لا يشبهها ولا تشبهه… اليكم أسرار نجاح العلاقات الزوجية

لا يشبهها ولا تشبهه… اليكم أسرار نجاح العلاقات الزوجية

آدم وحواء

السبت، ٢٧ أغسطس ٢٠٢٢

يُقال إن “اختلاف العناصر يعني تجاذبها” فهل ينطبق ذلك على البشر، وهل الشخصيات المتعاكسة تكمل بعضها البعض وتؤسس زواجا صحيا بالفعل؟
في الحياة العادية، قد يستمتع المرء بإقامة علاقة صداقة مع شخصٍ مختلف عنه، لكن هل يعني هذا أن كل الذين يتمتعون بشخصيات متعاكسة، وعقول متفتحة، وقلوب متقبلة، يعيشون زيجات صحية بالضرورة.
شخصيات معاكسة.. زواج صحي؟
غالبًا ما يجد الأزواج من ذوي الطباع المتعاكسة أنفسهم في موقفٍ يرى فيه كل طرف أن وجهة نظره هي الصحيحة، وتتطوّر الأمور أحياناً إلى محاولات جاهدة لتغيير الآخر بحيث يصبح أكثر شبهاً بهم. وغالبًا ما يُرى هذا في الأزواج الذين يكون أحدهم أكثر انطوائيةَ، بينما يميل الآخر إلى كونه منفتحًا.
وبحسب موقع “كاليفورنيا كاونسلينغ غروب” (California Counseling Group) يمكن التعامل مع هذا من خلال التواصل، ويمكن تقريب وجهات النظر من خلال الحوار المريح، واهتمام الطرفين بتعلّم كيفية التعامل مع بعضهما البعض، وتقوية الروابط بينهما.
 
وعندما تلتقي شخصيتان مختلفتان بشكل كبير في موضوع الزواج، من المهم إيجاد أرضية لقاء مشتركة، فالزواج الصحي المستقر يشبه إلى حد كبير التذبذب حيث يساعد أحدهما على تحقيق التوازن للآخر.
 
الاختلاف ضرورة تثري الحياة
ولتسليط الضوء على ارتباط الشخصيتين المتعاكستين وتحقيق الزواج الصحي، حاورت الجزيرة نت الاستشاري الأسري أحمد عبد الله الذي قال “الجاذبية بين الرجل والمرأة والتي تؤدي للزواج، لا تقوم على الاختلاف والتشابه فقط، بل هي عدة عوامل مجتمعة، من ضمنها طبيعة الشخصية ومدى اختلافها أو التشابه بينها. وهناك من يعتبر أن التشابه ضرورة، ويرى آخرون أن الاختلاف هو الضرورة المثرية للحياة عندما يقرأ الشريكان المختلفان بالشخصية أفكار بعضهما”.
 
إذن كيف تسير الحياة الزوجية لذوي الشخصيات المتعاكسة؟ يوضح الاستشاري عبد الله “مرحلة قراءة الأفكار متقدمة ومطلوبة بين الزوجين، وهي لا تقوم على التشابه أو الاختلاف، بل الرغبة والضرورة، وتعلم المهارة. فإن كانت الشخصيات متشابهة كانت القراءة أكثر جودة وفعالية، وإن كانت مختلفة ستأخذ عملية القراءة زمناً أطول، لكن يمكن الوصول إليها”.
 
مساحة مرونة نفسية
ويضيف مستشار العلاقات الزوجية “المطلوب من الزوجين مبدئيا أن يكون بينهما مساحة مرونة نفسية لقبول فكرة الاختلاف. فأول دور مطلوب من كليهما هو تقبل فكرة (الاختلاف) بحد ذاتها، ثم النظر لهذا الاختلاف من زاوية الإثراء النفسي، وليس التعارض أو التناقض”.
 
بعدها “مطلوب دور تقبل الخصوصية في الاختلاف، فهما شخصيتان مختلفتان في معظم النواحي، وقد يكون مضمون الخلافات ناتجا من خصوصية شخصية لكل منهما”.
 
كيف يتحقق التوازن؟
ويرى عبد الله أن التوازن هام “لكنه مظلوم في قلة استخدامه بالحياة الزوجية” مبيناً أن التوازن نتاج استخدام صحيح للميزان النفسي بين الزوجين، وتوزيع القوى والأدوار حسب شخصية ونفسية وطبيعة ومهام كل طرف.
 
ويبين أن معرفة الزوجين للطبيعة الشخصية لكل منهما بداية التوازن، ثم بناء على هذه المعرفة سيتحدد نقاط القوة والتحدي في كل شخصية، ثم سيتم تفعيل نقاط القوة في إطار الحياة الزوجية بشكل تشاركي ومدروس وتفاعلي، بالتالي سيكون شكل الحياة مختلفا، وتصبح متوازنة وخارجة عن إطار التنميط المألوف “دور ذكر/ دور أنثى”.
 
ومن المهم كذلك خروج هذه العائلة الصغيرة عن فكرة الاستنساخ المجتمعي، وبالتالي تتفرد عن بقية العوائل لأنها تعرف تماما خصوصيتها النفسية، وفق عبد الله.
 
التعارف النفسي
وينصح الاستشاري الشريكين مختلفي الشخصية بالتعلم والتدريب والقراءة والمراقبة، وتطوير قدرات الطرفين في فهم كل منهما لذاته أولا وللآخر.
 
ويعتقد أنها أحد مطالب الحياة السليمة بين الزوجين، معلقا “لذا فنصيحتي للمؤسسات الرسمية وللأفراد بضرورة تعلم السمات الشخصية وفروقاتها بين الزوجين، وأساليب استخدامها بشكل صحيح لحياة زوجية متوازنة ومنتجة”.
 
ويرى كذلك أن “من أهم أوقات تعلم السمات هو فترة الخطوبة، حيث البدايات في الاندماج بين الشخصيتين، وهو ما أطلق عليه مصطلح التعارف النفسي، حيث يغفل كثيرون هذا الموضوع من باب أن الشاب والفتاة سيألفان بعضهما بفعل الزمن، وهو لا يحدث، بل العكس فيؤدي إلى كثير من المشكلات المبكرة”.
 
فهم الشخصيات
وبدوره يعلق اختصاصي الطب النفسي د. موسى مطارنة بقوله “اختلاف الشخصيات بين الزوجين يعني أن هناك اختلافا في أنماط الشخصيات، يمكن السيطرة عليها، من خلال التعارف، حتى يستطيع كل طرف إدراك الفروقات بينه وبين الآخر، وحتى لا يقعان في إشكالية عدم التفاهم والخلافات المستمرة، والتحدي المستمر”.
 
ويعلل “لذلك لا بد من بناء ومعرفة واضحة في طبائع وأخلاقيات وتفكير كل من الزوجين، فمثلا الشخصية النرجسية أنانية ولا تحب من يخالفها الرأي، خاصة في الأسرة، وتكون خارج الأسرة شخصية مختلفة ولطيفة، هذه الشخصية إذا لم يفهمها أحد الزوجين، وكيف يتعامل معها تنقلب الحياة إلى جحيم”.
 
وعليه فإن فهم الشخصيات بين الشريكين، كل منهما للآخر، والانسجام بينهما ومحاولة التقريب بينهما بوجهات النظر أو تقديم تنازلات كل واحد للآخر “لا يقتصر على طرف واحد” وهو ما يحقق الزواج الصحي.
 
ليس هناك شخصيات متطابقة
ويقول مطارنة “ليس هناك شخصيات متطابقة في العالم، لكن هذه الاختلافات يجب أن تتفق في الحدود الدنيا، فيتم متابعة نقاط الخلاف وتتبع نقاط الاتفاق، وصولا لحياة أسرية مستقرة”.
 
ويضيف “حالة الاستقرار تولد من التفاهم بين الشريكين، عندما يتوصلان لنتائج وأهداف واحدة، سواء في مخططاتهما وقراراتهما في تربية الأبناء وإدارة الأسرة والتعامل مع المشكلات، لذلك لا بد أن يفهم كل زوج نمط شخصية الآخر. يمكن أن يلجأ أحد الزوجين أو كلاهما للاستشاريين، لمساعدتهما في حال وجود خلافات كبيرة بينهما، فالاستشاري يوضح لهما كيف يمكن السيطرة على نقاط الخلاف، وضمر الفجوة، والتقريب بين وجهات النظر”.
 
كما يؤكد اختصاصي الطب النفسي ضرورة إحساس الزوجين بالحدود الدنيا للعلاقة التي تربط بينهما، بحيث يحققان حالة من التكامل ويكمل كل طرف النقص لدى الآخر، وذلك من خلال الاعتراف بالأخطاء، وتوضيح وجهات النظر، ليشكلا مع بعضهما بعضا جزئية واحدة، أو تكامل أو الاتفاق بالحدود الدنيا، وفق مطارنة.