إطلاق العرض الخاص لفيلم «ليليت السورية» … غسان شميط: الفيلم دعوة إلى العلمانية والحرية الدينية

إطلاق العرض الخاص لفيلم «ليليت السورية» … غسان شميط: الفيلم دعوة إلى العلمانية والحرية الدينية

سينما

الأحد، ١٨ فبراير ٢٠١٨

 وائل العدس
 
تحت رعاية وزير الثقافة محمد الأحمد، وحضور عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي- رئيس مكتب الثقافة والإعلام مهدي دخل الله، ومعاون وزير الثقافة علي المبيض ومدير عام المؤسسة العامة للسينما مراد شاهين وعدد من الفنانين والإعلاميين، أطلقت المؤسسة العامة للسينما في دار الأسد للثقافة والفنون العرض الخاص للفيلم الروائي الطويل «ليليت السورية» للمخرج غسان شميط في خامس فيلم له مع المؤسسة.
وبدأ العرض الجماهيري للفيلم يوم الجمعة الماضي في صالتي كندي دمشق وكندي دمر على حفلتين في الثالثة والنصف عصراً والسادسة مساء.
واللافت أن موسيقا الفيلم أعدها الكاتب والملحن المتميز سعدو الذيب الذي فارق الحياة قبل أيام قليلة.
وترمز «ليليت» للمرأة القوية والصامدة وللمرأة السورية التي عانت الكثير خلال هذه الحرب ونجحت في الصمود.
 
النسيج السوري
ويتحدث الفيلم المأخوذ عن رواية «تحت سرة القمر» للكاتبة جهينة العوام عن النسيج الوطني السوري بألوانه المتعددة والمتجانسة ضمن إطار أحداث تجري في مطعم شعبي يضم لفيفاً من الشخصيات السورية التي تخلق بينها الكثير من التفاهم والمودة رغم التباينات الشكلية.
وعلى مدار 120 دقيقة يرصد الفيلم حياة عائلة سورية مكونة من الأم «سناء» وزوجها «نبيل» المصاب إثر تفجير سيارته وابنتيهما «حنين» و«جوري» إضافة إلى الجد والجدة والخال في ظل الحرب على بلدهم حيث ينتقلون من بيئة ريفية محافظة تتعرض لاعتداءات المجموعات الإرهابية إلى منطقة أخرى آمنة في مدينة تضم نساء ورجالاً وأطفالاً يمثلون مختلف مكونات الشعب السوري.
ويؤدي الأدوار في الشريط كل من: عبد الرحمن أبو القاسم، فيلدا سمور، علا باشا، وضاح حلوم، لينا حوارنة، لانا شميط، ليا مباردي، سهيل حداد، حسام سكاف، سوزان سكاف، هزار سليمان، مروان أبو شاهين، مجد فضة، مريم علي، مي السليم، مشهور خيزران، هلال خوري، رسلان شميط، أحمد رافع، رندة الشماس، اعتدال شقير، أمير برازي، نور أحمد، رشا بلال، تسنيم الباشا، شادي عفوف، مهران نعمو، نور رافع، تمارى الدرويش، نانسي صقري.
 
الحياة مستمرة
في تصريح خاص لـ«الوطن» قال معاون وزير الثقافة علي المبيض: باعتبار أن السينما مرآة وذاكرة للأمة، فإن الفيلم يعكس الأزمة السورية بكل آثارها على الفرد والمجتمع، بمواقف عائلة مختلفة الفئات العمرية. ذاك هو الواقع السوري وردود أفعال السوريين بأن الحياة تستمر رغم الأحداث الأليمة والتهجير والاختطاف، وسورية التي عمرها آلاف السنين تعرضت لكثير من الكوارث والحروب استطاعت الاستمرار بفضل السوريين، وهذا أملنا بشعبنا وبجيشنا العربي السوري.
 
من رحم المجتمع
وقال مراد شاهين في كلمة ألقاها قبيل افتتاح الفيلم: تركت الحرب الظالمة التي تتعرض لها سورية منذ سنوات، من بين كل ما تركت معاني كثيرة للخوف، كان أكبرها وأعمقها الخوف على الوطن، هذا الخوف الذي عاشه الجميع في الوطن كل بدوره، ومن مكانه، وكان الأقسى، لأنه خوف على الكيان والوجود والهوية، خوف على إرثنا وثقافتنا وحضارتنا ومجتمعنا، عبّر عنه كثير من المبدعين السوريين، بطريقته ورؤيته، ومدى ارتباطه بالشارع السوري والبيت السوري.
وأضاف: «فيلم «ليليت السورية» واحد من هذه الرؤى للحرب على سورية، انتقى فيها الأستاذ غسان شميط حكاية من حكايات الحرب، وطرحها في شريط جاء من رحم المجتمع، ونسيجه وبنيته الحقيقية، نقل فيها أفكاراً وهموماً وأحلاماً ومآسياً، وحياة فئة من الناس، وصوّر كيف تغير هؤلاء تبعاً لظروف الحرب، وكيف استمروا مع خوفهم الذي يعيشونه بصورة يومية، فكان الفيلم نافذة عرض لانعكاسات الأزمة السورية على الحياة الاجتماعية للفرد السوري والمجتمع.
وختم: «أشكر كل من قام بالعمل على هذا الفيلم، من فنيين وفنانين وعلى رأسهم المخرج الصديق غسان شميط، كما أوجه الشكر لدار الأسد للثقافة والفنون ممثلة بشخص الأستاذ جوان قره جولي المدير العام للدار على احتضانهم للفعالية، والشكر الكبير دائماً للأستاذ محمد الأحمد وزير الثقافة على دعمه الدائم ومساندته الكبيرة لنا في كل الفعاليات الثقافية بالبلد».
 
وثيقة وواقع
بدوره أكد مخرج الفيلم لـ«الوطن» أن الواقع المعيش أصعب بكثير مما ورد، والمشاهد التي تم تصويرها تبقى وثيقة للذاكرة والتاريخ، لكن مهما حاولنا تصوير هذا الواقع فإننا لن ننجح لأن الحرب الإرهابية على سورية تشيّب الولد الصغير.
وقال: حاولنا قدر الإمكان أن نكون قريبين من الواقع رغم أن الأحداث أكثر مأساوية مما نتخيل، والحرب على السورية هي الأفظع في التاريخ.
وعن السوداوية التي حملها الفيلم أوضح: الأزمة لم تنته بعد، وفي كل يوم نتعرض للقذائف ويرتقي عدد من الشهداء، وجرمانا وحدها تعرضت لسبعة آلاف قذيفة وسبعة سيارات مفخخة، كل ذلك يجب أن نوصله من خلال فيلم حقيقي مشغول بدقة.
وأضاف: وضعنا يدنا على الجرح، ومن واجب الفيلم الإضاءة على الأزمة، وقد تركتُ النهاية مفتوحة إشارة أن الحكاية لم تنته والأزمة مازالت قائمة ومازلنا نعاني، وأملنا أن تنتهي بسرعة.
ورداً على سؤال أجاب: الفيلم يدعو إلى الحرية الدينية بأن الدين لله والوطن للجميع وكلنا أولاد وطن واحد، وأعتبر أن التعصب باتجاه دين معين مشكلة، وما عرضته من مشاهد دليل على أن المجموعات الإرهابية تحارب كل السوريين بمختلف أديانهم وطوائفهم من دون أن تترك أحداً.
وختم بالقول: يحمل الفيلم دعوة للعلمانية وهامشاً للحرية، وجرأة في طرح الأفكار.
 
المسكوت عنها
أما الممثلة القديرة فيلدا سمور فأبدت سعادتها بمشاركتها التي اعتبرتها بسيطة في هذا الفيلم، وتأملت أن تشارك ثانية في أعمال وطنية وإنسانية واجتماعية.
وبيّنت أن الفيلم لامس الواقع وهموم الناس وطرح قضايا حساسة وأساسية كان مسكوتاً عنها منذ زمن، ولم ترد سابقاً في الرواية ولا السينما ولا الدراما، لكن الجميل أننا حالياً نستطيع طرح هذه الأفكار المهمة في نسيج مجتمعنا، خاصة أن تسليط الضوء على موضوعات بهذه الحساسية مسؤولية كبيرة تقع على عاتق السينما.
وعن الحزن الذي يحمله الفيلم علقت: يجب علينا طرح الإشكاليات كما هي بالجرعة المعيشة نفسها، رغم أنني أميل للتفاؤل والتطلع إلى الغد، ولستُ من جماعة النظرة المسبقة للماضي والاجترار منها.
وتابعت: بكل الأحوال علينا أن نطرح الإشكال لكن علينا أيضاً أن نحمله ونمشي معه نحو المستقبل لنضحك ونبتهج كي تستطيع الناس التخلص من الواقع الصعب، خاتمة: الأمل حلو والضحك حلو والابتسامة حلوة.
 
تحد كبير
بدورها، فإن علا باشا صاحبة شخصية «سناء» الرئيسية، أشارت إلى أنها توقفت قليلاً عند قراءتها النص باعتبار أن الشخصية تكبرها عمراً بعشر سنوات أو أكثر وهي أم وزوجة، لكنها قبلت خوض التجربة لتكون تحدياً كبيراً لها ولكل ما قدمته سابقاً.
وقالت: المساعد في الموضوع أن «سناء» متزوجة في سن صغيرة، وهي حالة موجودة بكثرة في المجتمع السوري، لذلك استمتعت جداً بأداء هذا الدور، ومرت الشخصية بعدة مراحل كانت مناسبة ومقنعة.
وأكدت أنه انتابها شعور غريب عند متابعة الفيلم، وأنها كانت تراقب نفسها وقد تأثرت ببعض المشاهد التي قدمتها، وكونت لديها بعض الملاحظات.
وعن تعليقها على جرعة الحزن في الفيلم، قالت إنها تميل للأمور الأهدى، حيث لا يكون الوجع مباشراً على الشاشة، لكنه بالنهاية واقع حقيقي.
وأضافت: حاولنا ملامسة الوجع بحيادية، ولم نضع الحلول بل اكتفينا بالإضاءة على المشاكل ببشاعتها ووجعها.
وأوضحت أن ليليت هي الشخصية المساوية لآدم التي رفضت أن تكون خاضعة له، وطبعاً هناك أساطير أخرى تقول غير ذلك، لكن برأيي ليليت موجودة بكل أنثى تتطلع إلى بناء المجتمع يداً بيد مع الرجل.
 
روح الرواية
من ناحيتها، قالت جهينة العوام إنه من الصعب المحافظة على كل جوانب الرواية في الفيلم، مبينة أنها حاولت في كتابة السيناريو المحافظة على روح الرواية بإدخالها شخصيات لم تكن موجودة وهذا يعود إلى ظرف الزمان.
 
سيرة ذاتية
ولد المخرج غسان شميط عام 1956 في القنيطرة، وهو من أبناء الجولان السوري المحتل، درس السينما في المعهد العالي للسينما في كييف وتخرج فيه عام 1983.
وعمل شميط في المؤسسة العامة للسينما، وقدّم الكثير من الأفلام القصيرة والطويلة، منها «بصرى»، «محطات الصداقة»، «يوميات جولانية»، «معاً على الطريق»، «البراعم» الذي حاز الجائزة البرونزية في مهرجان صفاقس بتونس، و«ورد وشوك» الذي نال عنه الجائزة البرونزية في مهرجان دمشق السينمائي عام 2004.
وللسينمائي السوري أيضاً «منارات مضيئة»، «قلاع الشمس»، «أرض الياسمين»، «على دروب المدن المنسية»، «الباشا» الذي يقدم شخصية سلطان باشا الأطرش، قائد الثورة السورية على الاحتلال الفرنسي، إلى جانب أحدث أفلامه الوثائقية «حكايا من مركز الإيواء» (إنتاج 2017).
وفي مجال الأفلام الروائية الطويلة قدّم شميط «شيء ما يحترق» (1993)، «الطحين الأسود» (2001)، «الهوية» (2007) الذي نال الجائزة الكبرى بمهرجان تطوان الدولي في المغرب وجائزة مصطفى العقاد في مهرجان فجر في إيران، و«الشراع والعاصفة» (2011).