بعد سنوات من توقيع اتفاق المبادئ… أزمة سد النهضة لا تزال تبحث عن حل

بعد سنوات من توقيع اتفاق المبادئ… أزمة سد النهضة لا تزال تبحث عن حل

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ١٨ أكتوبر ٢٠٢٢

رغم مرور سنوات على توقيع اتفاق المبادئ بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015 لا تزال أزمة سد النهضة تبحث عن حل.
ويرى مراقبون أن أزمة سد النهضة تجاوزت التهديدات والأصوات المرتفعة ولم يعد أمام الأطراف الثلاثة سوى الطرق القانونية والدبلوماسية والحوار من أجل التوصل إلى حلول عادلة لا تنتقص من حق أي طرف.
فالسد أصبح واقعا والتنازل المصري عن حقه في مياه النيل أمر لن تقبل به القاهرة سواء اليوم أو غدا، لذا يجب تحكيم العقل تفويت الفرصة على تجار الحروب الذين يريدون إشعال المنطقة.
هل تغيرت الحلول في أزمة سد النهضة بعد أن تخطت إثيوبيا الملء الثالت بإجراءات أحادية، وما الأوراق التي لا تزال القاهرة تمسك بها؟
بداية، تقول الكاتبة السياسية المصرية المتخصصة في الشأن السوداني أسماء الحسيني، إن المساعي المصرية لحل أزمة سد النهضة لم تتوقف أبدا، ولا يخلو أي لقاء دولي سواء على مستوى القيادة السياسية أو الحكومة إلا وعبرت مصر عن موقفها تجاه تلك الأزمة لتجدد دعوتها للحل والاتفاق القانوني الملزم فيما يتعلق بالتشغيل والنواحي الفنية، وفي كل مرة تعلن مصر عن موقفها الثابت فيما يتعلق بعدم التفريط في نقطة مياه.
الحقوق الثابتة
وأضافت الحسيني، في حديثها لوكالة "سبوتنيك": "لم تدخر مصر جهدا من التذكير بحقوقها المائية في نهر النيل في المحافل الدولية والإقليمية"، مشددة على ضرورة وجود حلول عادلة للأزمة تراعي حقوق جميع الأطراف حتى يسود السلام والوفاق بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا مع عدم الردة على الاتفاقات وأن يتم مراعاة حسن الجوار ونبذ لغة التصعيد والخلافات لأن الدول الثلاث تربطهم علاقات تاريخية وطيدة".
وتابعت: "تزامنا مع التحركات في الخارج من أجل قضية السد، نجد أن هناك إجراءات داخلية مصرية لترشيد استهلاك المياه والحد من الفاقد حتى لا تتفاقم أزمة نقص كميات المياه والوصول إلى عجز مائي بنسبة أكبر، لأن مصر تواجه فقرا مائيا حتى في ظل حصتها الكاملة في نهر النيل المقدرة بـ 55 ونصف مليار متر مكعب من النيل"، مضيفة: "فكيف سيكون الحال إذا ما نقص متر مكعب من مياه".
مسألة وجود
ووصفت الباحثة في الشأن السوداني قضية المياه بأنها قضية حياة ووجود ولا يمكن التفريط فيها، وبالتالي ومن المؤكد أن هناك مساعي مصرية عديدة سواء كانت معلنة أو غير معلنة.
وحول الدور الذي يمكن أن تلعبه هيئة مياه النيل في الأزمة الراهنة بعد عودتها للاجتماع مرة أخرى في الخرطوم بعد توقف لأكثر من 4 سنوات، تقول أسماء الحسيني: "هناك حرص دائم من جانب القاهرة والخرطوم على أن يكون موقفهما موحدا".
وفي نفس الوقت كانت هناك اجتماعات بين رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، وعلقت الخرطوم على نتائج تلك اللقاءات بأن هناك سبل للحل عبر معالجة القضايا الفنية، كما أكدت أديس أبابا على أن العلاقة مع السودان لها خصوصية وأن الخرطوم يمكن أن تستفيد من سد النهضة، وعلى كل حال، فإن قضية سد النهضة ليست ثنائية وإنما هي قضية ثلاثية يجب أن تكون الحلول فيها لصالح الشعوب الثلاثة.
وجهات النظر
من جانبه، يرى الخبير السوداني في القانون الدولي- العضو السابق في مفاوضات حوض النيل، أحمد المفتي، أن الهيئة المشتركة لمياه النيل، التي استأنفت اجتماعاتها الأسبوع الماضي في الخرطوم بعد توقف دام أكثر من 4 سنوات، كان دورها منذ تكوينها، هو تسهيل التزام الأطراف باتفاقية 1959، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع طرف ثالث، حيث تشترط اتفاقية 1959، توحيد مواقف الدولتين حياله على الرغم من أنه لم يتم الالتزام بذلك فيما يتعلق بسد النهضة.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "قد يكون أحد أسباب توقف الهيئة طوال السنوات الماضية، هو الخلافات في وجهات النظر التي نشأت بين الجانبين فيما يتعلق بسد النهضة، وفي اعتقادي أن تلك الخلافات في ذلك الوقت جعلت اجتماعات الهيئة غير مجدية، لذلك توقفت كل تلك السنوات".
نقاط مهمة
وأشار المفتي إلى أن أبرز الخلافات تمثلت في رفض السودان التوقيع على مسودة الاتفاقية التي أعدتها الولايات المتحدة الأمريكية ووافقت عليها مصر ورفضتها إثيوبيا، أما الآن فقد توحدت مواقف السودان ومصر وهي المطالبة باتفاق قانوني ملزم، للملء والتشغيل.
ويرى الخبير السوداني أن الاتفاق الملزم ينبغي ألا يقتصر على الملء والتشغيل، لأن هناك أمور أهم من الملء والتشغيل مثل، أمان السد بكل تفاصيله والأمن المائي والتعويض عن الأضرار.
الدراسات وما يسفر عنها من مخاطر ينبغي معالجتها
وأكد المفتي أنه "لا يوجد إطار مؤسسي أفضل من الهيئة المشتركة لمياه النيل لمناقشة ذلك الأمر، علي الرغم من أنه لم تعلن لها أجندة تؤكد ما ذهبنا إليه"، مشيرا إلى أن الاتفاق الملزم ينبغي أن يتجاوز الملء والتشغيل، وهو ما لم تفطن له السودان أو مصر، بل فطن له المتحفظون على سد النهضة.
يذكر أنه في11 أغسطس/ آب الماضي، أعلنت الحكومة الإثيوبية تشغيل التوربين الثاني في سد النهضة لتوليد الطاقة الكهربائية.
ويأتي ذلك في ظل التوتر بين أديس أبابا من ناحية ومصر والسودان من ناحية أخرى، بسبب ما تعتبره الدولتان تأثيرا سلبيا للسد على حصصهما المائية من نهر النيل.
وكانت مصر قد وجهت خطابا في يوليو/ تموز الماضي، إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، لتسجيل اعتراضها ورفضها التام لاستمرار إثيوبيا في ملء خزان سد النهضة بشكل أحادي دون اتفاق مع مصر والسودان حول ملء وتشغيل هذا السد.
كما دعت مجلس الأمن لتحمل مسئولياته في هذا الشأن، بما في ذلك من خلال التدخل لضمان تنفيذ البيان الرئاسي الصادر عن المجلس والذي يلزم الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) بالتفاوض من أجل التوصل لاتفاق حول سد النهضة في أقرب فرصة ممكنة.
وانطلقت، الأحد الماضي، فعاليات الدورة الخامسة لـ"أسبوع القاهرة للمياه" تحت شعار "المياه في قلب العمل المناخي"، برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والذي يختتم فعالياته في يوم الأربعاء الموافق 19 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
ومن المقرر أن يشارك في "أسبوع القاهرة للمياه" في دورته الخامسة ممثلين عن 70 دولة، منهم 16 وفدا وزاريا، و54 وفدا رسميا، و66 منظمة دولية بإجمالي يزيد عن 1000 مشارك، وفقا لبيان من وزارة الري المصرية.