«معركة القضاء» تبلغ ذروتها: إسرائيل المنقسمة لا تجد مخرجاً

«معركة القضاء» تبلغ ذروتها: إسرائيل المنقسمة لا تجد مخرجاً

أخبار عربية ودولية

الثلاثاء، ٢١ فبراير ٢٠٢٣

انصاعت السلطة الفلسطينية، أخيراً، للضغوط الأميركية عليها، والتي وصلت، بحسب معلومات «الأخبار»، إلى حدّ تهديد رئيسها بتزكية فرْض حصار إسرائيلي عليه (أسوةً بالذي فُرض على «المقاطعة» عام 2002)، وسحْب الامتيازات الممنوحة له ولعائلته ومسؤوليه. وفي المقابل، لم تقدّم واشنطن لـ«أبو مازن» سوى وعود مبهَمة بتجميد الاستيطان وهدْم المنازل وتخفيف عمليات اقتحام المدن الفلسطينية، فيما المشاريع الإحلالية التي كان أقرّها «الكابينت» أخيراً ستسير كما خُطّط لها، علماً أن من شأنها وحدها قضْم الكثير من المناطق الخاصة بالفلسطينيين. وإذ وافق عباس، بدفْع إماراتي أيضاً مشفوع بوعدٍ بتجديد المساعدة المالية، على سحْب مشروع قرار لإدانة الاستيطان في مجلس الأمن الدولي، فهو قَبِل أيضاً بالخطّة الأميركية المطروحة لتمكين السلطة من إعادة بسْط سيطرتها على بؤر التوتّر في الضفة، مع ما يعنيه ذلك من اصطدام محتوم بالمقاومين الفلسطينيين وبيئتهم الحاضنة. على الضفّة الإسرائيلية، استمرّ الانقسام السياسي في التصاعد والاحتدام، بالغاً ذروة جديدة أمس بانطلاق احتجاجات ضدّ خطّة «الإصلاحات القضائية» التي كان مزمعاً التصويت عليها مساءً، استدعت اجتماعات مكثّفة في ما بين أقطاب المعسكرَين، لم تفلح إلى الآن في الاتفاق على آلية لإنهاء الأزمة المحتدمة منذ أسابيع
مقالات مرتبطة
تهديدات أميركيةٌ لعباس بـ«حصار 2002» ... رام الله ترضخ لواشنطن: لا خطوات «أحادية» ضدّ تل أبيب رجب المدهون
لا يبدو أن قضية «الإصلاحات القضائية»، كما تسمّيها الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، أو «الانقلاب القضائي» وفق ما يفضّل إطلاقه عليها أقطاب المعارضة، وعلى رأسهم رئيس الحكومة السابق يائير لابيد، ستنتهي إلى تسوية مرضية للأطراف كافة، وفق ما يأمل الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، و»الحريصون» على مصلحة «دولة إسرائيل» ومستقبلها، سواءً في الكيان أو خارجه. يوم أمس، ومنذ ساعات الصباح الأولى، توزَّع مئات المتظاهرين ضدّ خطّة «الإصلاحات القضائية»، في عدّة شوارع رئيسة، وأمام منازل أعضاء البرلمان المؤيّدين للخطّة، بهدف منْعهم من الذهاب إلى مبنى «الكنيست»، حيث كان مخططاً أن يجري التصويت على حزمة التعديلات القانونية، مساءً. ونشر المتظاهرون مقاطع مصوّرة تُظهر بعضهم أثناء محاولتهم منْع نوّاب الائتلاف المؤيّد لنتنياهو، من التوجّه إلى «الكنيست»، فيما أعلنت الشرطة، لاحقاً في بيان، أنها «ألقت القبض على 8 أفراد بسبب سلوكهم غير المنضبط، وغيّرت مسار حركة المرور بعد أن قطع المتظاهرون بعض الطرقات». كما أعلنت عدّة شركات كبرى متخصّصة بالتكنولوجيا الفائقة، الإضراب، الذي يُتوقّع توسّع دائرته خلال الأيام المقبلة، احتجاجاً على التعديلات المطروحة.
من جهته، هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قادة التظاهرات، وهم في الحقيقة زعماء وقادة الأحزاب المناوئة للائتلاف الحكومي، وأبرزهم يائير لابيد وبني غانتس، ووصفهم بـ«البلطجية». وطبقاً لما نقلته صحيفة «معاريف»، قال نتنياهو: «للأسف، قادة الاحتجاج يدوسون على الديموقراطية، إنهم لا يقبلون نتائج الانتخابات، ولا يقبلون قرار الغالبية، ولا يدينون الدعوات لقتل رئيس الوزراء وأفراد عائلته، ولا يدينون الدعوات لإلحاق الأذى بأعضاء الكنيست». وأضاف: «إنهم يغلقون الطرقات، ويدعون إلى اضطرابات مدنية، ويطالبون بلا خجل بحرب بين الأشقاء والدماء في الشوارع، ويهدّدون بالتنمّر على أعضاء الكنيست». وتابع نتنياهو في حديث أمام وسائل الإعلام: «وصل المتظاهرون صباح اليوم، وحاولوا بالقوّة منع أعضاء الكنيست من مغادرة منازلهم والقدوم إلى الكنيست من أجل ممارسة حقهم الأساسي في التصويت على قانون الإصلاح القانوني». وأشار إلى أن المتظاهرين قاموا بـ«مضايقة عضو الكنيست تالي غوتليب وحاصروا منزله، ولديه ابنة من ذوي الاحتياجات الخاصة»، وقالوا لها، بحسب نتنياهو: «لن تغادري المنزل وابنتك أيضاً»، متسائلاً: «هؤلاء هم البلطجية الذين ينادوننا بالأخلاق؟!».
وبعد ساعات، وفي كلمة له أمام كتلة حزبه «ييش عتيد» في «الكنيست»، قال زعيم المعارضة، يائير لابيد، إن «الكنيست سيصوّت اليوم على تحويل إسرائيل، الليلة، إلى دولة غير ديموقراطية». كما وصف وزير الأمن السابق، وأحد أبرز معارضي نتنياهو، بني غانتس، ما يحدث بأنه «لعبة تراشق الاتهامات وتحميل الآخر المسؤولية». مع ذلك، قال غانتس، خلافاً للابيد، إنه «لا يزال بالإمكان إطلاق حوار بين الحكومة والمعارضة». وفي هذا السياق، انعقدت، مساء أمس، عدّة لقاءات منفصلة جمعت نتنياهو ولابيد، ثمّ انضمّ إليهما وزير الأمن يوآف غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هاليفي. كما جرت محاولات لعقد اجتماع ثلاثي مساء، يضمّ نتنياهو وغالانت وهاليفي، إضافة إلى وزير المالية بتسلئيل سموتريش، إلا أن الأخير امتنع عن حضور الاجتماع على خلفية خلافاته الحادّة مع وزير الأمن ورئيس أركان الجيش، حول الصلاحيات الأمنية. لكن، في المقابل، رفضت زعيمة «حزب العمل»، ميراف ميخائيلي، الخطوط العريضة التي وضعها هرتسوغ، والتي ينبغي أن يَجري على أساسها الحوار، وطالبت غانتس ولابيد بـ«التوقّف عن الحديث عن هذه الخطة (الحوار)». لكن قناة «كان» العبرية ذكرت أن رئيس «الشاباك» «يُجري العديد من المحادثات مع كبار السياسيين، وكذلك مع هرتسوغ لتهدئة الخلاف الداخلي، كما قام بترتيب لقاء عاجل مع لابيد».
وفي سياق غير بعيد، هاجم وزراء في حكومة نتنياهو السفير الأميركي في القدس المحتلة، والذي كان دعا إلى «الضغط على المكابح والعمل على الوصول إلى إجماع بخصوص خطته للمنظومة القضائية». وقال الوزير في حكومة نتنياهو، عمحياي شكلي، للسفير الأميركي: «هذا ليس شأنك ولا يسمح لك بالتدخّل في شؤوننا الداخلية»، في حين قال سموتريتش إن «خطة الإصلاحات القضائية مستوحاة من النظام الأميركي».
وفي المقابل، نبّه لابيد إلى أن «الأميركيين يقولون بوضوح إن تحالفنا قائم على أساس القيم الديموقراطية المشتركة بيننا، وإذا لم تحافظوا عليها سينتهي التحالف».