الصراع على باخموت يحتدم: هل تتغيّر وجهة الحرب؟

الصراع على باخموت يحتدم: هل تتغيّر وجهة الحرب؟

أخبار عربية ودولية

الاثنين، ٦ مارس ٢٠٢٣

 لا يزال المشهد في مدينة باخموت الأوكرانية غامضاً؛ ففي ظلّ تضارب المعلومات، يستميت الطرفان، الروسي والأوكراني، للاحتفاظ بهذه المدينة الاستراتيجية، والتي يُجمع الخبراء على أنه سيكون لنتيجة المعارك فيها أثر كبير على مسار الحرب مستقبلاً. وبعد إعلان مؤسّس مجموعة «فاغنر» الروسية، يفغيني بريغوجين، الجمعة، أن قوّاته «حاصرت» المدينة عمليّاً، ودعوته الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى إصدار أوامر لقواته بالانسحاب منها، قال الجيش الأوكراني، أمس، إن القوات الروسية تواصل جهودها لتطويق باخموت، مؤكداً أنه صدّ هجمات جديدة، فيما أكد الناطق باسم القيادة الشرقية في الجيش الأوكراني، سيرغي تشيريفاتي، أن الوضع في باخموت «صعب، لكنه تحت السيطرة». وإذ أقرّ نائب قائد «كتيبة الحرس الوطني»، فلوديمير نازارينكو، بنجاح الجيش الروسي في باخموت، إلّا أنه لفت إلى أن القوات الروسية «لم تعبر نهر باخموتكا، ولا يزال وسط المدينة تحت سيطرة القوات الأوكرانية». وقال نازارينكو، من «كتيبة سفوبودا»، إن الجبهة الأمامية في باخموت استقرّت خلال الأيام القليلة الماضية، على رغم الهجمات الشديدة والمستمرّة للقوات الروسية، لكنه وصف الوضع، قائلاً إن «كلّ ساعة في باخموت مثل الجحيم».
 
وفي هذا السياق، قال الخبير العسكري الأوكراني، أليكسي غتمان، إنه بناءً على المعطيات المتوفّرة في الميدان، يمكن استخلاص أن القوات الروسية غيّرت من تكتيكاتها في باخموت، مضيفاً: «الآن، لا يحاولون تطويق المدينة، لكنهم يحاولون إخراج القوات المسلّحة الأوكرانية منها»، بعدما «بدأوا في الضغط خطوة خطوة من الشرق إلى الغرب، والمضيّ قُدماً في المدينة. الآن، هناك معارك، ونحن نحافظ على الدفاع». وفي هذا الإطار، قالت الاستخبارات العسكرية البريطانية إن القوات الأوكرانية، التي تدافع عن باخموت، تواجه ضغطاً كبيراً متزايداً من القوات الروسية، مع احتدام القتال داخل المدينة وحولها. وذكرت أن أوكرانيا تعزّز دفاعاتها في المنطقة، وتدفع بوحدات من النخبة، بينما تقدّمت قوات الجيش الروسي وتلك التابعة لمجموعة «فاغنر» في الضواحي الشمالية لباخموت.
من جهته، أقرّ «معهد دراسات الحرب»، وهو مجموعة من الخبراء الأميركيين، بأن القوات الروسية استولت على مواقع في باخموت قد تسمح لها بتجاوز بعض الدفاعات الأوكرانية. وأضاف إن «الروس قد يحاولون محاصرة القوات الأوكرانية في باخموت، لكن القيادة الأوكرانية أعطت إشارة إلى أنها تفضّل الانسحاب بدلاً من المجازفة في تطويقها». ووفقاً للمحلّلين، فإن وحدات القوات الأوكرانية «ستنسحب من الجزء الشرقي من المدينة. وتدرك القيادة الأوكرانية أن الوضع في باخموت يزداد صعوبة». وللدلالة على أهمية ما يحصل في باخموت، كتب مستشار وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق، جيمس ريكاردز، في مقال لصحيفة Daily Reckoning، أن أوكرانيا تخسر على الجبهة، وسيكون استسلام باخموت «هزيمة كبيرة» لكييف، لأنها ستضعف بشكل كبير خطّ الدفاع في دونباس. وأضاف ريكاردز إنه إذا حاصر الجيش الروسي المدينة، فسيقع نحو 20 إلى 30 ألف جندي أوكراني في مصيدة الروس، مشدّداً على أنه «إذا تمكّنت روسيا في النهاية من اختراق هذا الخطّ الأخير، فستكون هناك عقبات قليلة جداً بين هذا الخطّ ونهر دنيبر لمنعها من مواصلة التقدّم».
على صعيد متصل، قال الخبير العسكري الروسي، أليكسي ليونكوف، إن «الوضع يزداد سوءاً كل يوم في أرتيوموفسك بالنسبة إلى القوات الأوكرانية»، مضيفاً إن هناك معلومات «عن إرسال قوات جديدة لدعم وحدات القوات المسلحة الأوكرانية والمرتزقة الذين يقاتلون في المدينة»، موضحاً أن هناك ضبابية لناحية تقدير الوضع في المدينة. وأشار إلى أن القوات الروسية «أنشأت طوقاً كبيراً حول المدينة ويبقى 20 كيلومتراً قبل تطويقها بالكامل، وهذا يعني أن جميع الطرق الرئيسة المؤدية إلى أرتيوموفسك باتت تحت نيران القوات الروسية».
في هذا الوقت، بحث وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، خلال اجتماع مع قادة التشكيلات العسكرية المشاركة في الحرب، الوضع والخطط العسكرية في المرحلة المقبلة. وأكد، خلال الاجتماع، ضرورة تهيئة جميع الظروف اللازمة وتأمين انتشار القوات في مناطق العمليات العسكرية، وتنظيم الدعم الشامل للقوات، وخاصة عمل الوحدات الطبيّة ووحدات الدعم خلف الجبهات. وكان شويغو قد استمع إلى عدد من نوابه وبحث معهم ضمان تنظيم الإمداد المستمرّ للقوات بالأسلحة والمعدات العسكرية والذخيرة. وقبل هذا الاجتماع، تفقّد وزير الدفاع جبهة القتال في دونباس، على ما أعلنت الوزارة، مضيفة إنه «تفقّد مركز قيادة على الجبهة» في اتجاه «دونيتسك - جنوب»، من دون تحديد موقع الزيارة أو تاريخها.