قمر إيران في مداره: حلف موسكو ــ طهران يتعزّز

قمر إيران في مداره: حلف موسكو ــ طهران يتعزّز

أخبار عربية ودولية

الخميس، ١١ أغسطس ٢٠٢٢

 أطلقت إيران، أوّل من أمس، ثاني أقمارها الاصطناعية، «خيّام»، من قاعدة «بايكونور» الفضائية في كازاخستان. عملية الإطلاق التي تكفّلت بها وكالة الفضاء الروسية بسبب ثِقَل وزن القمر (600 كيلوغرام)، جرت على متن صاروخ «سويوز» الروسي الحامل للأقمار الاصطناعية، والذي يتميّز بقدرةٍ ودقةٍ عاليتَين مقارنةً بنظرائه في مختلف دول العالم؛ إذ أَنجز، حتى الآن، أكبر عدد من المهامّ الفضائيّة الناجحة. ويحمل القمر اسم عمر الخيّام، عالم الفلك والرياضيات والشاعر الإيراني الذي عاش في القرن الحادي عشر، ويتميّز بدقّة عالية في التقاط الصور عن سطح الأرض، كونه من نوع أقمار الاستشعار عن بُعد.
القمر الإيراني الذي صنعته شركة روسية بطلبٍ من طهران، وفق ما أعلن رئيس وكالة الفضاء الإيرانية، حسن سالاریه، أمس، ليس الأوّل الذي تُطلقه روسيا إلى الفضاء؛ ففي عام 2005، تمّ إطلاق القمر الاصطناعي «سينا-1»، ليستقرّ في مداره. وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أن «خيّام» انفصل عن الصاروخ الحامل، بعد ساعة واحدة من الإطلاق، واستقرّ في المدار الدائري على مسافة 500 كيلومتر من سطح الأرض. وبعد نصف ساعة، تمّ استلام أولى بيانات القياس عن بُعد. وبذلك، فإن أولى الصور التي التقطها هذا القمر، ستُنشر بعد أربعة أشهر من الآن.
وتقول المصادر الرسمية الإيرانية إن البيانات المستلَمة من القمر «خيّام»، تُستخدم خصوصاً لـ«أغراض مدنيّة»، مِن مِثل مراقبة موارد المياه، وإدارة المخاطر الطبيعية والبيئية، ومراقبة حدود البلاد. غير أن مصدراً مطّلعاً على الشؤون العسكرية، طلب عدم الكشف عن اسمه، أبلغ «الأخبار»، بأنه نظراً إلى أن سرعة حركة هذا القمر الاصطناعي مساوية لسرعة حركة الأرض، فإنه قادر على التركيز والتقاط صور عالية الدقّة للمواقع المختلفة، وهو ما يمكن أن يمنح قدرات مهمّة لإيران في المجالات العسكرية، ورصْد ومراقبة المراكز الحسّاسة، بما فيها المنشآت العسكرية الإسرائيلية، والقواعد الأميركية في المنطقة. وبحسب المصدر نفسه، فإن زيادة قدرات الجمهورية الإسلامية في رصْد ومراقبة المواقع المختلفة، إلى جانب امتلاكها صواريخ دقيقة التوجيه، سيزيد من قدراتها العسكرية التي ستكون مؤثّرة في المعارك الإقليمية.
من جهته، تحدّث عيسى زارع بور، وزير الاتصال وتكنولوجيا المعلومات الإيراني الذي كان حاضراً في قاعدة «بايكونور»، عن «بدء تعاون استراتيجي بين إيران وروسيا في مجال الفضاء»، فيما أكد رئيس وكالة الفضاء الروسية، يوري بوريسوف، أن الإطلاق الناجح للقمر الاصطناعي «خيّام»، تحوّل إلى «منعطف في التعاون الفضائي» بين البلدين. وفي الأعوام السابقة، أقامت طهران وموسكو تعاوناً وثيقاً في ما بينهما، وتحدّثتا أخيراً عن توسيع نطاقه لمواجهة العقوبات الغربية عليهما. وقد أثار التعاون الاستراتيجي بين البلدَين، لا سيما في القطاعَين العسكري والفضائي، قلق الغرب؛ إذ تتّهم الولايات المتحدة وحلفاؤها، إيران، بالعمل على تطوير برنامجها الصاروخي في إطار البرامج الفضائية، وتَعتبر ذلك منافياً لقرارات مجلس الأمن الدولي. لكن هذه المرّة، كان الصاروخ الحامل للقمر الاصطناعي، روسي المنشأ.
وأثار إطلاق القمر «خيّام» في خضمّ الحرب الروسية على أوكرانيا، هواجس الغرب من أن موسكو تستخدمه لأغراضها الحربية في كييف. وردّاً على عملية الإطلاق، حذّر متحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية، أمس، من «قدرات روسيا التجسّسية المثيرة للإعجاب»، قائلاً إن «تعاون موسكو العميق مع طهران، أمر يجب على العالم أجمع أن يراه تهديداً عميقاً». وبحسب صحيفة «واشنطن بوست»، فإن السلطات الأميركية قلقة من التعاون الفضائي بين روسيا وإيران، لأن هذه الأنشطة، وإلى جانب كونها تساعد الروس في أوكرانيا، فهي تضع «قدرات غير مسبوقة» بتصرّف الجمهورية الإسلامية لمراقبة الأهداف العسكرية المحتملة في إسرائيل والمنطقة ككلّ. لكن إيران رفضت المزاعم القائلة إن موسكو أطلقت هذا القمر لتعزيز قدراتها الاستخبارية في الحرب الأوكرانية. وبحسب الإيرانيين، فإن «خيّام» يخضع لسيادة واستثمار الجمهورية الإسلامية، وسيتمّ «منذ اليوم الأوّل» التحكُّم به وتوجيهه عبر المحطّات الإيرانية، فيما ستتسلّم البيانات المرسَلة منه، هذه المحطّات التي ستقوم بالتحكُّم به وبكامل العمليّات الخاصّة به.