الجيل

الجيل "z" في الانتخابات النصفية الأميركية.. كيف أثّر في النتيجة؟

أخبار عربية ودولية

السبت، ١٢ نوفمبر ٢٠٢٢

الجيل "z" يقلب المعادلة في الانتخابات النصفية الاميركية. من هو هذا الجيل ؟ وكيف نجح في الحد من تقدم "الجمهوريين"، للمرة الثانية على التوالي؟
بينما كانت استطلاعات الرأي وتقديرات الإعلام الأميركي تشير، قبل شهور، إلى احتمال فوز الجمهوريين في الانتخابات الأميركية النصفية، قلبت عمليات الفرز المستمرة التقديرات.
الخيبة من جرّاء النتيجة، والتي مُنِي بها "الجمهوريون"، عبر منعهم من فرض "الموجة الحمراء"، أرجعها موقع "سيركل" الأميركي إلى فئة الشبّان، الذين كان لهم التأثير الكبير في الانتخابات النصفية عام 2022. فكيف نجح  هذا الجيل في قلب الموازين؟ وإعادة الديمقراطيين إلى المنافسة؟
كيف قلب الجيل "z " المعادلة؟
للمرة الثانية على التوالي، نجح جيل "z" في إنقاذ الديمقراطيين من هزيمة ساحقة، إذ إنّ 27% من الناخبين، الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً، أدلوا بأصواتهم، وفقاً لموقع "سيركل"، وهي ثاني أعلى نسبة خلال 30 عاماً.
وبحسب بيانات نشرها الموقع نفسه، في وقت سابق، فإنّ الشبّان يفضّلون الديمقراطيين بهامش 28 نقطة. من هنا، كان خيار تصويت فئة الشبان لمجلس النواب الأميركي:  63% للديمقراطيين، و35% للجمهوريين.
وبمقارنة سريعة لهذه الأرقام، مع انتخابات عامَي 2020 و2018، يُلاحظ أنّها متطابقة إلى حد ما. ففي انتخابات عام 2020، فضّل الشبانُ الديمقراطيين على الجمهوريين، بنسبة 62% إلى 36%. وتمثّل هذه الأرقام تقدماً طفيفاً لمصلحة الجمهوريين، بالمقارنة مع الانتخابات النصفية لعام 2018، بحيث كان تصويت الشبّان بين الديمقراطيين والجمهوريين: 67% إلى 32%.
وتشير التقديرات إلى أنّ أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً شكّلوا نحو 12 % من إجمالي الأصوات في هذه الانتخابات، وهو ما يماثل انتخابات التجديد النصفي لعام 2018 بنسبة 13%.
من هو الجيل "z"
الجيل "z" يأتي بعد جيل الألفية، ويمثّل مواليد الفترة بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الأول من الألفية الثانية. ويتميز أفراده بقدراتهم على استخدام التكنولوجيا والتكّيّف معها، ويتعاملون مع الشبكة العنكبوتية بكل أريحية ويُسر، وهو ما يكشف حجم تأثيرهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وإمكان  تكتلهم، ولو افتراضياً، بهدف إنجاح حزب على حساب حزب آخر، وبالتالي قلب المعادلة.
وخلافا لجيل الألفية، الذي بلغ سن الرشد، خلال فترة الكساد الكبير، كان الجيل الجديد في طريقه إلى وراثة اقتصاد قوي يرافقه معدل بطالة منخفض، بصورة قياسية. لكن جائحة كورونا نسفت ذلك المسار، وأعادت تشكيل المشهد، اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً. وبدلاً من التطلع إلى عالم غني بالفرص، يتقدم هذا الجيل في اتجاه مستقبل مجهول.
ويُعَدّ الجيل "z" أكثر تنوعاً من أي جيل قبله، عرقياً وإثنياً، ويعكس التركيبة المتغيرة في الولايات المتحدة. ويشكّل من ينتمون إلى العرق الأبيض، غير المتحدّرين من أصول لاتينية، 52 % من هؤلاء، وهي نسبة تراجعت، على نحو كبير، عن تلك المسجلة في صفوف جيل الألفية عام 2002، إذ بلغت حينها 61 %. 
ويشكّل المتحدرون من أصول لاتينية واحداً من بين كل 4 أفراد من الجيل "Z"، بينما يشكل ذوو البشرة السوداء 14%، والمتحدرون من أصول آسيوية 7 %، ومَن هم من أعراق أخرى 5%.
وتتأثّر هذه الفئة، بصورة كبيرة، بالمشاهير. ففي بحثٍ نُشر عام 2005، بعنوان "تأثير ميول المشاهير في الآراء السياسية للشبان"، يُشير كاتبوه إلى وجود علاقة بين تأييد المشاهير لقضية سياسية ما، وزيادة تأييدها لدى الأجيال الصغيرة، كما أن تأييد المشاهير لقضايا غير شعبية يجعلها متقبلةً أكثر لدى الشباب.
لماذا  الحزب الديمقراطي؟
تُعَدّ قضايا المناخ والإجهاض والعنف، من أهم القضايا التي تستقطب اهتمام هذا الجيل. وبناءً عليه، يحدد المراهقون خياراتهم في التصويت لمصلحة حزب على حساب حزب آخر.
وفي هذا السياق، تقول الخبيرة الأميركية، المختصة في الشؤون الدولية، إيرينا تسوكرمان، إنّ الأطفال الذين كانوا في المدرسة الثانوية، في وقت إطلاق النار في باركلاند (2018)، وصلوا الآن إلى سن التصويت، ويرفضون عنف السلاح. لذلك، فإن ميولهم تتوافق مع الديمقراطيين الذين يسعون لتقنين حيازة الأسلحة.
وبين الجمهوريين، أو من يميلون إلى الحزب الجمهوري، ثمة اختلافات واضحة بين الجيل "Z" والأجيال السابقة فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية والسياسية.
فبالنسبة إلى موضوع الإجهاض، فبينما يؤيد هذا الجيل الموقف الديمقراطي القاضي بإعطاء المرأة الحق في الإجهاض، يبرز الموقف الجمهوري الصارم تجاه هذا الأمر، والرافض له.
وبشأن دور الحكومة، فإنّ هذا الجيل أكثر ميلاً، من الأجيال الأكبر عمراً، إلى التطلع إلى الحكومة من أجل حل المشاكل، بدلاً من التطلع إلى الشركات والأفراد بهدف القيام بهذا الأمر.
ويميل أبناء هذا الجيل إلى التصويت للديمقراطيين بسبب القضايا الاجتماعية، إذ يرون أن الحزب الجمهوري حازم تجاه تلك القضايا، وخصوصاً القضايا العرقية، ولاسيما أن مواقف ترامب لطالما اتّسمت بعنصريتها، بينما يرى هذا الجيل أنّ ذوي البشر السوداء يعامَلون بطريقة أقل عدلاً من البيض في الولايات المتحدة. وبناءً عليه، تُفهَم  الأسباب التي تقف وراء تفضيل  "الشبان السود واللاتينيين" التصويت للديمقراطيين. 
ففي الانتخابات الحالية، صوّت 89% من الشبان من ذوي البشرة السوداء، و68% من الشبان اللاتينيين، لمرشح ديمقراطي لمجلس النواب. أما بين الشبان البيض، فكان التصويت 58% للديمقراطيين، و40% للجمهوريين. 
وفي جولتين متتاليتين، أثبت الشبّان أنّ "الجيل "Z" هو كتلة تصويت حيوية يمكن أن تكون الحجر الأساس للحزب الديمقراطي. ومع تمكّن المرشح ماكسويل فروست، البالغ 25 عاماً - أول عضو في الكونغرس الأميركي ينتمي الى الجيل "Z" - من الفوز بمقعد في مجلس النواب عن الحزب الديموقراطي، تتأكَّد أهمية هذه الفئة، وقدرتها على التأثير في نتائج الانتخابات، وفي المشاركة، من خلال نشاطها الفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي.