على مدار الساعة التقنية وتطبيقات التكنولوجيا.. دخول سريع في يوميات الناس.. وأداء يرضي المستخدم

على مدار الساعة التقنية وتطبيقات التكنولوجيا.. دخول سريع في يوميات الناس.. وأداء يرضي المستخدم

شعوب وعادات

الجمعة، ٦ يوليو ٢٠١٨

تدريجياً، ومع مرور الوقت، يزداد تأثير تلك القطعة المستطيلة التي أفرزتها التكنولوجيا، فتطورت ونمت واختلفت أحجامها وأشكالها، وازدادت التقنيات التي تساهم في صناعتها وتشكيلها، لتصبح مرافقاً دائماً يلاصق يوميات ولحظات معظمنا، وليست مجرد هواتف وأدوات اتصال تقليدية، كما كانت أو اعتدنا على أدوارها في السابق، ويمكن الجزم بأن هذه الهواتف أصبحت اليوم بالنسبة للبعض عالماً قائماً بأكمله يجاور العالم الذي يعيشون فيه، كما أصبحت صديقاً، ومرشداً، ومساعداً، وناصحاً ذكياً في الكثير من المهام والأعمال التي نقوم بها، والملفت أن الهواتف الذكية في دول متقدمة تؤدي اليوم مهامّ مختلفة ومعقدة لم نكن نتخيل أن ترتبط بها بأي شكل من الأشكال، ففي بعض الدول الأوروبية يتم اليوم تطوير تطبيقات ذكية بإمكانها تقييم الوضع الصحي لمستخدمها من خلال مجموعة أسئلة واختبارات، وفي دولة كاليابان مثلاً يكفي أن تخرج بصحبة هاتفك الذكي دون أي مال أو أوراق لتستخدمه في معظم العمليات اليومية التي تحتاجها من ركوب سيارة الأجرة، إلى الدفع الالكتروني، والقيام بعمليات البيع والشراء، إضافة للتذكير بالمواعيد، وغيرها من المهام الفريدة كقفل المنزل مثلاً، وتأمينه، والتحكم بمفاتيح الإضاءة، أو التلفاز، أو التكييف، وغير ذلك من المهام التي يمكن أن يحتاج إليها المرء في يومه، وفي منزله.
جزء من الشخصية
والملفت أن هذه الهواتف أصبحت اليوم جزءاً من شخصية بعض الأفراد، سواء بمظهرها الخارجي وأشكالها وأحجامها حين تعبّر عن المظاهر الاجتماعية، أو بالتطبيقات التي تحتويها، فمثلاً يوضح عبد الكريم، وهو طالب فلسفة، بأن الهاتف جزء من شخصيته ومظهره الخارجي، فمثلاً يتوجب بالنسبة لذلك الشاب غالباً أن ينسجم غطاء مع لباسه من ناحية اللون والنمط الكلاسيكي أو الصاخب، في حين يبدو الهاتف بالنسبة لبعض الطلاب الآخرين كعاصم، “أدب انكليزي”، معيناً ومرشداً في تفاصيل مختلفة في حياته اليومية، سواء في الجوانب الدراسية والعلمية، أو العملية والتطبيقية والترفيهية، وتفاجأ حين ترى ذاك الكم الكبير من البرامج والتطبيقات في جواله، وأهمها بالنسبة لديه مجموعة تطبيقات للترجمة يتميّز أحدها بخصائص فريدة، إذ يستطيع بمجرد التقاط صورة لكلمة ما تحويلها لنص، وترجمتها على الفور، وهو ما يتيح له ترجمة نصوص عديدة يحتاجها في دراسته بدلاً من البحث المتعب عنها في القاموس، ولديه تطبيقات أخرى، بعضها لقواعد اللغة، وبعضها يمكنه من إجراء اختبارات، ورفع مستوى مهاراته في التحدث.
 
تطبيقات فريدة
أنماط أخرى من استخدامات التقنية تحدث عنها آخرون، فمثلاً: لا يتوقف الهاتف الذكي للفتاة الجامعية هديل عن الرنين صباحاً حتى تلتقط لنفسها صورة “سيلفي” وهي مبتسمة، هكذا يعمل التطبيق الذي نصبته مؤخراً على هاتفها لإيقاظها، تقول الفتاة مبتسمة وهي تتذكر أياماً مضت: “الله يرحم أيام ساعة المنبه، وصوت الرنين المزعج الذي كنا نستيقظ عليه صغاراً”، اليوم نستطيع اختيار النغمة، ووقت التنبيه بدقة متناهية، ونستطيع إضافة وقت آخر للغفوة، وآخر ما أصبحنا عليه أن تستيقظ مبتسماً باستخدام أحد التطبيقات، أما لوقت النوم- تضيف هديل- فهناك تطبيقات أخرى تجعلك تغفو على أنغام موسيقا هادئة، وتتوقف تلقائياً بعد وقت محدد، وبعيداً عن الاستيقاظ والنوم، يبدو وائل، طالب الصف العاشر، مشغولاً بتصوير بعض الدروس والملاحظات من كتاب أحد أصدقائه مستخدماً هاتفه الذكي الذي يتوفر فيه تطبيق لتصوير النصوص بدقة عالية، ما يسهل عملية تبادل المعلومات، أما الشيء الذي لا يستطيع وائل الاستغناء عنه فهو استخدام هاتفه لتسجيل بعض الدروس للعودة إليها عند الضرورة، أما علي، وهو مدرّس وأب لطفلين، فأصبح تفكيره جدياً بشراء جهاز أي باد جديد لأولاده رغم ارتفاع ثمنه، فلا إمكانية لاستخدام مريح، أو قراءة هادئة لبعض الكتب الالكترونية التي حمّلها على جهاز “الأي باد” بوجود طفليه، ومطالبهم المتكررة بحصتهم وأدوارهم في “اللعب” باستخدام الجهاز لبعض ألعاب سباق السيارات والقتال مثل أطفال كثيرين دخلت التقنية عالمهم.
 
خدمة طبية
والملفت حقاً ما تحدثت عنه أم رغد حين بيّنت جانباً آخر من استخدام تطبيقات الهواتف الذكية، والتقنيات التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من التفاصيل اليومية في حياة المجتمع السوري حين تحولت أيضاً إلى طبيب في المنزل، ومرشد صحي يقدم العديد من النصائح اليومية في هذا الجانب، تستخدم أم رغد تطبيقات طبية كثيرة حمّلتها على هاتفها الذكي، تشرح أحدها وهو تطبيق وظيفته قياس ضغط الدم في الجسم، فتقول: يكفي أن تضع اصبعك بشكل متصل على الضوء، وعدسة الكاميرا الخلفية في الهاتف، ليتم قياس الضغط لديك، وتزويدك بالنتيجة، وهناك تطبيق آخر لقياس عدد نبضات القلب، والتطبيقان، بحسب أم رغد، يقدمان نتيجة ملموسة تستفيد منها ربة المنزل إلى جانب تطبيقات أخرى، ومنها ما يستخدم لتشخيص الأمراض في أجزاء الجسم المختلفة، ويقدم الحلول والنصائح لحلها، ومنها ما يحتوي مكتبة الكترونية كاملة عن الطب البديل، وتتضمن نصائح عن خواص الأعشاب والنباتات الطبية، وهناك أيضاً تطبيقات أخرى تستخدم كمرشد صحي يرافقك في يومك، ويقدم لك النصائح بتمارين رياضية تمارسها بشكل دوري، وكما كل شغف ربات المنزل، فوصفات الطبخ، وإرشادات تحضير الطعام، حاضرة في تطبيقات أخرى وفرتها التقنية الحديثة لأم رغد، وغيرها من ربات المنازل.
 
مشاكل نفسية
إذاً وفي غفلة منا تصبح التقنية المتمثّلة بتطبيقات تلك الهواتف مرافقاً يومياً في حياة فئات مختلفة من أفراد المجتمع والأسرة على حد سواء، ويكثر من تسمع سخطهم من الحالة التي أصبح عليها المجلس الأسري حين يبدو كل فرد من أفراد العائلة مشغولاً بهاتفه وما فيه من تطبيقات أو وسائل تواصل اجتماعي، وهو ما يفرض بالضرورة حالة من العزلة الاجتماعية، وأنماطاً سلوكية جديدة، إذ تحدث الكثير من علماء النفس والمختصين حين وصفوا التقنيات المستخدمة اليوم بسلاح ذي حدين، ففي الوقت الذي تقرب فيه المسافات، وتختصر الزمن، وتجعل من الحياة أكثر رفاهية، فهي تؤدي إلى الكسل والتقصير والإهمال في أداء الكثير من الواجبات اليومية المطلوبة من الفرد كممارسة الرياضة، أو المشي، والجلوس مع أفراد الأسرة أو الأصدقاء والتواصل معهم، هذا إلى جانب مشكلات نفسية عديدة يتمثّل أهمها بالعزلة، والانطواء، وعدم الرغبة بالخروج، أو المشاركة بالأحداث الاجتماعية.
أكثر خطورة
ومن المؤكد أن الأعراض التي يتحدث عنها علماء النفس ستكون أشد خطورة في مجتمع أكثر حساسية واستقبالاً لهذه التقنيات، وهو مجتمع الأطفال الذي يشرحه الدكتور مهند إبراهيم، مدرّس علم نفس الطفل في جامعة البعث، إذ يقول: رغم تحفيز بعض تطبيقات الهواتف الذكية الأطفال على تأدية مهارات مختلفة، إلا أنها تقودهم تدريجياً إلى حالة من الكسل والاعتماد شبه المطلق على هذه التقنيات، مثال: الطفل أو الطالب الذي يستخدم الآلة الحاسبة في هاتفه لإجراء العمليات الحسابية يفقد مهارة الإبداع وإعمال الفكر لحل المسائل الرياضية، وبحسب د. إبراهيم يمكن أن تكون تلك التقنيات وألعابها الالكترونية التي يستخدمها الأطفال ذات تأثير إيجابي في حال استخدمها الأهل بضوابط رقابية، وأسلوب تحفيزي، وضمن أوقات محددة ومعقولة، فتزيد مهارات الدقة والملاحظة، لكن الإفراط البالغ في الاستخدام يدخل في مرحلة الإدمان، وبالتالي تدمير الطفل نفسياً ومعرفياً، وإبعاده عن الاندماج بشكل سليم مع المجتمع، ومن المهم جداً دور الأهل الرقابي بتنظيم هذه العملية، وعدم ترك الطفل مع تلك التقنيات بصورة دائمة، والعمل على تأمين بدائل سليمة كاللعب بالكرة الذي يحفز في الطفل روح الفريق، أو القراءة والمطالعة، وغيرها من الأنشطة.
 
تأثيرات صحية
وتبقى أخيراً الإشارة إلى مخاطر صحية كثيرة ربما تكون ضريبة الرفاهية التي وفرتها تلك التقنيات والهواتف الذكية، فبحسب رأي د. عدنان أسعد، طبيب الصحة العامة، معظم تلك الأجهزة ذات طيف كهرومغناطيسي يؤثر على صحة مستخدمها من خلال امتصاص الجسم لتلك الطاقة، ومن الأعراض الصحية للإشعاعات الكهرومغناطيسية الصداع المزمن، والتوتر، والرعب، والانفعالات غير السوية، والإحباط، وزيادة الحساسية بالجلد، والصدر، والعين، إضافة لمشكلات تنتج في العمود الفقري، والرقبة، وعضلات ومفاصل الجسم نتيجة الانحناء الطويل، وقلة الحركة، وهو ما يتطلب، بحسب أسعد، الحذر والانتباه بعدم إرهاق العين بالتركيز بتلك الأجهزة، وممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بين وقت وآخر.
 
محمد محمود