اختلاف الطباع بين الشريكين..هل يجلب التعاسة الزوجية؟

اختلاف الطباع بين الشريكين..هل يجلب التعاسة الزوجية؟

آدم وحواء

الأحد، ٢٠ فبراير ٢٠٢٢

كشفت دراسة جديدة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر، بحثت في أسباب ارتفاع معدلات الطلاق خلال السنوات الأولى، أن أكثر من 25% من حالات الطلاق بين الشباب المتزوجين حديثاً يكون سببها اختلاف الطباع بين الزوج والزوجة، و20% من الحالات استمر الزواج بينهما مدة لا تتجاوز عاماً، و19% من الحالات لم يُكملا فيها عامين.
 
طرحت «كل الأسرة» عدداً من التساؤلات عن اختلاف الطباع بين الشريكين وكيف يمكن التغلب على تأثيراته السلبية، على عدد من أساتذة الطب النفسي وخبراء العلاقات الزوجية والأسرية وسألتهم أيضاً: هل يجب أن يكون الزوجان نسخة طبق الأصل في الصفات والسمات حتى تستقر العلاقة بينهما وتنجح؟ وإلى أي درجة يضمن تشابه الزوجين في الطباع أن يعيشا معاً حياة مستقرة؟
في البداية تؤكد الدكتورة صابرين جابر، استشارية العلاقات الزوجية والأسرية في القاهرة، أن اختلاف الطباع لا يعني الفشل، ولكنه أيضاً من أهم العقبات التي يواجهها الزوجان، وتقول: «الاختلافات بين الزوجين في الطباع ليس المشكلة العويصة، ولا يمكن أن نقول إن أي زوجين مختلفين في الطباع محكوم على العلاقة بينهما بالفشل طالما أن كلاً منهما قد فهم طباع الآخر، وفهم تفكيره وتعامل معه على هذا الأساس». وتضيف: «في بعض الأحيان يكون أحد الزوجين رومانسياً يحب التعبير عن الحب بالكلام والورود، بينما يكون الآخر عملياً لا يلتفت لتلك الأمور، لكنه قد يستطيع التعبير عن حبه بالأفعال، وقد يكون أحدهما شديد النظام، بينما الآخر شديد الفوضوية؛ بل حتى أيضاً فكرة العصبية والهدوء والصوت العالي والصوت المنخفض وغير ذلك».
 
وتحذر استشارية العلاقات الزوجية من التغاضي عن الاختلافات الكبيرة بين الطرفين في فترة الخطوبة بحجة أن الطرف الآخر قد يتغير بعد الزواج، خاصة بالنسبة للرجال، فهم لا يتغيرون بعد الزواج، وكل رجل فيه صفة سيئة أو غير سوية ولا تستطيع الزوجة تقبلها في اعتقاد منها أن الزواج يغير، فهذا اعتقاد خاطئ، وتوجد نسبة قليلة فقط هي التي من الممكن أن تتغير.
 
وتطالب د. صابرين جابر الأزواج في سنوات الزواج الأولى بالتحلي بالصبر وقوة التحمل على الطباع المختلفة، ومعرفة أن التفاوت في الطباع أمر وارد ولا يفسد الحياة بين الزوجين إذا ما كان هناك قدر معقول من التسامح والتغاضي عن الأمور المتباينة، ومحاولة كل طرف التعرف عن قرب إلى الطباع الشخصية للشريك. وبعدها تأتي مرحلة تقبل العيوب وإيجاد أرضية مشتركة للتقبل والتفاهم والمرونة في إدارة أمور الحياة بين الزوجين، ومتى وكيف يكون التنازل والتضحية والتغافل واجب بين الزوجين، مع الحذر الشديد من تدخل الأهل في الحياة الزوجية وسيطرتهم ومعرفة كيفية وضع الحدود الصحيحة معهم وحفظ أسرار المنزل.
من جانبه يؤكد الدكتور أحمد هارون، مستشار العلاج النفسي، عضو الجمعية العالمية للصحة النفسية، أن اختلاف الطباع بين الزوجين يكون في كثير من الأحوال سبباً في الخلافات الزوجية والنكد العائلي «ودائماً ما أؤكد للمقبلين على الزواج أن الزواج هو قبول الآخر بعيوبه قبل مميزاته، والزواج هو عشرة وحب ومحاولات لإرضاء الطرف الآخر، ومع الحب والصبر والتحمل تختفي الطباع السيئة وتظهر الحسنة». والحقيقة أنه لا يوجد شخصان متفقان في نفس الطباع، ولكن يوجد اعتقاد خاطئ يقول إن السعادة الزوجية قائمة على التناغم واتفاق الطباع والصفات، ولكن هذا الاعتقاد غير صحيح. فالاختلاف سنة من سنن الحياة وأمر طبيعي بين الزوجين، ولكن يجب أن يتعلم الزوجان الاتفاق على الرغم من الاختلاف.
 
ويلفت استشاري العلاج النفسي إلى أن حدوث الخلافات بين الزوج وزوجته أمر واقع لا محالة، بحكم أننا بشر والسبب هو اختلاف الطباع بينهما، وإنما هناك خلافات عابرة تتلاشى مع الوقت وتنتهي، وهناك خلافات تتطور وتستمر وقد تتسبب في الطلاق. وهنا تظهر أهمية التوفيق بين آراء الزوجين والتقارب كي تقل المسافات ويحدث التفاهم والاتفاق، ولو حتى في نقاط وسط وهذا يحتاج إلى صبر وتفهم من الطرفين.
 
كما يطالب المقبلين على الزواج بالحرص على تحديد الأدوار والمسؤوليات منذ البداية، والاتفاق على كل الأمور المتعلقة بدور كل منهما والمسؤوليات المنوطة بهما وكل الأمور المالية.
الدكتورة رحاب العوضي، استشارية الصحة النفسية وعلم النفس السلوكي، تلفت إلى أنه يجب أن يتفهم كل طرف شخصية الشريك ويحللها سواء كان زوجاً أو زوجة، خاصة في مرحلة الخطوبة. فقد تكون بداية الخلافات أن أحد الشريكين يحب الخصوصية جداً، والشريك الآخر يحب أن تكون حياته كتاباً مفتوحاً، وبالتالي يتسبب اختلاف الطباع بينهما في وقوع الخلافات.
 
وهنا يكون الحل وضع قانون منزلي والالتزام به بينهما، إضافة إلى النقاش والإقناع. وتوضح: «دائماً ما أؤكد للمقبلين على الزواج ضرورة اعتراف الطرفين باختلاف وجهات النظر، ومن الضروري تقبل الاختلافات في الرأي وأن يعترفا بأن هناك اختلافاً في الطباع بين البشر، والاعتراف بأن الآخر يتحدث لغة مختلفة، وتجنب توجيه وتبادل الاتهامات في كل خلاف. فعلى سبيل المثال، قد يكون الزوج ساخراً بطبعه والزوجة تأخذ كل شيء بجدية، وهنا قد ينشب الخلاف بسبب اختلاف الطباع. لابد للزوجة وكذلك الزوج، من أن يكونا صريحين في توضيح أي إهمال وخطورة التمادي فيه؛ لأن الطرف الآخر لن يهتم بذلك، طالما كان الآخر صامتاً ومستمراً في الحياة الزوجية بلا شكوى».
 
وترى استشارية العلاقات الزوجية أنه من أكثر المشكلات التي يختلف فيها الزوجان وتتسبب في إثارة المشكلات بينهما، هي أن الزوج يكون بارداً عاطفياً، في حين أن الزوجة تكون عاطفية وسقف التوقعات عندها بلا حدود، وتبين: «من أكثر المشكلات الزوجية التي تواجه الأزواج والزوجات خاصة في السنوات الأولى من الزواج برودة المشاعر خاصة من قبل الزوج، وتبدأ معاناة الزوجة مع الزوج البارد عاطفياً، فهو لا يعرف كيف يعبر عن مشاعره أو يتجاهل مشاعر الزوجة فتشعر كما لو أنها وحيدة في العلاقة التي تجمعها بزوجها».
الدكتورة ماجدة المنشاوي، الاستشارية النفسية والأسرية والمدربة الدولية المعتمدة، ترى أن كل ما يحتاج إليه الزوجان المختلفان في الطباع، هو وجود احترام متبادل بينهما قائم على أن لكل شخص حرية وخصوصية، من أجل أن يبقى المركب قادراً على السير داخل المحيط.
 
وتشدد على أن التغير في العلاقات والمشاعر ما بين الزوجين أمر وارد وحتمي، وأن عليهما أن يقوما باسترجاع ذكرياتهما الجميلة سوياً واسترجاع كافة العهود التي اتفقا عليها قبل الزواج؛ الأمر الذي سيساعدهما في التغلب على المشاكل في ما بينهما، وعيش حياة ملأى بالسعادة والبهجة.
 
وتشير الاستشارية النفسية إلى أن قبول الآخر هو الخطوة الأساسية للنجاح في تقبل طباعه، فمن المهم أن يعي كل من الطرفين أن الآخر لديه طباعه وسلوكياته وهو أحبه على ما هو عليه، والأمور التي تصدر لاحقاً في العلاقة يمكن تخطيها والعمل على حلها، من خلال الحوار والتفاهم وتقديم بعض التنازلات.
 
وتؤكد الدكتورة ماجدة المنشاوي أنه من الصعب أن يحل الحب كل مظاهر الاختلاف الفكري بين الزوجين، وترى أن الحل الأمثل ألا يحدث هذا الاختلاف قبل الزواج، ولكن إذا ما حدث وتزوجا، فلابد من تقديم التنازلات من قبل كلا الطرفين ومحاولة تقليل الفجوة بينهما، ومحاولة إيجاد التفاهم من خلال الوسيط. وتشير إلى أنه كلما اجتهد الطرفان في عدم وجود فجوات فكرية بينهما كان ذلك أفضل لحياتهما، إلا أنه إذا حدث الارتباط فهنا تكون المسؤولية مشتركة بين الطرفين بأن يضمنا على الأقل سير الحياة.