السينما السورية.. مشوار الميل يبدأ بخطوة … «دمشق حلب» يتخطى الحدود وينال إعجاب اللبنانيين

السينما السورية.. مشوار الميل يبدأ بخطوة … «دمشق حلب» يتخطى الحدود وينال إعجاب اللبنانيين

سينما

الأحد، ٣ مارس ٢٠١٩

من دمشق إلى لبنان، خاضت أسرة فيلم «دمشق حلب» رحلة طويلة وسط أحوال جوية ثلجية صعبة لتكون حاضرة في العرض الأول في بيروت، وتحديداً في صالة سينما سيتي إحدى أهم وأفخم الصالات هناك وسط حضور فني وإعلامي كبير.
ويعد عرض الشريط خارج سورية خطوة مهمة نحو الانتشار الأوسع للسينما السورية، وخاصة أن أعمال المؤسسة العامة للسينما لم يسبق لها أن تخطت الحدود كما فعلها «دمشق حلب» الآن والذي يبدو بقعة ضوء ناصعة في تاريخ السينما السورية على اعتبار أنه مشغول بحرفية عالية نصاً وتمثيلاً وإخراجاً، ليكون بذلك أول فيلم سوري من إنتاج المؤسسة العامة للسينما يعرض في عروض خاصة بعيداً عن المهرجانات.
هذا العرض في لبنان، يعد خطوة في طريق الألف ميل، نحو وصول السينما السورية إلى نطاقها الأوسع، وخاصة بعد التطور السريع التي بدأ يطرأ عليها، والجوائز الكثيرة التي باتت تحصدها في المهرجانات العربية والدولية.
الافتتاح في لبنان حضره مدير المؤسسة العامة للسينما مراد شاهين، ومخرج الفيلم باسل الخطيب، وبعض نجومه وهم النجم الكبير دريد لحام والنجمتين صباح الجزائري وكندا حنا.
 
الذهب العتيق
حضور صاحب شخصية «غوار الطوشة» في العرض الافتتاحي أحدث ضجة كبيرة في الأوسط اللبنانية، حيث شهد هذا العرض زحفاً جماهيرياً كبيراً لضرب عصفورين بحجر واحد، الأول لقاء الكبير دريد لحام صاحب التاريخ الفني الكبير، والثاني حضور الفيلم الذي سبقته سمعته إلى بيروت بعدما حصل على جائزة أفضل فيلم في مهرجان الاسكندرية الرابع والثلاثين.
وأثنى كل من حضر العرض على أداء لحام الذين يبدو كالذهب العتيق الذي يزداد لمعاناً كلما تقدم في العمر، إضافة إلى الإشادة بالفيلم الذي يدل بشكل أو بآخر على النهضة التي تقوم بها السينما السورية بسنواتها الأخيرة.
 
صدى إيجابي
ووفقاً لتقرير نشرته صفحة المؤسسة العامة للسينما على الفيسبوك، فإن مراد شاهين أكد ضرورة الفكرة والعمل عليها لما يحققه ذلك من وجود للسينما السورية في أحسن حالاتها في محيطها العربي، مشيراً إلى أن السينما السورية جديرة بأن تحضر في المحافل العربية والعالمية بشكل أفضل.
وعبر الفنان دريد لحام عن سعادته بعرض فيلم سوري في بيروت وعن رغبته في استمرار هذه التجربة بشكل أكثر فعالية، كما ذهبت في الاتجاه ذاته الفنانة صباح جزائري التي أكدت أن الفن السوري واللبناني يجب أن يتلاقيا دائماً لأن كليهما مكمل للآخر.
كند حنا عبرت عن سعادتها بأن الفيلم انطلق إلى الساحة العربية وكانت مرحبة بهذا العرض وعبرت عن أمانيها بأن ينطلق الفيلم لعواصم عربية أخرى.
أما مخرج الفيلم الفنان باسل الخطيب فقد أكد أن هذا الإنجاز هو خطوة مهمة ومتقدمة في سبيل تقديم السينما السورية بشكلها المهم في المحيط العربي لما تحمله من مواهب سينمائية مهمة، أهمها أيقونة السينما السورية كما سماها الفنان دريد لحام.
ومن الضيوف الحاضرين كان الممثل اللبناني الذي عبّر عن سعادته باستقبال فيلم سوري في بيروت، واعتزازه بأن الجو السينمائي في لبنان سوف يحتضن الفن السوري في أحلى تألقاته.
الناقد الفني اللبناني الشهير جمال فياض، عبر عن تقديره وإعجابه الشديدين بالفيلم ورغبته في أن يرى مزيداً من الأفلام السورية الناجحة على شاكلة فيلم «دمشق – حلب» لما يحمله الفن السوري من ألق وتراث حضاري كبير.
أما الفنانة فلة الجزائرية التي سبقتها دموعها في التعبير عن رأيها الشفهي بالفيلم، فتحدثت عنه بإسهاب وحيت توجهه نحو العمق الإنساني ومعالجته العميقة للآلام التي تعرض لها شخوصه.
 
عن الفيلم
الفيلم من تأليف تليد الخطيب وتمثيل دريد لحام وسلمى المصري وصباح الجزائري وكندا حنا وعبد المنعم عمايري وشكران مرتجى ونظلي الرواس وبسام لطفي وربى الحلبي وبلال مارتيني وناصر وردياني وعلاء قاسم ونادين قدور ونيرمين شوقي وعاصم حواط وفاروق الجمعات ووفاء العبد اللـه وأحمد رافع ولؤي شانا ونور رافع ورشا رستم ومهران نعمو وطارق عبدو وأسامة عكام وحسن دوبا ومجد حنا وسلمى سليمان وسالم بولس ووائل شريفي.
الفيلم الذي ينتمي لنمط الكوميديا السوداء يروي حكاية رحلة افتراضية في حافلة لنقل الركاب، بين دمشق وحلب تجتمع فيها ثلة من الناس المختلفي التوجهات والأعمار والأهواء، بحيث تشكل صيغة ما عن المجتمع السوري، بما يحمله من تنوع وتعدد في طيف بنيته الاجتماعية.
«عيسى» المذيع السابق يسافر إلى حلب لزيارة ابنته، وفي الحافلة يتضافر جزء من مصيره مع مصائر من وجدهم هناك، وآخرون كانوا على تماس مع هذه الرحلة، بأسلوب لا يخلو من الكوميديا، ويسير الفيلم في مجراه كاشفاً إيجابيات وسلبيات تعتري بعض تصرفات هؤلاء.
ركاب الحافلة يمثلون الانتماء للشعب السوري الواحد المحب للحياة رغم كل الظروف الصعبة التي يعيشها لتنتصر في النهاية إرادة الحياة والمحبة على كل ما زرع من ألغام لنسف هذه الحياة والمحبة.
هذا الفيلم الذي يعد التعاون الأول بين المؤسسة وبين القدير دريد لحام أعاد بنا الذاكرة إلى زمن السينما الجميل، أثبت فيه صاحب شخصية «غوار الطوشة» أنه كالذهب العتيق وقدوة حسنة لكل الممثلين في سورية والوطن العربي بالأداء المرهف والراقي والحساس، وما عززه اشتغال المخرج الخطيب دائماً ما يشتغل على أدق التفاصيل التي تشد المشاهد وتسحره.
الشريط مشوّق ومميز في بنائه الفني وعمق وإنسانية فكرته، وفيه الكثير من التعبير البصري الذي يحمل شحنة عاطفية عالية، ويرصد حالات اجتماعيةٍ وقضايا مبدئيةٍ وأخلاقية تعبر عن حالة المواطن السوري بشكل عام، وعن طرق تعايشه مع هذه الأوضاع، مستخدماً بذلك أسلوباً كوميدياً نابعاً من رحم المعاناة وتراجيدية الحياة التي تصل في بعض المواقف إلى حد الكوميديا.
ويمثل الشريط نوعاً من الأفلام الأكثر تعبيريةً والأصعب تنفيذاً، لأنه محكوم بجدية الموقف وقوة الأداء وعقلانيته، الذي ينبع منه حس الكوميديا المعبر عن الحالة بشكل متكامل، وهو نوع من أصعب أنواع الفنون، لما يتميز به من خصوصية الحالة والموقف.
كما يحتوي على عدد من الأفكار المهمة التي تحاكي الوضع الراهن في سورية من خلال التناقضات الاجتماعية والمعيشية المختلفة، حيث كان مختلفاً عن الأعمال التي تحاكي الأزمة بشكل مباشر، وسلّط الضوء على هذه النواحي بأسلوب كوميدي في زمن وضع المواطنين فيه بمواجهة تحديات مصيرية توثر في حياتهم اليومية.