العازبة.. حكم اجتماعي بالعنوسة.. وتمييز لا يخلو من المعاناة

العازبة.. حكم اجتماعي بالعنوسة.. وتمييز لا يخلو من المعاناة

شعوب وعادات

الجمعة، ١٣ ديسمبر ٢٠١٩

في إحدى حفلاتها الغنائية، قطعت الفنانة المصرية أغنيتها التي تحمل عنوان الراية البيضاء، والتي تحث فيها النساء لسماع كلمة الرجال، والانصياع لأوامرهم، لتقول: “طالما نحن لا نستطيع الاستغناء عن الرجل في حياتنا، يبقى نسمع كلامه أحسن، ولا انتم شايفين ايه”، ما أثار حفيظة شريحة كبيرة من النساء اللواتي اعتبرن نصيحتها ذكورية، لتطلق العديد من الناشطات هاشتاغ “اسكتي يا شيرين” رداً على كلامها، لتعاود بعدها شيرين إثارة الجدل بتصريح آخر رداً على الهاشتاغ الذي أطلق ضدها تستغرب فيه الانزعاج من نصيحتها، مبررة أن من قمن بإطلاق هذا الهاشتاغ هن “شوية عوانس”، إذا كانت سيدة فنانة من المفترض أنها منفتحة فكرياً وثقافياً تنظر إلى النساء العازبات بهذه الطريقة، وتفكر بهذا الأسلوب، فلا عتب على السيدات الأخريات، خاصة أن الفنانين عادة هم من قادة الرأي الذين يؤثرون في المجتمع، ولهم متابعون ومعجبون من مختلف الشرائح العمرية يتأثرون بآرائهم، وهنا السؤال: هل فعلاً المرأة عدوة المرأة؟ هل هي من تقف ضد نفسها وضد حصولها على حقوقها؟.
 
غير مناسب
مصطلح عانس الذي تطلقه بعض المجتمعات على الفتاة التي تأخرت بالزواج، هو كلمة مهينة اخترعت لإجبار المرأة على الزواج من أي شخص قد يكون غير مناسب، فقط لتتخلص من هذا اللقب، ولإقناعها بأنها من دون ذلك الزوج الذي قد يكون غير مناسب على الإطلاق ستكون شخصاً ناقصاً، والتقليل من قيمتها لأنها لم تتزوج، وإطلاق هذا اللقب عليها عوضاً عن مصطلح عازبة مثلاً، عادة النظر إلى المرأة بهذه الطريقة، وإطلاق هذا اللقب عليها لا يحدث إلا في المجتمعات المتخلّفة فكرياً، الزواج هو إحدى المؤسسات الضرورية التي تبني المجتمع، ولكن لابد من الاعتراف بأهمية أي إنسان، سواء كان رجلاً أو امرأة، بغض النظر عن دخوله لهذه المؤسسة من عدمه، فقيمة الإنسان لا تتحدد بإقدامه على هذه الخطوة أو لا، بل الأمر أبعد وأهم من ذلك، فإذا أخذنا المرأة السورية مثالاً، سنرى بوضوح ما استطاعت عمله في ظل الظروف الصعبة التي نمر بها، وفي ظل حرب مستمرة منذ تسع سنوات دفعت فيها النساء تحديداً أثماناً باهظة، وتعرّضن للاضطهاد، ومع ذلك استطعن تجاوز الكثير من هذه الصعوبات، وبرهنت السيدة السورية على قوتها، واستقلال شخصيتها، وقدرتها على الصمود، وحماية أسرتها، سواء بوجود الرجل أو غيابه.
 
نشر الوعي
بتول سيدة في الأربعين من عمرها تعمل ممرضة، تحدثت عن تجربتها قائلة: أنا فتاة عازبة أخرج من بيتي مع ساعات الفجر ولا أعود قبل الساعة الثامنة، والجميع يعلم معاناتنا نحن الممرضات، خاصة في فترة الحرب، والمخاطر الكبيرة التي تعرّضنا لها ككادر طبي وتمريضي، ومع ذلك لم أنقطع يوماً واحداً عن العمل على الرغم من وجود المشفى الذي أعمل به في منطقة كانت خط تماس، وتتابع: حرصت على متابعة عملي، وتربية أولاد أخي مع والدتهم بعد استشهاد أخي، واليوم أنا فخورة جداً بنفسي بعد أن أصبح الصغير فيهم في كلية التربية، وأكبرهم تخرج في الجامعة، لذلك أعتقد أن عدم زواجي لا يقلل من قيمتي، ولا من أهمية كوني إنساناً فاعلاً في المجتمع، ونحن كنساء علينا دعم بعضنا، لا المساهمة مع بعض المتخلفين بجلدنا، الباحثة التربوية لينا جروج توضح في تعليقها على هذا الموضوع أنها منذ صغرها لاحظت التمييز الواقع على الإناث، وانتفضت على بعض أشكال هذا التمييز، وما ساعدها في ذلك دعم والدها وإخوتها الشباب لها، مضيفة أيضاً: عندما دخلت مجال العمل لاحظت هذا التمييز على نطاق أوسع، ولكن التقيت بزميلة تعي هذا التمييز وتحاربه، فكنا أنا وهي داعمتين الواحدة للأخرى، لذلك أستطيع أن أقول إن الأنثى التي تستسلم لقيود المجتمع، هي من تظلم نفسها وتظلم بناتها لاحقاً، والإناث من حولها، وبالتالي تنشىء جيلاً فيه من الخلل في العلاقات ما يطال الإناث والذكور، إن الأنثى التي تعي حقوقها كفرد مستقل تنشأ حرة، وتجد من يدعمها في هذا المجتمع الذي يحمل في عاداته الاجتماعية وقوانينه الكثير من الظلم المتوارث، وتستطيع المساهمة في تغييره، لذلك من الضروري نشر الوعي لحقوق الإناث كفرد مستقل عن طريق الاستعانة بالإناث والذكور الأحرار، مختتمة مداخلتها بالتحية إلى كل امرأة واعية وجريئة لحقوقها كفرد مستقل، ولكل رجل جريء داعم لهذه الحقوق لإحداث التغيير.. وأنت سيدتي ما رأيك؟.
لينا عدرة