لرفع رصيد “اللايكات” شبكات التواصل الاجتماعي.. خروج دائم عن الضوابط المجتمعية والقانونية ومصداقية إعلامية غائبة

لرفع رصيد “اللايكات” شبكات التواصل الاجتماعي.. خروج دائم عن الضوابط المجتمعية والقانونية ومصداقية إعلامية غائبة

شعوب وعادات

الجمعة، ٩ فبراير ٢٠١٨

لا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، سواء أكان استخدامها يتم على الصعيد الشخصي أم المهني، فقد أصبحت هذه الوسائل الوسيلة الأبرز في عمليات التفاعل مع الآخرين، لا سيما مع الزملاء في العمل أو الأهل، ولو تعمّقنا أكثر في هذا المسار، فيمكننا أن ندرك مدى الاستفادة التي يُمكن أن تنعكس على حياتنا المهنية في حال استخدام هذه الشبكات بطريقة فاعلة، وبالمقابل سلبيات استخدامها، والمخاطر التي من شأنها أن تسببها هذه الوسائل.
 
حب الظهور والشهرة
 
يمكن الاستفادة من الشبكات الاجتماعية في تعزيز الحضور الدائم على شبكة الانترنت، الذي يسعى إليه العديد من الأشخاص، وذلك من خلال النشر الفعال، والمشاركة في المبادرات المتاحة على هذه الشبكات، ولكننا اليوم بتنا نرى أشخاصاً، قد أخذوا دور ذلك الإعلامي الذي ينقل الخبر، وتكاد حياته مهددة بالخطر، لنرى ذلك الفيسبوكي يتلقف خبره عن طريق النسخ واللصق ليشكل سبقه الصحفي إن صح التعبير، أو يأخذ دور الطبيب بما يقوم بنشره من معلومات طبية تكاد تكون مغلوطة في معظم الأحيان، وباعتقادهم أنهم سينالون الشهرة، ويلمع نجمهم في محيطهم.
 
وجهة نظر
 
الإعلامي عبد الله الصبح، مدير مكتب صحيفة الثورة في درعا،  ذكر بأن ما يقدّم الآن عبر وسائل التواصل  الاجتماعي، ولا سيما الفيسبوك من الشباب أصبح يجد اهتماماً واسعاً، وربما قد تجاوز ما يقدّم عبر الإعلام الرسمي، حيث استطاعوا معرفة ماذا يريد الجمهور، واستطاعوا الوصول له بأسرع، وأقصر الطرق، وبأبسط الإمكانات، ويضيف الصبح: بات تأثير وسائل التواصل الاجتماعي أكثر قوة على المجتمعات، وعلى الإعلام التقليدي مواكبته، والأهم المصداقية التي مازال يتمتع بها الإعلام التقليدي، وبالوقت ذاته استطاع فيه الإعلام الرقمي أن يصنع ثورة في الإعلام، وأن يكسر روتين الإعلام التقليدي.
 
وعود على بدء، فإن وسائل التواصل الاجتماعي أكثر انتشاراً، ولكنها ليست أكثر تأثيراً، وإن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يحتاج إلى ضوابط كثيرة، نظراً إلى صعوبة تقنينها، والسيطرة على المحتوى الذي تنشره كون القائمين على الإعلام الاجتماعي، لا يدركون الضوابط وسياسات العمل الإعلامي المرتكزة على القيم الإنسانية والأخلاقية، والأمثلة كثيرة والتي تتبدى بالدخلاء على مهنة الإعلام الأكاديمي، والفيسبوكيين كالذين يتهمون جهة ما بالفساد دون الاستناد إلى وثيقة تدعم روايتهم، ويدخل الأمر هنا في حيز التشهير السلبي، بينما الإعلام التقليدي يستقي معلوماته دائماً من مصادر موثوقة، وهذا لا يعني بالضرورة فشل وسائل التواصل، كون هناك من يلتزم بقواعد ومهنية الإعلام التقليدي، وينال مصداقية ومتابعة، ولهذا فإن نجاح وسائل التواصل الاجتماعي يعتمد بشكل رئيسي على اعتماد ضوابط العمل الإعلامي، وأخلاقيات مهنة الإعلام.
 
كما أنه لا يمكن الاعتماد على إحدى الوسيلتين دون الأخرى، وبالنهاية الفارق يبقى في الضوابط التي يلتزم بها الإعلام التقليدي، كونه يمر بمراحل عدة، تضمن مصداقيته وتأثيره على المتابعين، في حين يعد ضبط المحتوى في وسائل التواصل الاجتماعي بالمجمل أمراً صعباً.
 
عناصر جذب
 
على الرغم من أهمية انعدام التكلفة المادية، والحرية التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي، سواء الفيسبوك أو اليوتيوب وغيرها، إلا أن هناك ميزات أخرى تتوفر في هذه الوسائل، لتجعلها منافساً حقيقياً لوسائل الإعلام التقليدي، وأهمها التلاؤم الذي يعبّر عن قرب المادة الإعلامية من الجمهور وثقافته، وارتباطها بفئات الجمهور، إذ أن وسائل الإعلام التقليدية كالتلفزيون والصحف، تهتم بالوصول إلى أكبر قدر من فئات الجمهور، بينما في تلك الوسائل والشبكات يظهر جانب التخصص، بمعنى أن القائمين على تلك البرامج يقتربون بشكل حقيقي من الجماهير ليلبوا احتياجاتهم، إضافة لقصر المادة في تلك الوسائل يلعب دوراً كبيراً في زيادة عدد المتابعين، فقصر المادة أحد أهم الميزات التي تجذب الجمهور.
 
 
 
سلبياتها وتأثيرها المدمر
 
تشير الكثير من الدراسات إلى أن الفوائد من انتشار التكنولوجيا ممثلة بتلك الوسائل، تكاد تساوي مساوئها، خصوصاً في الجانب الأمني، وفيما يتعلق بالمعلومات الشخصية، تؤكد الاختصاصية النفسية سميرة عقل بأن الإعلام الالكتروني يمثل مرحلة استعمار الكتروني دون مقاومة حقيقية من قبل مختلف الأفراد أو الجهات، مشيرة إلى أن تلك الوسائل تعتبر ضمن أدوات السياسة الناعمة التي تستخدمها الدول القوية لتنفذ أجندتها، وكذلك قراصنة الأنترنت الذين يسرقون معلومات  المستخدم وبياناته بهدف الإضرار به، كما أن فضاء الأنترنت أصبح مليئاً بالجواسيس، ونبهت إلى ضرورة التعامل بمسؤولية مع هذه التقنيات عبر استخدام كلمة سر قوية، وعدم نشر كل المعلومات الشخصية في هذه الوسائل.
 
اهتمامات الشباب
 
تقول الطالبة لميس حسان إنها تشارك بالكثير من المجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تتنوع في أخبارها فنياً، واجتماعياً، وسياسياً، حيث تؤكد لميس بأنها ومعظم جيلها تتابع بشكل كامل وواع ما يدورحولها، والدليل هو تفاعل هذه الفئة مع الأحداث التي تحيط بهم، وفي الوقت ذاته هي تؤكد وجود عدد من الشباب أو الفتيات يتركز جل اهتمامهم على مواضيع ساذجة غير ذات نفع، وتستهلك ساعات طويلة من يومهم!.
 
نسف القيم والمبادئ
 
بات الدور الذي تقوم به شبكات التواصل الاجتماعي في عصرنا هذا معروفاً للجميع، ويهدف لخلق جيل تبعي غير قادر على التأثير والتفاعل، ولاسيما بين فئة الشباب، والملاحظ أن معظم الشباب يترددون على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لمدة تتراوح بين ساعة و5 ساعات يومياً كحد أدنى، في حين أن معظمهم يتصفحون من دون مشاركة أو تفاعل، كل ذلك من شأنه نسف كل ما سعت إليه الدول لبناء جيل واع ومثقف، وهو ما يتطلب ضرورة إعادة توجيه هذه المنصات بما يخدم النهوض بالمجتمع، ويعزز قيم الشباب.
 
الهروب من الواقع
 
تعود الباحثة الاجتماعية سميرة عقل لتؤكد أن التفات الشباب لوسائل التواصل الاجتماعي، وصب اهتماماتهم، أو لجوءهم لتناول أخبار سطحية وغير نافعة، ربما هو محاولة للهروب من الواقع الأليم الذي يعيشونه، سواء في بيوتهم، أو بيئتهم، وترى عقل أن هذا الهروب قد يؤثر على طموحاتهم ومستقبلهم.
 
دور الأهل في التوعية
 
وتبيّن عقل أن الإعلام لم يعد الوسيلة الوحيدة لغرس الاهتمامات لدى جيل الشباب، فمازال دور الأهل قائماً في غرس المفاهيم والقيم لدى الأبناء من خلال متابعتهم والحرص على توجيههم دوماً، ودعت عقل إلى ضوابط من قبل الأسرة للتعامل مع هذه المواقع، كما تمنت من الأهل أن يشتركوا في تغيير آراء أبنائهم، وتشجيعهم على التركيز على أهمية المواضيع التي يتابعونها على تلك الوسائل، فأغلب ما ينشر عليها كفيل بأن يكون سبباً في هدم القيم التي ربوا عليها، هنا يأتي دور الأهل ليكون لهم دور مضاعف بتوعية الأبناء ودفعهم للارتباط بقضاياهم التي يعيشون في خضمها.
 
بناء جسور الثقة
 
تقول عقل إن دور الأهل لا يكمن فقط بمراقبة أبنائهم، وملاحقتهم عبر ما يستهويهم في مواقع التواصل الاجتماعي، بل على العكس لابد لهم من بناء قاعدة، وتعزيز الثقة بين الآباء والأبناء من خلال متابعتهم وحثهم على اختيار الأفضل، سواء من الأصدقاء في الواقع، أو في واقعهم الافتراضي دون أن يشعر أبناؤهم بأنهم ملاحقون أو محاصرون من قبل الأهل، كما يجب إشراك الأهل مع الأطفال، والتفاعل معهم باختيار أية مواقع أو ألعاب الكترونية من شأنها تعزيز ثقافة ووعي الطفل أو المراهق.
 
قوانين وضوابط
 
المعلّمة رائدة خضور أكدت الحاجة الملحة إلى حملة مجتمعية متعددة الوسائل، تستهدف الكبار قبل الصغار، لضبط استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، لأن سوء تعامل النشء مع هذه الوسائل التكنولوجية ومخاطرها غالباً ما يكون في الأساس من عادات منقولة من الآباء أو الأمهات داخل المنازل، كما نحتاج إلى حملة أخرى على المستوى التعليمي تستهدف المدارس كافة لوضع الآليات، ودعت الأسرة والمدرسة للابتعاد عن أسلوب الترهيب، والمنع التام لاستخدام الأبناء هذه المواقع والوسائل الاجتماعية الافتراضية، لافتة إلى أن المنع دون تقديم أسباب مقنعة يأتي غالباً بنتائج عكسية على الأبناء.
 
دعاء الرفاعي