الجنون الأمريكي يدفع إيران نحو الرّد الحاسم .. ما هي الخيارات المطروحة؟

الجنون الأمريكي يدفع إيران نحو الرّد الحاسم .. ما هي الخيارات المطروحة؟

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ١٦ يونيو ٢٠٢٠

مع اقتراب موعد رفع الحظر المفروض على الأسلحة الإيرانية، تعمل واشنطن على منع حدوث ذلك ومنع تعزيز موقف إيران في سوق الأسلحة العالمية؛ لكن النقطة المهمّة هنا هي أن إيران غير مقيّدة في هذا الاتجاه، ففي أواخر العام الماضي، أشار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الذي عمل بجد لإخراج بلاده من الاتفاق النووي وممارسة أقصى ضغط على إيران، إلى فقرة في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231 الذي يكون فيه الاتفاق النووي جزءاً منه، وصف إنهاء حظر السلاح الإيراني بأنّه عامل من عوامل انعدام الأمن في غرب آسيا، دون ذكر مبيعات الأسلحة التي تبلغ قيمتها مليار دولار إلى الدول العربية.
وفي إشارة لهما حول انتهاء الحظر على السلاح الايراني في اكتوبر القادم، دعا بومبيو وبرايان هوك، رئيس مجموعة العمل الخاصة بإیران في وزارة الخارجية الأمريكیة، مرارًا وتكرارًا إلى إنهاء فوري لعملية إنهاء الحظر على الأسلحة الايرانية الذي ينتهي في أكتوبر وفقاً لقرار ٢٢٣١ التابع لمحلس الأمن.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أواخر الشهر الماضي أنّ واشنطن ستسعى في البداية إلى توافق في مجلس الأمن لتمرير قرارات تمديد حظر الأسلحة الإيرانية إلى أجل غير مسمّى. وتابعت الصحيفة قائلة إنّه إذا لم تنجح الولايات المتحدة في ذلك، فستستخدم القرار 2231 لإعلان نفسها عضواً في الاتفاق النووي لتنفيذ الـ (Snapback)ومن خلال ذلك ستعود جميع عقوبات الأمم المتحدة الموضوعة في نهايات الفصل السابع التي تشتمل أيضاً على حظر السلاح.
في غضون ذلك، قالت إيران إنها سترد بالمثل إذا نجحت أمريكا في إعادة فرض حظر الأسلحة، مستشهدة بانسحاب أمريكا غير القانوني ومن جانب واحد من الاتفاق النووي. ومع ذلك، فقد أعلنت دول مثل الصين وروسيا رسمياً أنّ جهود أمريكا غير منطقية وأن واشنطن لم تعد عضواً في الاتفاق النووي، لكن لدى طهران أيضاً خيارات مطروحة يمكن أن توقف الإجراءات والجهود الأمريكية، وتسجل فشلاً آخر لمسؤولي واشنطن.
 
 الحد من عمليات التفتيش
 بالنظر إلى أن إيران تخضع لأقسى أنواع التفتيش، يبدو أن بإمكانها اتخاذ إجراءات للحدّ من عمليات التفتيش في ثلاثة أقسام: منطقة التفتيش وعدد عمليات التفتيش ومستوى الوصول، وفي هذا الصدد، قال بهروز كمالوندي، المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية، في مؤتمره الصحفي الذي عقده مع الصحفيين يوم السبت في نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، على موقع Fordow Enrichment على الإنترنت، عن إمكانية تقليل عمليات التفتيش: يجب أنّ أشير من خلال هذا الأمر أنّه في بعض الموارد التي تتعلق بتخفيض التزاماتنا بالاتفاق النووي، لم يعد من الضروري تفتيش الوكالة، وإذا أرادوا الاستمرار في ذلك، فسيضيّعون وقتهم.
وأشار محمد علي بورمختار، عضو اللجنة القانونية والقضائية في مجلس الشورى لدورته العاشرة، إلى عدم التزام الأطراف الغربية وقال: "إذا استمر الأوروبيون في نقض التزاماتهم ولم يتمّ تأمين مصالح البلاد، فسيتمّ فرض قيود على عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
 كما صرّح في هذا الصدد محمد جواد جمالي نوبنديجاني، نائب رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى ذاته، بأنّ فرض بعض القيود على عمليات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية للمنشآت النووية الإيرانية يمكن أن يكون على جدول الأعمال كجزء من تقليل التزامات البلاد.
 
رفع مستوى التخصيب
 قبل الاتفاق النووي، كانت إيران تُخصّب بنسبة 20 في المئة من اليورانيوم، وكان الكثيرون يرون ذلك كأداة قوة في أيدي الحكومة للمساومة، ويعتقد المحللون السياسيون أنه بالنظر إلى ان خط التخصيب الأحمر هو فوق 5 في المئة، فإذا أعلن المسؤولون في البلاد عودة النسبة إلى 20 في المئة، فقد تكون خطوة فعّالة تقابل عدم التزام الغرب، وقال كمالوندي في مؤتمر صحفي عقده العام الماضي في فوردو: "لدينا القدرة على تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60٪ وسنقوم بذلك بناءً على احتياجات البلد وأوامر السلطات".
وقال علي أكبر صالحي رئيس منظمة الطاقة الذرية على هامش زيارة الصحفيين لمجمع الشهيد أحمدي روشن للتخصيب (نطنز): "عندما يطلب كبار المسؤولين تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، فإننا سنحقّقه في غضون أربع دقائق، وفي هذا الصدد، قال نائب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى: "إنّ تخفيض التزامات إيران يمكن أن يزيد مستوى التخصيب إلى المستوى المطلوب لإجبار الأوروبيين على الوفاء بالتزاماتهم".
 
 عدم تنفيذ البروتوكول الإضافي
بحسب الاتفاق النووي، فإن إيران ستنفذ البروتوكول الإضافي طوعاً، ووفقاً لبنود الاتفاقية، يجب على ايران مراجعة البروتوكول الإضافي والموافقة عليه في مجلس الشورى الإسلامي في السنة الثامنة من الاتفاقية مع تاريخ تقديم تقرير المدير العام للوكالة.
ومع ذلك، وبالنظر إلى انسحاب أمريكا من جانب واحد من الاتفاق النووي وأن الدول الثلاث، بريطانيا وألمانيا وفرنسا، لم تفِ بالتزاماتها، طرح بعض المسؤولين فكرة تنفيذ البروتوكول الإضافي كأحد خيارات إيران المطروحة، وتعتبر هذه الخطوة بمثابة تحذير خطير للأطراف الأوروبية المتبقية في الاتفاق النووي للوفاء بالتزاماتها.
وقال علي مطهري، النائب السابق لرئيس مجلس الشورى الإسلامي: "الآن بعد أن تعرّضت إيران لضغوط كبيرة ولعمليات تفتيش للمنشآت النووية أكثر من أي دولة أخرى، يمكننا الامتناع عن تنفيذ البروتوكول الإضافي".
 كما أكّد المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية التابعة للمجلس العاشر على عدم تنفيذ البروتوكول الإضافي كأحد الخيارات المطروحة على الطاولة الإيرانية، قائلاً: عندما يتمّ تنفيذ البروتوكول الإضافي طواعية، لكنّ الجانب الآخر لا يفي بالتزاماته، يمكن للجمهورية الإسلامية أن توقف التنفيذ الطوعي لهذا البروتوكول.
 
مغادرة معاهدة حظر الانتشار النووي “NPT”
 انضمت إيران إلى معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)في عام 1968، ومنذ الثورة الإسلامية، كانت العضوية الايرانية في المعاهدة موضع نزاع دائماً.
 
ويعتقد العديد من الخبراء أنّه من الخطأ أن تواصل إيران وجودها في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بسبب الانتهاكات المتكرّرة من الغربيين في الوفاء بالتزاماتهم، على الرغم من التزام إيران بأحكام مجلس الأمن الدولي.
وقال الأدميرال علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، قبل انسحاب ترامب من الاتفاق النووي: "إذا انسحبت أمريكا مما يسمى بالاتفاق النووي، فإن أحد خيارات إيران هو الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي. وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، قال بهروز كمالوندي المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية في بيان إن الوكالة الدولية قدمت عدة مقترحات لخفض التزاماتها واضاف ان منظمة الطاقة الذرية قدمت ١٥ مقترحا يمكن تنفيذها في المستقبل وإحدى هذه المقترحات هو الانسحاب من معاهدة NPT.
 وبحسب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي والناطق باسم منظمة الطاقة الذرية، من الواضح أن الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي هو أحد الخيارات على الطاولة الإيرانية لمواجهة الالتزامات الأمريكية والأوروبية، وإمكانية اتخاذ هذا القرار مرتفعة للغاية.
 بالإضافة إلى تصريحات شمخاني وكمالوندي، أشار حميد بعيدي نجاد، سفير إيران في لندن، إلى استمرار الخلافات بين الطرف الآخر، وذلك خلال لقاء مع الصحفيين ووسائل الإعلام البريطانية قائلا: "هنالك بعض الشخصيات داخل إيران تطرح فكرة أن العضوية في معاهدة حظر الانتشار النووي غير مجدية وغير مفيدة، وخلال القضايا التي أثيرت حول الاتفاق النووي، أصبح المزيد من الناس يهتمّون بما يقال عن الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي.
 
الانسحاب من الاتفاق النووي
 أحد أهم الخيارات لمواجهة سوء الالتزام الغربي والأمريكي المستمر هو الانسحاب من الاتفاق النووي، وقال وزير الخارجية محمد جواد ظريف في مقابلة له إنّ: "إيران لديها عدة خيارات، منها خيار الانسحاب من الاتفاق النووي، وهذا بالتأكيد واحد من عشرات الخيارات المتاحة لدينا. وقال في مؤتمر صحفي مع الصحفيين في مقرّ إيران في الأمم المتحدة إنّ إيران قد تنسحب من الاتفاق النووي إذا لم تنجح الآلية المالية الأوروبية.
وبالإضافة إلى وزير الخارجية، أعلن سيد عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية السياسي وكبير أعضاء فريق التفاوض النووي، إن الانسحاب من الاتفاق النووي هو أحد الخيارات المتاحة على طاولة إيران، وذلك في مقابلة مع القناة الثانية لشبكة الإعلام الوطني الإيرانية في شهر مايو الماضي، قائلاً: نحن وضعنا الانسحاب على جدول الأعمال.
 
وفي حديث آخر، شدّد عراقجي على أن المبدأ هو مصلحة البلاد، وليس الحفاظ على الاتفاق النووي، مضيفاً: "إذا كانت مصالح البلاد تتطلّب التّخلي عن الاتفاق النووي، فسيحدث ذلك".
 وقال في مؤتمر صحفي حول حظر الانتشار النووي في موسكو "من الواضح أنه عندما لا يكون الاتفاق في مصلحتك، فلا يوجد سبب لأن تلتزم بتعهداتك، الجميع يعرف أن توازن الاتفاق اختلّ تماماَ، أيّ اتفاق قائم على أخذ وعطى. إذا كانت إيران ستمنح فقط ولن تحصل على أي شيء في المقابل، فلماذا يجب أن نبقى في هذه الاتفاقية؟
 
 تغيير موقف إيران في القضية النووية
 في معرض التذكير بتعاون إيران بشأن القضية النووية، هدّد عراقجي الأطراف الغربية المنضمة في الاتفاق النووي بطريقة ما قائلاً: "إذا كانت مكافأة إيران بعد كل هذا التفاعل والمفاوضات والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية هو أن تكون مرة أخرى خاضعة للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فهذا يعني أن "عقيدتنا النووية" كانت خاطئة، ونحن بحاجة إلى إعادة النظر في سياستنا وعقيدتنا النووية.
 وقال حسن روحاني في اجتماع لمجلس الوزراء في شهر مايو / أيار الحالي: "إن رفع حظر الأسلحة جزء لا يتجزّأ من الاتفاق النووي، إذا كان من المقرّر أن يعود حظر الأسلحة تحت أيّ عنوان كان، فإن ردنّا هو نفس ما كتبته في رسالة إلى قادة P4 + 1 في الفقرة الأخيرة، وهؤلاء القادة يعرفون جيّداً ما سيكون ردّنا في ذلك اليوم، وهم يعرفون ما هي العواقب الوخيمة للخطأ عليهم.
تُظهر هاتان المسألتان أن إيران تحاول إخبار الأوروبيين من خلال تبنّي استراتيجية متماسكة ورادعة أنه إذا كان نقضهم بالتزاماتهم سيستمر وأن ايران ستزال غير جادّة ضدّ المطالب الأمريكية المتزايدة، فإن البلاد ستكون قادرة على الرد بشكل مناسب من خلال اتخاذ إجراءات مناسبة تصبّ في مصلحة البلاد وتقابل أمريكا