عداء واشنطن يكبر: بكين تُهدّد أمننا القومي

عداء واشنطن يكبر: بكين تُهدّد أمننا القومي

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٩ يوليو ٢٠٢٠

يتّسم التوتر الأميركي ــ الصيني المتصاعد بعدائية غير مسبوقة تغذّيها إدارة دونالد ترامب بمجموعة إجراءات تهدف بها إلى احتواء «أكبر تهديد للأمن القومي الأميركي»، كما خلص إليه «مكتب التحقيقات الفيدرالي». خلاصةٌ تضاف إلى جملة عوامل تسعِّر الخلاف المحتدم بين القوّتين الاقتصاديتين منذ بدء تفشّي «كورونا»، وصولاً إلى اعتماد قانون الأمن القومي في هونغ كونغ
لم تكن سياسة الإدارة الأميركية واضحة بهذا القدر تجاه علاقتها مع الصين أكثر من الآن، فقد احتدم التوتّر إلى درجة يمكن أن تضع أكبر قوّتين اقتصاديتين في العالم «على شفير حرب باردة جديدة»، كما قالت بكين أخيراً. لم تكن تلك مبالغة، أو ردّ فعل يتساوق مع مرور العلاقات بمرحلة ركود، ثم فاقمته أزمة «كورونا»، بل هي أزمةٌ اشتغلت الولايات المتحدة على استغلالها إلى أقصى حدّ ممكن، سعياً منها إلى تحميل الصين تبعات تداعياتها عالمياً، والتهديد بمعاقبتها بوصفها منشأ الوباء. من هنا، لا يمكن فصل تصريحات مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كريستوفر راي، القائلة إن الصين تمثّل أكبر تهديد للأمن القومي، عن سياق ما دأبت الإدارة الحالية على تسويقه، والعمل انطلاقاً منه، ولا سيّما في ملف التجارة، والآن هونغ كونغ حيث فرضت بكين قانوناً للأمن القومي يهدف إلى الحدّ من النزعة الانفصالية المتنامية في المدينة.
اليوم، تمضي إدارة دونالد ترامب بحملة هجوم واسعة ضدّ الصين، لا يبدو أفقها واضحاً بعد. وبانضمام FBI علناً إلى «جهد» تفنيد الأخطار الصينية التي ربطها بالتجسُّس، تكون عدّة الشغل الأميركية قد اكتملت. تحدّث كريستوفر راي في ندوة حوارية أمام «معهد هادسون» عن شبهات في تجسّس اقتصادي صيني قال إن حالاته تزايدت بنسبة 1300% في العقد الأخير. ويمثّل خطر هذا التجسّس، كما يقول، «أكبر تهديد طويل الأمد» للولايات المتحدة في مجال المعلومات والملكية الفكرية والاقتصاد. ويضيف: «هذا يمثّل تهديداً لأمننا الاقتصادي، وعلى نطاق أوسع لأمننا القومي»، لافتاً إلى أن «العمليات الاستخبارية» الصينية تشمل الدفع في اتجاه خيارات تناسبها في انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة: «ليس التهديد خاصاً بالانتخابات. إنه تهديد قائم على مدار العام، وفي كل وقت. لكنّه بالتأكيد يحمل تبعات على الانتخابات، وهم (الصينيون) بالتأكيد لديهم تفضيلات تتماشى مع ذلك».
في هذا الوقت، تستكمل واشنطن إجراءاتها لمعاقبة بكين، على خلفية قانون الأمن القومي في هونغ كونغ، الساعي إلى الحدّ من الأنشطة التخريبية والنزعة الانفصالية، رداً على حراك احتجاجي انطلق قبل عام في المدينة ضدّ توسع نفوذ الحكومة المركزية الصينية في الإقليم. في هذا السياق، ذكرت وكالة «بلومبرغ» الأميركية أن مساعدي الرئيس يدرسون تقويض ربط دولار هونغ كونغ بالدولار الأميركي كجزء من الجهود المبذولة لمعاقبة الصين. وفق وكالة الأنباء المالية، إنّ فكرة بعض المسؤولين في فرض ضغوط على الارتباط المستمرّ منذ 37 عاماً، ربّما عن طريق تقييد وصول المصارف المحلية إلى الدولار الأميركي، هي أحد الإجراءات المطروحة، فيما تنظر واشنطن في سبل الردّ على القانون المفروض. خطوةٌ تقول مصادر نقلت عنها الوكالة إنها لم تُناقش بعد على مستويات عليا في إدارة ترامب، فيما يوضح محلّلون أنّ مثل هذا الإجراء غير مرجّح، نظراً إلى تبعاته السلبية على الأسواق العالمية.
إلى ذلك، تبادلت الولايات المتحدة والصين فرض قيود على منح تأشيرات الدخول في إطار خلافهما في شأن التيبت، ما يفاقم التوتر الدبلوماسي بينهما. وأعلنت بكين أمس فرض قيود على القادمين من الولايات المتحدة الذين «يسيئون التصرّف» في ما يتعلّق بالقضايا المرتبطة بالتيبت، رداً على قيود مماثلة كشفت عنها واشنطن أول من أمس. في هذا الشأن، قال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إن بلاده ستتّخذ إجراءات بحقّ عدد لم يحدّده من المسؤولين بموجب قانون أميركي أقرّه الكونغرس عام 2018 للضغط على الصين من أجل دفعها إلى السماح للأميركيين بزيارة المنطقة الواقعة أقصى غرب البلاد، مجدِّداً دعوته إلى «حكم ذاتي جدّي» في التيبت.