المقاومة تُبلور معادلة جديدة: الردّ على إسرائيل بضرْب الأميركيين

المقاومة تُبلور معادلة جديدة: الردّ على إسرائيل بضرْب الأميركيين

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٢٤ أكتوبر ٢٠٢٢

 خلافاً لما أعلنه «التحالف الدولي» في شأن الانفجارات الأخيرة في أكبر قواعده في سوريا، تؤكّد مصادر «الأخبار» أن تلك الانفجارات ناجمة عن عملية قصف جديدة نفّذتها فصائل المقاومة الشعبية ضدّ القاعدة. وبحسب المعلومات، فإن هذه العملية ليست معزولة أو استثنائية، بل هي جزء من سياق آخذٍ في التشكّل، عنوانه الواضح الردّ على الاعتداءات الإسرائيلية على الساحة السورية، باستهداف القوّات الأميركية ومراكز تواجدها هناك، الأمر الذي كانت ظهرت أولى بوادره قبل نحو عام، عندما ضُربت قاعدة التنف، ردّاً على قصف إسرائيلي طاول مجموعة من «الحرس الثوري» الإيراني آنذاك
بعد نحو أسبوعَين من استهداف مطار خراب الجير في أقصى ريف الحسكة الشمالي الشرقي، استهدفت فصائل المقاومة الشعبية، مجدّداً، أكبر قاعدة أميركية في سوريا، بعدد من القذائف، مساء السبت الفائت، ما أدّى إلى اندلاع حريق داخلها، من دون معرفة حجم الخسائر. وبينما أقرّ «التحالف الدولي» بالاستهداف ما قبل الأخير للقاعدة الواقعة في ريف المالكية، نفى الحساب الرسمي لـ«عملية العزم الصلب»، في تغريدة على «تويتر»، وبشكل غير مباشر، تَعرّض المطار للقصف مجدّداً، قائلاً إن «الجنود الأميركيين أجروا اختباراً لمنظومة المدفعية العالية الحركة للحفاظ على كفاءة الطاقم وجاهزيته». لكنّ مصادر ميدانية وأهلية متقاطعة أكدت، لـ«الأخبار»، أن «المقرّ الأميركي في حقل العمر تعرّض لخمسة صواريخ على الأقلّ، ما أدّى إلى تصاعد ألسنة النار والدخان من داخله ومحيطه»، مضيفةً أنه «عقب ذلك، أَطلقت القاعدة عدداً من قذائف المدفعية في اتّجاه مناطق سيطرة الجيش السوري في الميادين في ريف دير الزور الشرقي، حيث سقطت معظمها في الأحراش الزراعية، بالتوازي مع تحليق مكثّف للطيران المروحي والمسيّر في أجواء المنطقة». ووصفت المصادر بيان «التحالف» بأنه «يعبّر عن نصف الحقيقة، لكون الإطلاق لم يتمّ على شكل تدريبات، إنّما ردّاً على استهداف القاعدة بالصواريخ»، مرجّحةً أن يكون «الاستهداف من قِبَل فصائل المقاومة الشعبية، للتذكير بعدم وجود أيّ قبول شعبي للأميركيين في المنطقة، واستمرار الضغط لخروجهم منها». والظاهر أن «التحالف» حاول مواراة الاستهداف الأخير، لما يشكّله من إحراج له، بعد تسويقه فيديوات وصوراً عديدة طيلة الفترة السابقة، عن تدريبات على منظومات دفاعية لصدّ أيّ هجوم معادٍ ضدّ قوّاته المنتشرة في سوريا، توازياً مع نشْره بالونات مراقبة واستطلاع بشكل مستمرّ في أجواء الحسكة ودير الزور، بهدف رصد الهجمات قبل وقوعها.
على خطّ موازٍ، بدأ «التحالف» تعزيز حضوره العلني في منطقة التنف، إثر نجاح ضغوطه في تثبيت القائد الجديد لفصيل «مغاوير الثورة»، فريد القاسم، وإخماد الاحتجاجات الشعبية والعسكرية ضدّ قرار إقالة القائد السابق، مهند الطلاع. وحرص «التحالف» على إظهار الدعم للقاسم، من خلال حضور أكثر من اجتماع للمجلس العسكري لـ«المغاوير»، وإبداء الاستعداد لتقديم مزيد من الدعم للفصيل في صورة أسلحة ومعدّات ومساعدات مالية، بهدف تثبيت نفوذه، ومحاولة مساعدته في تحسين الواقع الإنساني المتردّي في مخيم الركبان المجاور لـ«التنف». ويأتي ذلك في وقت أصدر فيه الطلاع بياناً مصوَّراً أوضح فيه أن «عزله تمّ بسبب رفضه التحالف مع قسد أو الانضمام إليها، وعدم الحصول على التغطية الجوّية للهجوم على الجيش السوري بسبب التفاهمات الأميركية مع الروس، ورفْضه الضغوطات الأردنية المتكرّرة الهادفة إلى تفكيك مخيم الركبان».
من جهتها، تُبيّن مصادر من داخل منطقة الـ55 كم، في حديث إلى «الأخبار»، أن «المنطقة تُدار بشكل رئيس من المخابرات البريطانية، التي تريد الحفاظ على القاعدة من دون أيّ تغيير ميداني، مع تجنّب أيّ اشتباكات بين المغاوير والجيش السوري وحلفائه في البادية»، كاشفةً عن «طلب القائد الجديد للمغاوير، فريد القاسم، من المجلس العسكري للفصيل، إصدار قرار بتغيير اسمه إلى "جيش سوريا الحرة"، وذلك بناءً على مقترح أميركي - بريطاني، من دون أن يتّضح الهدف من ذلك»، مستدركةً بأن «الغاية في الغالب، التخلّص من مرحلة إدارة الطلاع، والتي استمرّت منذ إنشاء القاعدة وحتى الآن، مع إفساح المجال لتحالف جديد بين جيش سوريا الحرة وقسد أو الفصائل العربية المنضوية ضمنها». وتؤكد المصادر أن «التحالف بالفعل يريد إنشاء هكذا تكتّل، للتمكّن لاحقاً من نقل عناصر من الفصيل باسمه الجديد، إلى ريف دير الزور الخاضع لسيطرة قسد، بهدف توسيع الحضور العربي في المنطقة»، لافتة إلى أن «مشروع نقل المغاوير إلى شرق الفرات، تمّ طرحه بعد عملية نبع السلام التركية في عام 2019، لتعزيز حماية حقول النفط والغاز، وعدم ربط ذلك بقسد وحدها، المهدَّدة بشكل مستمرّ من الأتراك»، مضيفةً أنه «تمّ نقل طلائع منهم حينها إلى المنطقة، قبل أن يؤجَّل المشروع، بعد الإعلان الأميركي آنذاك عن الانسحاب من سوريا». وتتوقّع المصادر أن «يعمد التحالف إلى إعادة إحياء هذا المشروع من جديد، ومنْح الجسم العسكري الوليد صلاحيات ضمن مناطق سيطرة قسد، في محاولة للحدّ من سطوة القيادات الكردية على مختلف التشكيلات المدنية والعسكرية، ضمن منطقة شرق الفرات».