إسرائيل تشعل الضوء الأحمر: العالم ينبذنا!

إسرائيل تشعل الضوء الأحمر: العالم ينبذنا!

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ٢٩ أبريل ٢٠٢٢

في وقت تتّسع فيه دائرة التعاطف مع القضية الفلسطينية في أرجاء العالم، تُسجّل مراكز الأبحاث المهتمّة بما يسمّى «معاداة السامية» تصاعداً دراماتيكياً في «الجرائم» المرتكبة على هذه الخلفية، والتي ارتفعت بنسبة 74% في بعض الدول، على خلفية العدوان الأخير على غزة والهَبّة التي رافقته في الداخل المحتلّ. ولا يفتأ هذا التصاعد «الجدلي» يثير قلق إسرائيل، التي استثمرت موارد هائلة في الحرب على «اللاسامية»، توازياً مع اشتغالها بجدّ على جعل السامية مساوِية للصهيونية، بما يتيح لها، في كلّ مرّة، إشهار البطاقة الحمراء بوجه كلّ من يرفض سياساتها العدوانية والاستيطانية والإحلالية
بمناسبة حلول ذكرى «الهولوكوست»، أعدّ «مركز البحوث اليهودية الأوروبية» التابع لجامعة تل أبيب، دراسة قارن فيها أعداد «الحوادث ضدّ اليهود» بين عامَي 2020 و2021. وأظهرت نتائج دراسته، التي نشرتها مختلف وسائل الإعلام العبرية، أنه سُجّل ارتفاع بنسبة 74% في الحوادث المرتكَبة في فرنسا، و35% في أستراليا، و34% في بريطانيا، و28% في ألمانيا، و21% في الولايات المتحدة. وعزا باحثو المعهد «تنامي العداء للسامية» إلى هَبّة أيار من العام المنصرم، ووباء «كورونا» الذي حيكت حوله نظريات مؤامرة «اتّهم بعضها إسرائيل واليهود بالوقوف وراء ابتكاره ونشره في العالم». وطبقاً للدراسة، فإن تصاعد ظاهرة «العداء للسامية» حقّق نسباً خطيرة، في ظلّ الارتفاع الدراماتيكي في عدد الهجمات على هذه الخلفية في سلسلة من الدول. واعتبر المُعدّون أن تعاظم قوى اليسار واليمين المتطرّف على حدٍّ سواء يقف وراء هذه الزيادة، على اعتبار أن هؤلاء يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي و«الشبكات المظلمة» (الدارك ويب) كـ«منصّة لبثّ الأكاذيب والمواد التحريضية»، من دون قيود ولا رقابة. كذلك، اتّهم الباحثون، الذين يعتبرون إسرائيل «الوصيّ على يهود العالم»، إيران بأنها «تستثمر أدوات وميزانيات ضخمة من أجل بثّ أفكار لاسامية ضدّ إسرائيل، وخصوصاً في كلّ من أميركا اللاتينية والولايات المتحدة».
وركّزت الدراسة على سلسلة من الحوادث المرتبطة بـ«العداء للسامية» سنة 2021، كانت مراكز البحوث قد وثّقتها، فيما تعاملت معها سلطات إنفاذ القانون حول العالم، ونشرت جهات إعلامية ومنظّمات يهودية تقارير بشأنها. فمثلاً في نيويورك، سُجّل وقوع 214 «جريمة كراهية ضدّ اليهود»، بالمقارنة مع 126 حادثة كهذه حصلت في عام 2020. أمّا في لوس أنجلوس، فقد أفادت الشرطة بأنها تعاملت مع 79 حادثة مشابهة، بالمقارنة مع 40 عام 2020. وتبيّن أنه في خلال العدوان الأخير على غزة، وقعت أكثر من 251 حادثة في غضون ثلاثة أسابيع فقط، ما يُعتبر رقماً مهولاً قياساً إلى الفترة الزمنية، بالمقارنة مع الفترة ذاتها من أعوام سابقة. إضافة إلى ذلك، أوردت الدراسة معطيات من الاستطلاع السنوي الذي تعدّه «اللجنة اليهودية الأميركية»، ومفادها أن 2.6% من يهود الولايات المتحدة تعرّضوا لاعتداء جسدي على خلفية «معاداة السامية»، فيما أشارت معطيات «رابطة مكافحة التشهير» الأميركية إلى أنه طرأ ارتفاع بنسبة 27% بالمقارنة مع عام 2020، و113% بالمقارنة مع عام 2019، في عدد حوادث الاعتداء اللفظي على الخلفية نفسها، وتحديداً من قِبَل أنصار وكوادر المنظّمات التي تؤمن بـ«تفوّق العرق الأبيض».
أمّا في فرنسا، فقد وثّقت «سلطات حماية الجاليات اليهودية»، بالتعاون مع وزارة الداخلية، وقوع 589 حادثاً مرتبطاً بـ«العداء للسامية» في عام 2021، ما يعني ارتفاعاً بنسبة 74% بالمقارنة مع عام 2020. وفي كندا، سجّلت منظمة «بني بريت»، التي تُعتبر واحدة من أقدم منظّمات الخدمات اليهودية في العالم، رقماً قياسياً هو الأعلى منذ عام 1982، حيث أحصت في شهر أيار 2021 وقوع 266 حادثاً، بزيادة بنسبة 54% بالمقارنة مع 2020. وبالانتقال إلى ألمانيا، فقد وثّقت الشرطة في عام 2021 وقوع 3028 حادثة مرتبطة بـ«اللاسامية»، بارتفاع بنسبة 28.8% عن عام 2020، و49% عن عام 2015. وفي المملكة المتحدة، أعلنت «منظّمة الخدمات الجماهيرية» (CST) وقوع 2255 حادثة، بارتفاع بنسبة 34% عن عام 2020، و24% عن عام 2019. وفي أستراليا، سُجّلت في الفترة ذاتها 447 واقعة، ما يعني ارتفاعاً بنسبة 35% بالمقارنة مع عام 2020، و21.5% عن عام 2019. كذلك، تحدّثت الدراسة عن ظاهرة «مقلقة» تعاظمت في سنة 2021، وهي أن الألمان الذين رفضوا تلقّي تطعيمات «كورونا»، شبّهوا أنفسهم بـ«اليهود خلال المحرقة». وطبقاً لادّعاء الباحثين، فإن هذا التشبيه يُعتبر «Holocaust trivialization»، أي إنكاراً أو تقليلاً من شأن «الكارثة التي حلّت باليهود خلال الحربَين العالميتَين».
إزاء ذلك، رأى رئيس «مركز البحوث اليهودية الأوروبية»، أرييه شبيط، في مقابلة له مع صحيفة «إسرائيل اليوم»، أن «تعاظم الهجمات المرتبطة بالعداء للسامية في السنوات الأخيرة، بالرغم من الاستثمار الهائل للموارد والميزانية والتشريعات في الحرب على هذا العداء، يدلّ على أن هذه المعركة لم تؤتِ أكُلها». وأضاف أنه «من السهل القول إنه يتوجّب سنّ مزيد من التشريعات والميزانيات، ولكن المطلوب فعلياً هو مراجعة وتقييم الاستراتيجيات القائمة حالياً، والجدوى منها». واعتبر شبيط أن «جرائم الحرب الروسية، والتي يرافقها استهزاء بذكرى المحرقة (في إشارة إلى استخدام روسيا عبارة «النازيون الجدد» في توصيف أعدائها الأوكران)، تشير إلى أن مَن عبّر عن التزامه بالصراع ضدّ العداء للسامية، ليس جدّياً بما يكفي، ولم يدرك بعد دروس وعِبَر الحرب العالمية الثانية». وخلص إلى أنه «يتوجّب على الشعب اليهودي أن يفهم أن الصراع ضدّ اللاسامية، والحرب من أجل إرساء الديموقراطية - الليبرالية هما وجهان لعملة واحدة».
من جهتها، رأت مؤسِّسة المركز، دانا فورت، أنه «في فترة تفشّي الوباء، وفرض الحجر الصحي، والتزام الناس بيوتهم أمام شاشات الحواسيب والهواتف، انكشف هؤلاء على نظريات المؤامرة المنتشرة في الشبكة العنكبوتية، ومن ضمنها نظريات تتّهم اليهود وإسرائيل بالوقوف وراء ابتكار ونشر الفيروس في أرجاء العالم». وبحسبها، فإن «جزءاً من الذين سمّمتهم هذه النظريات طوال فترات الحجر الطويلة، خرجوا بمجرّد إزالة الحجر إلى الشوارع، لينفّذوا اعتداءات وهجمات ضدّ اليهود، في الوقت الذي ما زالوا فيه متأثرين بهذه الأكاذيب».