بوتين مطمئنّ إلى «النصر»: روسيا تقترب من إسقاط ماريوبول

بوتين مطمئنّ إلى «النصر»: روسيا تقترب من إسقاط ماريوبول

أخبار عربية ودولية

الأربعاء، ١٣ أبريل ٢٠٢٢

في انتظار بدء العملية الروسية للسيطرة على كامل إقليم دونباس شرقيّ أوكرانيا، تقترب موسكو من السيطرة على مدينة ماريوبول الاستراتيجية على بحر آزوف. وستُعدّ هذه السيطرة، لدى تَحقُّقها، تطوّراً نوعياً في مسار العملية، التي أكد الرئيس فلاديمير بوتين، أمس، أنها ستُحقّق أهدافها «من دون أيّ شكّ»، مشدّداً على استحالة عزل بلاده، على رغم حرب العقوبات الشاملة التي أطلقها الغرب ضدّها
تمضي روسيا في عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، في وقت يضرب الجمود الجهود الديبلوماسية بين موسكو وكييف، بعدما كانت الأجواء توحي بأن ثمّة تقدُّماً، عزَّز احتمالاته قرار موسكو سحب جنودها من مقاطعة كييف ومدينة تشيرنيغوف الشمالية، لإعطاء دفعة للمفاوضات. لكن الموقف تبدّل إثر الجلبة التي أثيرت حول مجزرة بوتشا الأوكرانية، حيث توقّفت جولات التفاوض، مع إعلان موسكو تراجع كييف عما اتُّفق عليه في جولة إسطنبول، وتقديمها شروطاً جديدة مرفوضة من قِبَل روسيا. وتُضاف إلى كلّ ذلك حالة التحشيد الغربي المتزايد ضدّ موسكو، والتي تمثّلت بعض مظاهرها في زيارات رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ومنسّق الأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إلى كييف، ولقائهم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي. وهو ما ترافق مع زيادة الدعم العسكري الأميركي والأوروبي لأوكرانيا، الأمر الذي تنظر إليه روسيا على أنه وسيلة لإطالة أمد الحرب، وإفشال المساعي الديبلوماسية لإنهائها، عوضاً عن الضغط على كييف للالتزام بما اتُّفق عليه في المفاوضات.
إزاء ما تَقدّم، أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس، أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ستُحقّق أهدافها «من دون أيّ شكّ»، مُجدّداً القول، في كلمة بمناسبة «يوم الفضاء»، إن الهدف الرئيس للعملية «هو مساعدة سكان دونباس وشعب دونباس الذي اعترفنا به، واضطررنا إلى القيام بذلك لأن سلطات كييف، بتشجيع من الغرب، رفضت الامتثال لاتفاقات مينسك الهادفة إلى حلّ سلمي للقضية». وأشار بوتين إلى أن «أوكرانيا بدأت تتحوّل إلى موطئ قدم مناهض لروسيا، وبدأت براعم القومية والنازية الجديدة التي كانت موجودة منذ فترة طويلة، في النموّ هناك»، مضيفاً أنه «جرت تغذية نمو النازية الجديدة بشكل متعمّد، وكان صدام روسيا مع هذه القوى أمراً حتمياً، لقد كانوا بصدد اختيار التوقيت المناسب للهجوم». وحول مجريات العملية العسكرية، أشاد بوتين بأداء الجيش الروسي، معتبراً أنه يتصرّف «بشجاعة وكفاءة مهنية وفعالية»، لافتاً إلى أنه يستخدم «أحدث أنواع الأسلحة التي تتميّز بمواصفات فريدة من نوعها، لا مثيل لها». وحول المواجهة مع الغرب، أكد استعداد روسيا للتعاون مع جميع الشركاء الذين يرغبون في ذلك أيضاً، مشدّداً على استحالة عزل بلاده.
وفي سياق متصل، أجرى بوتين محادثات مع الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، ناقشا خلالها تشكيل «فضاء دفاعي واحد وقضايا أمنية» لدولة الاتحاد. وفي المؤتمر الصحافي المشترك بينهما، أكد بوتين أن «ما يحدث في أوكرانيا مأساة، لكن روسيا لم يكن أمامها خيار». وحول المفاوضات مع كييف، اعتبر بوتين أن «البرنامج البيلاروسي مناسب تماماً لمزيد من الاتصالات». وعلى صعيد آخر، أشار الرئيس الروسي إلى أن اعتماد الروبل في مدفوعات الغاز مع مينسك يقلّل من التأثير السلبي للعقوبات الغربية، بما في ذلك على بيلاروس، ورأى أن على موسكو ومينسك تعزيز اندماجهما في الوقت الذي أطلق فيه الغرب العنان لحرب عقوبات شاملة، مضيفاً أن روسيا وبيلاروس نفّذتا بالفعل أكثر من ثلث خطط التكامل المخطّط لإنجازها بحلول نهاية العام 2023. من جهته، اعتبر الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، أنه لو تأخّرت روسيا في إطلاق عمليتها العسكرية في أوكرانيا، «لكانت أراضيها قد تعرّضت لضربة قاضية». وحول ما حصل في بوتشا، اتّهم لوكاشينكو لندن بالوقوف وراء ذلك «الاستفزاز»، عادّاً إيّاه «عملية خاصة بريطانية»، مبدياً استعداد مينسك لتقديم مواد للتحقيق.
ميدانياً، تُواصل موسكو حشد قواتها على جبهة دونباس، في انتظار ساعة الصفر للسيطرة الكاملة على الإقليم، بحدوده الجغرافية المعترَف بها وفق دستور جمهوريتَي لوغانسك ودونيتسك. أمّا على جبهة مدينة ماريوبول، فقد اقتربت القوات الروسية و«الشعبية» من السيطرة الكاملة على المدينة الاستراتيجية الواقعة على بحر آزوف، حيث ضيّقت المساحة التي تتواجد فيها قوات البحرية الأوكرانية، بعد إحكامها سيطرتها على ميناء المدينة. وعلى خلفية ذلك، نشر اللواء 36 من مشاة البحرية الأوكرانية بياناً على الإنترنت، أكد فيه أن اللواء يواجه خطر التدمير الكامل.
في هذا الوقت، أعيدَ الحديث، خلال الأيام القليلة الماضية، عن نيّة كلّ من السويد وفنلندا الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي»، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية قيام الأخير بنشر منظومات أسلحة هجومية في هاتين الدولتين، مُوجَّهة ضدّ روسيا، فضلاً عن دمج كامل بنيتهما التحتية العسكرية والأمنية ومجمّعات التصنيع الحربية فيهما، ضمن منظومة «الناتو» الحربية. وفي حال تَحقّق هذا السيناريو، قد تعمد روسيا إلى تسخير إمكانيات الردع والإنذار المبكر المتوافرة في ترسانتها العسكرية، لردع ذلك التهديد. وبحسب الخبير العسكري، إيغور كوروتشينكو، فإن روسيا ستنشر أسلحة تكتيكية نووية في المنطقة العسكرية الغربية من أراضيها، كما ستزوّد بها تشكيلات أسطولَي بحر البلطيق والشمال، في إجراء يستهدف الحدّ من القدرات الهجومية لـ«الناتو»، خصوصاً أن تصدّي روسيا للتفوّق «الأطلسي» في إجمالي عدد القوات وأنظمة التسليح التقليدية، غير ممكن إلّا بهذه الطريقة غير التقليدية فقط. وبذا، فإن المخرج الوحيد من الوضع غير المتوازن الماثل أمام الروس، هو تعزيز دفاعات حدودهم الغربية، بتزويد قوّاتهم بمنظومات صاروخية تكتيكية نووية متوسّطة وقصيرة المدى، تُوجَّه نحو دول «الناتو» التي يأتي منها الخطر الحقيقي، لا سيما في ظلّ استمرار التطنيش الغربي للمطالب والهواجس الروسية.