تضييق الخناق على نتنياهو.. هل يتجه مجلس الوزراء نحو الحل؟

تضييق الخناق على نتنياهو.. هل يتجه مجلس الوزراء نحو الحل؟

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ٢٢ يوليو ٢٠٢٠

تتزايد الانتقادات ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع تفشي فيروس كورونا المستجد بشكل كبير في الأراضي المحتلة. حيث اشتدت الخلافات في الأوساط السياسية حول أداء حكومة نتنياهو، كما انتقد المجتمع الإسرائيلي الوضع الاقتصادي ونظّم احتجاجات مستمرة ومتنامية. يبقى أن نرى ما إذا كان نتنياهو، الذي تعرض لانتقادات بسبب تطبيق ما يسمى بمشروع "ضم الضفة الغربية"، سينجو أم إنه سيغرق في موجة الانتقادات الحاصلة.
 
استمرار الاحتجاجات في الشوارع
 
خلال الأسبوعين الماضيين، احتجت مجموعة من الصهاينة في الأراضي المحتلة في شوارع تل أبيب والقدس المحتلة في المساء، وانتقدوا الوضع الاقتصادي الناتج عن أزمة كورونا. هذه الفئة من الناس - وهم بالأغلب من رجال الأعمال وأصحاب الأعمال والموظفين - انتقدوا أداء حكومة نتنياهو. ويقولون إن العُطل المفرطة أضرت بهم بشدة، وعلى مجلس الوزراء أن يخصص مجموعة من المساعدات النقدية وغير النقدية للمتضررين من أزمة كورونا.
واستمرت الاحتجاجات في الأيام الأخيرة في تل أبيب والقدس، حيث اعتقلت الشرطة الإسرائيلية حوالي 30 متظاهراً، في غضون ذلك أصيب عناصر من شرطة الكيان الصهيوني خلال اشتباكات مع المتظاهرين. وشهدت الاحتجاجات في هذه الأيام، استخدام المتظاهرين لرذاذ الفلفل ضد الشرطة الإسرائيلية، الأمر الذي أثار القلق لدى مسؤولي الأمن الإسرائيليين. لأن استمرارية هذه الإعمال يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تطوّر أعمال العنف ضد شرطة الكيان الصهيوني.
وأثناء هذه الاحتجاجات، سيتم إغلاق الشوارع الرئيسة في تل أبيب ومدينة القدس وسيكون من المستحيل المرور في هاتين المدينتين. إن استمرار هذه الاحتجاجات، بالإضافة إلى الاستياء العام والأضرار الاقتصادية، يمكن أن يؤدي إلى اتساع نطاقها في المدن الفلسطينية المحتلة الأخرى، مما سيخلق أزمة جديدة للصهاينة.
 
انتقاد نتنياهو في الأوساط السياسية
 
نتنياهو، الذي تعرض لانتقادات شديدة على المستوى الداخلي لأنه أعطى أولوية لمشروع ضم الضفة الغربية ونهر الأردن، فقد أصبح في دائرة الانتقاد أيضاً بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، رغم تأجيله لمشروع الضم. فبعد تزايد الإصابات بكورونا في اسرائيل، يسعى نتنياهو لفرض حظر تجوال جديد والإعلان عن إغلاق عام آخر في الأراضي المحتلة بناء على توصيات مسؤولي وزارة الصحة الإسرائيلية، لكن هذا الأمر سيزيد من حدة الاحتجاجات من جهة، وأنه قد قوبل بمعارضة ومخالفة بعض المسؤولين السياسيين من ناحية أخرى.
في الآونة الأخيرة، ذكرت صحيفة يديعوت العبرية أن نتنياهو ينوي إقالة السيدة يفعات شاشا بيتون، رئيسة الخلية الخاصة لمكافحة فيروس كورونا في الكنيست الصهيوني. وكتبت الصحيفة أن الشخص المعني لا يؤمن بإغلاق الأماكن العامة وأنها رفضت قرار حكومة نتنياهو بإغلاق المطاعم والصالات الرياضية وقاعات السباحة.
وقد أعيد فتح هذه الأماكن العامة منذ الأسبوع الماضي بقرار من خلية مكافحة كورونا التابعة للكنيست، ومن المفترض أن يتم إغلاقها مرة أخرى بموافقة مجلس الوزراء، ولكن لم يتم تنفيذ القرار لغاية الآن بسبب الخلافات بين الطرفين. ولذلك يرغب نتنياهو الآن تغيير رئيس اللجنة كي يتم تنفيذ قرار مجلس الوزراء. في هذه الأثناء، كان نتنياهو موضع انتقاد شديد أثناء الاحتجاجات في الشوارع بسبب إغلاقه المنشآت العامة والاقتصادية. من ناحية أخرى، تدخل بيني غانتس في هذا الصراع لمنع اقالة رئيس خلية الأزمة التابعة للكنيست الصهيوني.
 
انتقاد الشخصيات السياسية لنتنياهو
 
على الرغم من هاتين الأزمتين، الاحتجاجات وكورونا، يتعرّض نتنياهو حالياً لانتقادات سياسية أيضاً، حيث دعا أفيغادور ليبرمان، زعيم حزب يسرائيل بيتينو، إلى تغيير نهج الحكومة تجاه التعامل مع فيروس كورونا، منتقداً أداء حكومة نتنياهو في التعامل مع الوباء. وقال إن الأزمة يجب أن تُحلّ بالاتفاق لا بالصراع، ويجب اتخاذ القرارات بناء على البيانات والمعلومات الصحيحة.
وفي هذا السياق، دعا عضو الكنيست عوفر كاسيف، عضو القائمة العربية المشتركة، إلى احتجاجات سلمية وخالية من العنف في الشوارع ضدّ أداء نتنياهو. وقال "يمكننا أن نخرج الآلاف من الناس إلى الشوارع في جميع أنحاء فلسطين ضد حكومة نتنياهو الفاسدة. لقد حان الوقت لثورة مدنية ضد الاستغلال والفقر والجوع والبطالة".
 
زيادة الخلافات في الأوساط السياسية
 
في الوقت الذي يتزايد فيه الانتقاد على المستوى الاجتماعي والسياسي لنتنياهو، تتزايد حدة الانقسامات داخل الأوساط السياسية بين التيارات المختلفة. حيث انتقد بتسلئيل سموتريتش، وزير المواصلات السابق والعضو الحالي في الكنيست الصهيوني، بشدة وسائل الإعلام اليسارية الصهيونية لتغطيتها احتجاجات تل أبيب والقدس، قائلا إن الاحتجاجات التي حصلت منذ سنوات عديدة في مدن مختلفة، تمت تغطيتها لأنها كانت مهمة وليست حزبية، لكن الاحتجاجات الحالية يحركها يساريون ولا يجب تغطيتها إعلاميا بهذه الطريقة. لأنهم ينتشرون بشكل منحاز تمامًا وبوجهة نظر يسارية. وفي الوقت نفسه، قام وزير المالية في حكومة نتنياهو، يسرائيل كاتز، دعما لنتنياهو، بتوبيخ المدير العام للوزارة المذكورة لانتقاده نتنياهو. وتتزايد هذه الأفعال بسرعة داخل الكابينة الوزارية وفي الأوساط السياسية، مما قد يخلق أزمة أخرى.
 
هل سيستمر نتنياهو؟
 
إن ما ذُكر آنفا، أظهر مجموعة من الانتقادات الموجهة ضد نتنياهو. فمن ناحية، تعرض الأخير لانتقادات حادة بسبب تنفيذه لخطة "ضم الضفة الغربية" المزعوم، في حين يعارض اليمين نوع وطريقة تنفيذ هذه الخطة، كما يرى اليسار عدم وجود ضرورة للضم بهذه الطريقة. فعلى المستوى السياسي، يحاول معارضو نتنياهو التمسك بأي قضية تدينه بالإضافة الى الأطراف التي تسعى لوضع العصا في عجلته.
أما على المستوى الاجتماعي، فقد أثارت أزمة كورونا والمشاكل الاقتصادية الناجمة عنها احتجاجات في تل أبيب والقدس، والتي من شأنها أن تنتشر كالنار في الهشيم داخل الأراضي المحتلة. في ظل هذه الظروف، هل يستطيع نتنياهو الاستمرار أم سيخضع لهذه الضغوط؟ يبدو أنه إذا استمر هذا الوضع، فمن الممكن أن تقود هذه الأوضاع نتنياهو إلى التحرك نحو حل الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة. وإذا ما حدث ذلك، فسيؤدي ذلك إلى صحة تكهنات الخبراء الذين يدعمون بيني غانتس، أنه لن يكون بإمكان نتنياهو تولي منصب رئاسة الوزراء، ما يؤدي الى خلق أزمة جديدة لنتنياهو.