القمّة الأفريقية لأزمة «النهضة»: خطوة... لكن إلى الخلف

القمّة الأفريقية لأزمة «النهضة»: خطوة... لكن إلى الخلف

أخبار عربية ودولية

الخميس، ٢٣ يوليو ٢٠٢٠

خطوة جديدة، لكن إلى الخلف، هكذا جاءت نتائج القمة الأفريقية المصغّرة التي ناقشت أزمة «سد النهضة». انتهت القمة بتمرير لما رغبت فيه إثيوبيا، وخضوع مصري اضطراري، وسط مماطلة جديدة لا أمد معلوماً لها
 تُواصل مصر الخضوع للمطالب الإثيوبية بشأن «سد النهضة» وتقديم تنازلات لا تنتهي حتى بحضور الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، نفسه للقاءات الأخيرة، في وقت يتعقّد فيه الموقف مع قرب الانتخابات الإثيوبية، وخاصة أن نظام أبي أحمد يجد في السد فرصة لتحقيق مكاسب داخلية، وهو ما سبق أن تفهّمته القاهرة وقدمت فيه كثيراً من التنازلات. وبرغم إظهار نية إثيوبية لإنشاء ثلاثة سدود أخرى على نهر النيل، وافق السيسي على تقسيم المفاوضات إلى شقّين: الأول مرتبط بتوقيع اتفاق قانوني بين مصر والسودان وإثيوبيا «ملزم لها بشأن قواعد ملء وتشغيل السد»، والثاني بلورة اتفاق شامل لأوجه التعاون المشترك بين الدول الثلاث في ما يخص استخدام مياه النيل.
نتائج القمة الأفريقية المصغّرة، التي حصلت عبر «فيديوكونفراس»، جاءت إيجابية إثيوبياً، سواء من ناحية تقسيم الاتفاق، أو إعادة النظر في الحصص الخاصة بكل دولة من النيل، وهي القضية التي طرحتها أديس أبابا في الشهور الأخيرة، بعدما سبق أن وعد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، بمناقشة موارد المياه في كل دولة ومدى احتياجها من النيل، وخاصة مع تعدد روافد المياه في إثيوبيا. وفق مصادر في وزارة الخارجية، خلصت القمة إلى أن الاتفاق الأول سيتضمن آلية قانونية ملزمة لفضّ النزاعات «يحق لأي من أطراف الاتفاق اللجوء إليها لحل أي خلافات قد تنشأ مستقبلاً حول تفسير أو تنفيذ الاتفاق، مع تأكيد اعتبار سد النهضة مشروعاً لتوليد الكهرباء وليس لاستهلاك المياه، وعدم إقحام أي طموحات مستقبلية بشأن السد في المفاوضات الحالية».
وبينما أعلن مكتب أحمد انتهاء المرحلة الأولى من ملء السد، قال وزير خارجيته، جيدو أندارجاشيو، في تغريدة باللغة الأمهرية أمس، عبر حسابه على «تويتر»: «سابقاً كان النيل يتدفق، والآن أصبح في بحيرة، منها ستحصل إثيوبيا على تنميتها المنشودة... النيل لنا»، في مخالفة واضحة لنتائج قمة الاتحاد التي بدأت أعمالها قبل ثلاثة أسابيع، وتعهد فيها رئيس الوزاء الإثيوبي ألا يتخذ خطوات أحادية. أما وزير الري السوداني، ياسر عباس، فأكد أن المفاوضات «فكّت الارتباط بين التنمية المستقبلية التي ترغب فيها إثيوبيا، وبين السد والملء الأول له»، مشيراً إلى أن بلاده اعترضت رسمياً على الخطوة الأحادية بملء السد في المرحلة الأولى، في مخالفة للتفاهمات، علماً بأن مصر لم تصدر أي تصريحات رسمية حول هذا الأمر، وهل اعترضت أم لا، وخاصة أن طبيعة جسم السد تجعل عملية الملء تجري تلقائياً.
يعلق مصدر مصري مطلع بالقول إن بلاده باتت ترغب في حل الأزمة عبر الاتحاد الأفريقي، برغم قناعتها بأن ما تقوم به أديس أبابا مضيعة للوقت، ومحاولة لفرض الأمر الواقع بعدما تأكدت من استحالة الحصول على قرار من مجلس الأمن نتيجة «فيتو» صيني شبه مؤكد. ويضيف: «القاهرة تسعى إلى تأكيد فشل وساطة الاتحاد الأفريقي قبل التصعيد، وخاصة مع وجود مراقبين من جهات عدة في محاولة لإقناع الصين ألا تعترض على القرار في حال طرحه للنقاش في مجلس الأمن». ويشير المصدر إلى أن القاهرة «حصلت على دعم أميركي كبير من إدارة دونالد ترامب»، مع وعود منها بممارسة ضغوط على الإثيوبيين من أجل التوصل إلى تسوية خاصة مع رفضهم التوقيع على مسودة الاتفاق الناتجة عن مفاوضات واشنطن منذ شباط/فبراير الماضي، فيما ذكرت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية أمس أن إدارة البيت الأبيض «تدرس حجب بعض المساعدات عن إثيوبيا بسبب المشروع».
على الصعيد الدبلوماسي، تواصل الخارجية المصرية الحشد للحصول على دعم دولي بعدما حصلت على تأييد من الجامعة العربية، في وقت لا يزال فيه الموقف الخليجي غير محدد برغم مناقشة السيسي المسألة شخصياً مع حكام السعودية والإمارات أملاً في ممارستهم الضغوط على أديس أبابا التي لها مصالح معهم. تقول مصادر دبلوماسية إن القاهرة حصلت على وعد إثيوبي بالتوقيع على اتفاق شامل فور إجراء الانتخابات البرلمانية وفوز أحمد برئاسة الحكومة، وهو ما لا يمكن أن يحدث قبل بداية العام المقبل، في خطوة ترى القاهرة أنها باتت الرهان الوحيد أمامها حالياً وخاصة أن الانتخابات المقرّرة الشهر المقبل أُرجئت بسبب فيروس كورونا وهو ما زاد تعقيدات الموقف.