استفتاءات الضمّ تكتمل: روسيا «تصحّح» حدودها

استفتاءات الضمّ تكتمل: روسيا «تصحّح» حدودها

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٢

مع إغلاق صناديق الاقتراع اليوم في المناطق الأوكرانية التي تشهد استفتاءات على الانضمام إلى روسيا، تكون هذه المناطق قد خَطت خطوتها ما قبل الأخيرة على طريق تَحوّلها، رسمياً، إلى جزء من قِوام الاتّحاد الروسي. تَحوّلٌ ستكون له حتماً انعكاساته الكبرى على مسار الحرب الروسية على أوكرانيا، ومن خلالها الصراع المحتدم بين موسكو والغرب، حيث سيُعدّ أيّ مساس بالحدود المنضوية حديثاً تحت لواء روسيا، اعتداءً مباشراً على الأخيرة، يسوّغ لها، بحسب تأكيدات فلاديمير بوتين، استخدام كلّ الوسائل الممكنة للدفاع عن نفسها بوجهه
 تُطوى، اليوم، صفحة التصويت في الاسفتاءات المنظَّمة في مناطق لوغانسك ودونيتسك وزابوروجيا وخيرسون الأوكرانية، للانضمام إلى روسيا، لتكون أنظار العالم شاخصة، إثر ذلك، إلى توقيع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على قرار ضمّ هذه المناطق إلى قِوام الاتحاد الروسي. وتُقفَل الصناديق في اليوم الخامس من عملية التصويت (الثلاثاء)، والتي شهدت كثافة في المشاركة، وفق الأرقام الرسمية. وفي انتظار صدور النتائج، التي تبدو محسومة لناحية الموافقة على الانضمام، بدأ الترقّب للخطوة القادمة، والمتمثّلة في التئام مجلس الدوما الروسي لاتّخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وهو ما يُرجَّح أن يَحدث يوم الخميس، قبل أن يُحال قرار المجلس إلى الرئيس للمصادقة عليه والاعتراف رسمياً بضمّ المناطق الأربع إلى روسيا.
وكانت روسيا استعجلت، في أعقاب الخروقات التي أحدثتها القوات الأوكرانية في خطوطها ومناطق سيطرتها في الشمال الشرقي، إعلان موعد الاستفتاءات، بعدما كانت أجّلت هذه الخطوة مراراً إلى حين «استتباب الأمن»، خاصة في الأجزاء الخاضعة لسلطتها من مقاطعتَي زابوروجيا وخيرسون، اللتَين تشهدان بين الحين والآخر هجمات تُحمّل موسكو مسؤوليتها لـ«خلايا نائمة» تُحرّكها كييف. وبينما أكد بوتين أن بلاده ستحترم قرار سكّان المناطق الأربع بالانضمام إليها، وصف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف، الخطوة بأنها «استعادة للعدالة التاريخية»، معتبراً أنها «ستُغيّر وُجهة تطوّر روسيا لعقود»، حيث سيصبح «التحوّل الجيوسياسي في العالم أمراً لا رجعة فيه». وإذ يُتوقّع أن تكون لهذه الخطوة تأثيراتها الكبرى على المسار السياسي بين روسيا وأوكرانيا، التي أعلن رئيسها، فولودمير زيلنسكي، أن بلاده لن تعود إلى طاولة المفاوضات بعد ضمّ المناطق الأربع، فإن الانعكاسات الأهمّ للاستفتاءات ستكون على مسار المواجهة العسكرية القائمة. فإلى ما قبل التصويت على الضمّ، كانت موسكو تَعتبر، أقلّه في خطابها العلَني، أنها تساعد في حماية المناطق المستهدَفة من تصعيد كييف، أمّا بعد التصويت، فستكون في حالة دفاع عن أراضيها، وبالتالي ستلجأ إلى كلّ الوسائل الممكنة للدفاع عنها، وهو ما أكّده بوتين في خطاب إعلان التعبئة الجزئية، وأعاد تأكيده ميدفيديف بالقول إن «التعدّي على الأراضي الروسية جريمة تسمح باستخدام جميع قوّات الدفاع عن النفس»، معتبراً أن «هذا هو سبب الخوف من هذه الاستفتاءات في كييف والغرب».
وفي هذا السياق، تسود قناعة في أوساط الخبراء الروس بأن مسار العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا سيتغيّر كلّياً، مع ما قد يستتبعه ذلك من تصعيد كبير بين روسيا والغرب. ويلفت نائب رئيس «لجنة مجلس الاتحاد للشؤون الدولية»، أندريه كليموف، إلى أن «رُعاة كييف الغربين لن يَقبلوا بطبيعة الحال بنتائج الاستفتاء، لكن دخول مناطق جديدة إلى روسيا سيغيّر الحقائق على الأرض»، مضيفاً أنه عقب الاستفتاءات «سيتعيّن على الغرب وأوكرانيا اتّخاذ أحد خيارَين صعبَين: إمّا قبول حقيقة أن هذه هي أراضٍ روسية، أو إدراك أنهم يقومون بعمليات عسكرية ضدّ موسكو مع كلّ العواقب المترتّبة على ذلك». ويؤكد كليموف أن روسيا «لن تتخلّى عن متر من الأرض للعدو»، مشيراً إلى أن «التغيير في الوضع القانوني سيشكّل عامل حماية إضافياً لسكّان دونباس والأراضي المحرَّرة، لأن الأمر مختلف تماماً حين تكون جزءاً من الاتحاد الروسي وتحت حماية جيشنا». وفي الاتّجاه نفسه، يجزم النائب الأول لرئيس «لجنة الدوما للشؤون الدولية»، فياتشيسلاف نيكونوف، أن «الوضع الآن سيتغيّر كلّياً، حيث أصبحنا أمام منعطف خطير للغاية»، متابعاً أن «طبيعة العملية العسكرية الخاصة ستتغيّر، وبطبيعة الحال، هذا تحدٍّ خطير للغاية لنظام العالم بأسْره، ولروسيا وقدرتها على زيادة حدّة هجومها العسكري وتحمّل الضغط الدولي ردّاً على ذلك».
أمّا أستاذ العلوم العسكرية، كونستانتين سيفكوف، فيَتوقّع أن تكون الخطوة التالية، عقب إعلان انضمام المناطق الأربع إلى روسيا، «إرسال المزيد من وحدات الجيش إلى هناك لتوفير الحماية الكاملة لمواطنيها»، فيما يشير عضو «منظّمة ضباط روسيا»، ألكسندر بيريندجييف، إلى أنه «بعد تغيير حدود روسيا، ستكون موسكو مطالَبة بحماية حدودها على شاكلة ما يحصل مع منطقة كالينينغراد، بسبب الالتزامات الجيوسياسية»، في إشارة إلى وجود المنطقة المذكورة في «بيئة معادية» لروسيا.