهم يعالجون المصابين.. 
 وتساءل الطبيب باستنكار كيف يعقل أن يعالج طبيب مشتبه في إصابته بالفيروس شخصاً مصاباً به بالفعل؟!، مضيفاً “المستشفى تحوّل إلى “مستودع لكورونا”.
لا يطلب العاملون بالمستشفى المستحيل، كل ما يريدونه هو الحفاظ على سلامتهم أثناء عملهم وتخطيط المستشفى بما يتفق مع معايير مكافحة العدوى لتحديد أماكن للمشتبه فيهم وأماكن أخرى آمنة للعاملين به، وعمل مسحات لجميع العاملين بالمستشفى من طاقم طبي وإداري وانتظار ظهور نتائج هذه المسحات، فضلاً عن تجهيز سكن خاص للأطباء والتمريض بعيداً عن المكان الذي يتم حجز المرضى بداخله. 
وكانت وزيرة الصحة قد وجهت يوم الخميس الماضي بتحويل المُشتبه في إصابتهم حتى ظهور نتائج التحاليل، إلى مبنيين أحدهما في منشية البكري بمحافظة القاهرة والآخر بـ “الوراق” في محافظة الجيزة، وذلك بعد إجراء مسحات PCR لهؤلاء المرضى، على أن يُحوّل مَن تكون نتيجته إيجابية ويعاني من أعراض شديدة إلى مستشفيات العزل فور توافر أماكن بها أو إلى المدن الجامعية لأصحاب الأعراض البسيطة والمتوسطة.
التكتم أس البلاء.. والعلاج بالواسطة 
كشف مصدر طبي بمستشفى 6 أكتوبر في الدقي (إحدى مستشفيات هيئة التأمين الصحي)، في تصريح خاص لـ “عربي بوست” إصابة ما يقرب من العشرين من الفريق الطبي بفيروس كورونا المستجد، وتم نقل بعضهم للعلاج بمستشفيات العزل، مشيراً إلى أن”التكتم هو أس البلاء” وقال إنه يشعر وبعض زملائه بأعراض المرض لكن لا يوجد تحاليل لهم، فضلاً عن أن لديهم تعليمات بعدم التحدث عن إصابات “الكادر الطبي” لأية من وسائل الإعلام أو على وسائل التواصل ومن يخالف التعليمات سيتم تحويله للتحقيق وإيقافه عن العمل”.
يرى الطبيب أنه لا يوجد اهتمام كافٍ بسلامة الكوادر الطبية، معرباً عن خوفه من انتشار الفيروس بالمكان لأن التعليمات “لا إغلاق أو توقف الخدمة التي تؤديها المستشفى لجميع منتفعي التأمين الصحي“.
كشف أحد الأطباء لـ “عربي بوست” عن إصابة عدد كبير من أعضاء الأطقم الطبية داخل مستشفى الحسين الجامعي أيضاً، مضيفاً بأسى واضح “المشكلة أن دخول حالات إصابات الكورونا المؤكدة من الأطقم الطبية لمستشفيات العزل يحتاج لواسطة وضغوط واتصالات والحل الآخر هو البقاء وسط أهله لحين يتم شفاؤه أو وفاته”.
وتنقسم المستشفيات في مصر من حيث جهة الإدارة إلى عدة أقسام: حكومية وتديرها وزارة الصحة، جامعية تعليمية وتتبع وزارة التعليم العالي وجامعة الأزهر، ومستشفيات الشرطة والجيش والمستشفيات الخاصة. ولا يُسمح لوزارة الصحة بالتفتيش أو مراجعة الإجراءات في المستشفيات الجامعية. 
ويعد مستشفى الزهراء الجامعي التابع لجامعة الأزهر والذي أُغلق قبل أيام وأُعلن منطقة موبوءة كأكبر مستشفى يكتشف فيه أكبر عدد إصابات بفيروس كورونا بين أفراد هيئته الطبية، بعد ظهور أكثر مائة حالة بفيروس كورونا المستجد بين كوادره الطبية.
تحدث إلينا د. محمد (اسم مستعار) قائلاً قبل أسابيع قليلة تكتمت الإدارة على  إصابة طبيب يعمل بالمستشفى بكورونا، وعلمنا بحالته بعد وفاته ولم تغلق الإدارة استقبال المستشفى لتعقيمه ولحمايتنا، والبعض منا اكتشف عن طريق التحليل بـ “الصدفة” أنه حامل للفيروس، ولم يعد هناك عدد واضح بعدما رفضت المعامل التابعة لوزارة الصحة استكمال المسحات لهم، وأبلغتهم أن المستشفى أصبح منطقة موبوءة، وكل من تم إجراء مسحات لهم مصابون.
بدوره قال مصطفى وهو أخصائي أمراض صدرية بمستشفى الدلنجات المركزي في محافظة البحيرة شمال البلاد يشير إلى ظهور أعراض كوفيد 19 على بعضهم، وهو ما تحسبوا له بسبب عدم  توافر المستلزمات الضرورية، مشيراً إلى عدم توافر أدوات الوقاية ومواد التعقيم، وأن مستشفيات كثيرة تعاني مخازنها من نقص الكحول، الأمر الذي ينذر بالخطر ويهدد حياة الأطباء وحياة المتعاملين معهم، لدرجة أن البعض وفر مستلزمات الوقاية من جيبه الخاص بسبب عدم توافرها إلا  لكبار الأطباء. 
من ناحيته أوضح إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء، أن مستلزمات مكافحة العدوى متوفرة بالفعل في المخازن، لكن الكثير من المستشفيات تلجأ لادخارها خشية نفادها والاضطرار لشراء المزيد بغرض التوفير.
 
“اللي مش عاجبه يقدم استقالته”
في وقت سابق قال بيان أصدره مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء إن مستشفيات العزل مجهزة ومؤهلة لاستقبال حالات الإصابة بالفيروس وتوفير الرعاية الطبية اللازمة لها، نافية ما تردد عن بلوغ بعضها الطاقة الاستيعابية القصوى.
 
 ويعمل نحو 15 مستشفى لعزل مصابي كورونا (لم تحدد الحكومة طاقتها الاستيعابية)، في وقت ذكر فيه البيان الحكومي أن الدولة تعمل على تطوير العديد من مستشفيات الصدر والحميات، وعددها حوالي 30 مستشفى، لتكون مؤهلة لعزل مصابي فيروس كورونا.
 
لكن على أرض الواقع الأمر مختلف كما يقول دكتور سمير في مستشفى بني سويف التخصصي، والذي يتوقع تفشي كورونا وسط الطاقم الطبي بسبب تحويل بعض المستشفيات إلى مستشفيات عزل دون جاهزيتها لهذه الخطوة.
 
يضرب الطبيب مثلاً بمستشفى بني سويف حيث إنه قيد التطوير منذ 2013، ولم تستكمل الوزارة النواقص أو تدبر الأساسيات، فضلاً عن أن الأطباء وفريق التمريض لم يتدربوا على أساليب مكافحة العدوى للفيروس المستجد.
 
ويروي الطبيب أنهم طالبوا بعد ظهور حالات إيجابية عزل المخالطين منزلياً لمدة 14 يوماً، للتأكد من عدم وجود إصابات، ولكن قوبل طلبهم بالرفض و “اللي مش عاجبه ممكن يقدم استقالته“، ونتج عن ذلك التعنت إصابة العشرات من الطاقم الطبي.
 
وكشف طبيب امتياز (طبيباً متدرّباً) بمستشفى الصدر في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، لـ “عربي بوست” انتشار العدوى بين الطاقم الطبي بالمستشفى وتم التأكد من إصابة نحو 17 طبيباً وممرضاً في المستشفى بفيروس كورونا، وهناك طبيب ظهرت عليه الأعراض ومع تعنت المسؤول اضطر للعمل بعد تحذيره أن عدم وجود دليل لإصابته معناها تخليه عن الوظيفة “الحكومية”.
 
نواب البرلمان يتحدثون..
النائب هيثم الحريري عضو تكتل «25 ـ 30» المعارض تقدم ببيان عاجل، بشأن أسباب زيادة أعداد المصابين بفيروس كورونا بين أفراد الطاقم الطبي، وبالمثل اوضح النائب البرلماني فايز بركات، أن الأطباء تتعرض حياتهم للخطر في محاولة للسيطرة على تفشي وباء كورونا في مصر.
 
ففي الرابع من أبريل/نيسان الماضي تم إغلاق مبنى المعهد القومي للأورام التابع لجامعة القاهرة لتعقيمه ويستقبل الآلاف من مرضى السرطان ويعمل في المعهد 600 ممرض و750 طبيباً. وحمّل عدد من أفراد الطاقم الطبي المسؤولية عن تفشي الفيروس بينهم لمدير المعهد، ويقولون إن عدداً من الأطباء طالبوا قبل ذلك بضرورة إجراء مسح لطاقم الأطباء والممرضين، بعد ثبوت حالة إيجابية، لكن طلبهم قوبل بالرفض.
 
قرر مستشفى مبرة مصر القديمة، عزل 30 فرداً من طاقمه الطبي وعماله دون اجراء أي مسحات لفحص كورونا لبيان المصاب من المخالط لمدة 14 يوماً، بعد أن خالطوا مريضة مسنة مصابة بالفيروس.
 
وتم إغلاق مستشفي الزيتون التخصصي، لمدة 14 يوماً، بعد ظهور 24 حالة إصابة بفيروس كورونا، بين الطاقم الطبي للمستشفى، فضلاً عن إغلاق مستشفى صدر دكرنس بالكامل عقب ارتفاع ضحايا كورونا بين الطواقم الطبية لـ18 حالة، كما تسلل الفيروس ليصل للطواقم الطبية في مستشفيات جامعتي عين شمس والأزهر، حتى مركز د. مجدي يعقوب للقلب بأسوان اكتشفت فيه 4 حالات إصابة، منهم 3 يعملون فى طاقم الأمن ومريض. 
 
بروتوكول مكافحة العدوى أم نشرها؟!
وسط تلك الحالة من الاستياء واليأس بسبب تفشي كورونا وسط الأطقم الطبية قامت وزارة الصحة بوضع بروتوكول لمكافحة العدوى بتاريخ 12 مايو/أيار الجاري، استفز نقابة الأطباء وتقدم كثير من الأطباء بمختلف الجهات بشكاوى إلى النقابة وبدورها طالبت الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتدخل لتغييره. 
 
فقد فاجأت وزارة الصحة الجميع بتعديل بروتوكول إجراءات الفحص ومسحات المخالطين من أعضاء الفريق الطبي تفيد تعليماته أنه في حالة ظهور حالات إيجابية بين أفراد الطاقم الطبي لا يتم أخذ مسحات من المخالطين، وغير مصرح بعزلهم سواء في المنزل أو بجهة العمل، وأن يقوم العاملون بعمل تقييم ذاتي لأنفسهم (ارتفاع حرارة – أعراض تنفسية)، وإخطار جهة العمل لإجراء الكشف وفي حالة الاشتباه تؤخذ مسحة ويعزل بالمنزل.
 
ووصفت نقابة الأطباء هذه التعليمات بأنها “خطيرة جداً” وتعني أن عضو الفريق الطبي الحامل للعدوى (قبل ظهور الأعراض) سوف يسمح له بالعمل ومخالطة الآخرين، مما سيؤدي بالضرورة لانتشار العدوى بصورة أكبر بين أفراد الطاقم الطبي، وبدلاً من أن يقدم عضو الفريق الطبي الرعاية الطبية للمواطنين سيصبح هو نفسه مصدراً للعدوى، مما ينذر بحدوث كارثة طبية حقيقية.
 
يرى طبيب بمستشفى الباجور بمحافظة المنوفية أن الفريق الطبي سيجد صعوبة في تنفيذ البروتوكول.
 
استمر في عملك طالما لم تظهر عليك الأعراض.. 
الطبيب الشاب المتخصص في أمراض القلب أصيب بـ “كورونا” ظل يعاني من الفيروس لمدة ثلاثة أسابيع بعد عزله بأحد المستشفيات بمدينة أشمون، أكد لـ “عربي بوست” أنه ظهرت عليه الأعراض بينما لم تظهر على زملائه الذين تعاملوا مع نفس الحالة التي كانت سبباً في إصابته ومع ذلك لم يتم عزلهم.
 
ويشير إلى أن الطبيب أو الممرض حامل العدوى يقفان بين فكي كماشة حيث تضغط عليهما البروتوكولات المعلنة وصعوبة تنفيذها طالما لم تظهر الأعراض، ما يؤدي لانتقال العدوى لزملاء العمل، أو يرسل للعزل المنزلي لمده 14 يوماً إذا ما أكثر من الاحتجاج والضجيج.
 
كان النظام السائد بالمستشفيات سابقاً، ألا يسمح لعضو الفريق الطبي بالاختلاط بالمجتمع إلا بعد الاطمئنان على نتيجتين سلبيتين بينهما 48 ساعة لتحليل PCR (وهو اختبار الكشف عن الفيروسات) بعد انتهاء فترة العمل.
 
لكنه ووفقاً لتعليمات وزارة الصحة يجري الآن عمل تحليل سريع لعضو الهيئة الطبية بعد انتهاء فترة عمله، وبعدها يخرج مباشرة للعزل المنزلي، والاختبار السريع يراه الطبيب ضعيف الدقة، وغير معترف به للتشخيص.
 
الأطباء المتطوعون يتراجعون والوزارة تكلفهم بالأمر.. 
يستكمل الطبيب “هناك حالة من الفزع الشديد بين أعضاء الفرق الطبية، وبدأ الأطباء ينصرفون عن التطوع للعمل بمستشفيات العزل، وبدأت وزارة الصحة تعتمد على التكليف الإجباري بدلاً من المتطوعين، وأصبح من الطبيعي أن يحاول الكثيرون التملص من هذا التكليف خوفاً من نقل العدوى لأسرهم.
 
وحذر الطبيب من فقد الفريق الطبي بسبب هذا البروتوكول، ويخشى من وقت لا ينفع فيه ندم بسبب عدم وجود أطباء يقومون بالكشف والتشخيص وعلاج المرضى بسبب إصاباتهم أو تخليهم عن وظائفهم. 
 
ناني إبراهيم (ممرضة) بمستشفى الساحل قالت لـ “عربي بوست” إن الإصابات لم تقف عند الأطباء بل امتدت لتشمل جميع العاملين بالمنظومة الطبية ومنهم التمريض، حيث سجلت النقابة العامة للتمريض 6 حالات وفاة إثر الإصابة بالفيروس، ومئات الإصابات بعد إضافة أعداد المصابين بمستشفى الزهراء الجامعي.
وهناك ممرضات لم يسمع عن إصابتهن أحد إلا من خلال مواقع التواصل حيث ظهر مقطع فيديو يشتكين فيه من الإهمال.
ترى منى مينا، عضو مجلس نقابة الأطباء السابق وأحد أبرز المدافعين عن حقوق الأطباء، أن زيادة حالات الوفاة والإصابة بين الأطقم الطبية ليست طبيعية وسببها عدم توافر أدوات الحماية لهم، وهناك شكاوى تصل إليهم تطالب بإجراء مسحات للأطباء المخالطين للمصابين.
وتضيف: “تقدير الأطقم الطبية ليس بالأغاني، لكن بتوفير أدوات الحماية، وعمل الفحوص اللازمة لهم، فالنقابة تدخل في نقاشات طويلة لنقل أطباء مصابين لمستشفيات العزل لكن الأمر لم يعد سهلاً بسبب عدم وجود أماكن متوفرة في المستشفيات”.
وطالبت مينا المسؤولين بفرض حظر تجوال كلي قبل عيد الفطر للحد من انتشار العدوى لكي لا يتحول الأمر لكارثة، وهو ما استفز البعض من تصريحاتها على مواقع التواصل، لدرجة اتهامها بأنها تنتمي لجماعة الإخوان المحظورة في مصر، وتقدم البعض ببلاغات ضدها، لكنها ترى أن هذه الشكاوى “ضريبة بندفعها، اللي عايز يرفع قضايا يرفع، أنا بعمل دوري”.
حاضر نعم.. كله تمام يا فندم
من جهة أخرى تحدث “عربي بوست” مع مصدر مطلع داخل وزارة الصحة والذي كشف إن عدد المصابين بالفيروس بين صفوف الأطباء والممرضين والصيادلة ارتفع بشكل كبير خلال الأيام الماضية، نتيجة غياب التدابير الوقائية داخل أغلب المستشفيات، وعدم توافر الأقنعة الطبية والقفازات لأفراد الطاقم الطبي وبعضهم يضطر لشراء خافض اللسان (أداة خشبية صغيرة تستخدم في الكشف على الحلق) والسرنجات، فما بالنا بتحليل مثل ال PCR.
وأوضح أن “هناك انسحاباً تدريجياً للأطباء من المستشفيات فبعض الأطباء بدأوا يعتذرون عن الحضور إلى المستشفيات الحكومية غير مبالين بما قد يتعرضون له من جزاءات ولم يعد لديهم خوف من استمرار وظيفتهم من عدمه مقابل النجاة بحياتهم”.
ويؤكد المصدر أن هناك تقصيراً من جانب بعض الجهات التنفيذية في مد المستشفيات والمراكز الطبية بأدوات الوقاية، فضلاً عن عدم إخضاع الأطقم للفحص اليومي ونقص التدريب السليم للتعامل مع الحالات المصابة بالفيروس.
ويرمي الطبيب الكرة في ملعب قيادات الصفوف الثانية والثالثة في وزارة  الصحة من وكلاء وزارة ومديري عموم ومديرين، مشيراً إلى أنهم يتحملون ما تتعرض له الأطقم الطبية، فهؤلاء دأبوا على عدم ذكر الحقائق وتربوا على ثقافة “كله تمام يا فندم” لنيل رضا القيادات وتخفيف العبء عن كاهلهم.
وكشف المصدر عن قلقه بسبب ما يدور في الأروقة الداخلية بأن هناك ثمة توجهاً حالياً لدى وزارة الصحة بوقف كل الإجازات للأطباء بما فيها الإجازات المرضية والعارضة، ما يعني أن الطبيب إذا تعرض لأي مرض ولو عارض بما يضعف مناعته، سيضطر لمواجهة خطر فيروس كورونا في المستشفى الذي يعمل به إذا خالط أي مصاب به دون أن يعلم هو أو المريض بالإصابة، وهو ما ينذر بانتقال وشيك للأطباء إلى الجلوس على أسرة المرضى.