“ذا ناشونال إنترست”: القوات الأميركية في سورية تحت الخطر

“ذا ناشونال إنترست”: القوات الأميركية في سورية تحت الخطر

أخبار عربية ودولية

الجمعة، ١٣ يناير ٢٠٢٣

مجلة “ذا ناشونال إنترست” تتحدّث في مقال عن مساوئ ومخاطر استمرار الاحتلال الأميركي لسوريا، وتقول إنّ الانسحاب من سوريا بات واجباً إذ إنّ هذه الخطوة لم تكن مثمرة، ولم تحقق أرباحاً، ولن تفعل، وفق المجلة.
وفيما يلي نصّ المقال منقولاً إلى العربية:
قد يبدو التدخل العسكري الأميركي في سوريا منخفض التكلفة، لكنّه ليس كذلك! وهو اليوم وأكثر من أي وقت مضى، يجعل من القواعد العسكرية الأميركية مطوقة بمخاطر متزايدة.
أثبت قرار واشنطن دعم المتمردين السوريين في بداية الحرب في بلدهم، أنّه كارثي. ومكّن “داعش” والجماعات الإرهابية المسلحة، من الصعود وارتكاب المذابح التي أعقبت التدخل الأميركي السافر في سوريا.
مع هزيمة داعش، أصبح التبرير الأميركي للبقاء في سوريا مشوشاً بشكل ناصع. والآن، يستخدم المنطق الفاسد نفسه لتبرير تمركز القوات الأميركية في سوريا، فهو لحماية القوات الأميركية عينها. وهكذا تُنتج واشنطن المشكلة، وما تعتقد أنه الحل لها.
تستمر الإدارة الأميركية الحالية بتثبيت هذه الاستراتيجية في سوريا، مع إن الوضع ديناميكي وأكثر خطورة على الأرض، فالهجمات الصاروخية التركية على القوات الكردية، تحصل على بعد عشرات الأمتار من قواعد الجنود الأميركيين، إذ إنّ تركيا مصممة على المضي قدماً في معركتها حتى تحقيق أهدافها السياسية، وهي تصف حلفاء واشنطن من المنظمات الكردية بالجماعات الإرهابية، كما أنّها تهدّد صراحةً بغزو بري لشمالي سوريا، خاصةً بعد وقوع انفجار إرهابي في إسطنبول منذ نحو شهرين، أودى بحياة 6 ضحايا وجرح العشرات.
تركيا عضو مهم في حلف “الناتو”، وقد أوقفت بالفعل طلبات انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف، بسبب مخاوفها وقلقها من مواقف البلدين بشأن المسلحين الأكراد. ومن غير المرجح أن تكسب الولايات المتحدة، من الضغط على تركيا لتعدل عن صرامة موقفها، غير أنّ المزيد من التورط الأميركي في الصراع المستمر بين تركيا والأكراد، منذ سبعينيات القرن الماضي، يرجح أن يؤدي إلى استعداء تركيا، وتقويض تماسك حلف “الناتو”، بالنظر إلى مدى جدية أنقرة في التعامل مع تهديد الإرهاب.
كذلك، فإنّ الوجود الأميركي في سوريا قد تجاوز الغرض المقصود منه. وفي الأسابيع الماضية وحدها فقط، سقط 3 قادة كبار لجماعة “داعش”. وقد مضى على هزيمة التنظيم المذكور ثلاث سنوات في نواحي الإقليم لا في سوريا فحسب، فلماذا يجب أن تكون واشنطن مستعدة للمخاطرة بمئات من الجنود الأميركيين، لمحاربة عدو هو في الأساس من الأنواع المهددة بالانقراض؟
حتى قبل الهجمات التركية الأخيرة في سوريا، كان هناك الكثير من الأسباب للانسحاب، وحلفاء إيران، يستهدفون بانتظام القوات الأميركية داخل سوريا والعراق، ولا يفترض بالولايات المتحدة قبول هذه المخاطرة، خاصةً وأنّ حلفاء إيران ستستمر في قتال القوات الأميركية إلى أن تغادر.
الانسحاب الأميركي من سوريا، اليوم كما بالأمس، ليس تنازلاً ولا اعترافاً بالهزيمة، كما أنّ الانسحاب واجب واشنطن تجاه الشعب الأميركي، من مهمة تبدد فيه عقد من الزمن، في تكتيكات مشعوذة، ومشكوك فيها وغير مدروسة مثمرة، ولم تحقق أرباحاً، ولن تفعل.
ليس للولايات المتحدة مصلحة أساسية في سوريا. في الواقع، تقع سوريا على أطراف منطقة لم يتم لحظها في الإستراتيجية الأميركية للدفاع الوطني. وعلى النقيض من ذلك، تعتبر سوريا حاسمة بالنسبة إلى إيران، والعكس صحيح. وهما معاً يشكلان محور الردع بوجه التدخل الأميركي، كما أنّ طهران مستعدة للمخاطرة أكثر بكثير من واشنطن للحفاظ على نفوذ المحور، ما يعني دعم الهجمات الخطرة على القوات الأميركية من أجل الانسحاب.
قد يبدو احتلال سوريا منخفض التكلفة، لكنه ليس كذلك. أولاً ، بينما يبدو أن 900 جندي في سوريا هم قوة صغيرة، فإنّ هذا يخفي التكلفة المطلوبة لتوفير الدعم، ولن تكون الكلفة منخفضة أيضاً في حال التصعيد مع إيران، الذي قد يكون مدمراً للقوات الأميركية، في جميع أنحاء الخليج. ومن المحتمل أن يقع عشرات الآلاف من القوات الأميركية في العراق والكويت والإمارات والسعودية وقطر في مرمى الطائرات الإيرانية من دون طيار والصواريخ الباليستية.
تواصل واشنطن تبديد الثروات والدماء في الصراعات التي لا تنتهي، وتعطل حياة ملايين من المدنيين. قد يكون استمرار هذه المهمة سهلاً من الناحية السياسية، لكن تفوح منه رائحة الجبن الأخلاقي، الذي يتجنب التغيير كونه اعترافاً بالنمط الفاشل للعقد الماضي.
تتجاوز نتائج التدخل الأميركي في سوريا ساحة المعركة العسكرية، وتتحمل عائلات الجنود الأميركيين، ثقل عمليات الانتشار اللانهائية تلك والخوف من فقدان أحبائهم.
حان الوقت لواشنطن لإنهاء هذا الحزن وإعادة جيشها إلى الوطن من سوريا.