عباس حيروقة في صلاة البياض: هـي الشآم على أسـوار قلعتها.. حط الفخـار ولم يبـرح هنا ابدا

عباس حيروقة في صلاة البياض: هـي الشآم على أسـوار قلعتها.. حط الفخـار ولم يبـرح هنا ابدا

شاعرات وشعراء

الجمعة، ١٤ يوليو ٢٠١٧

ماذا يبقى من الشعر إذا كان خارج رحم الحياة ونبض الناس، ولمن يكتب و بل من يقرأ تهويمات في مهب الريح لا تبقى لحظات بعد أن تطلقها شفاه نظنها تعتقد انها تقول تكتب شعرا، لكنها في احسن الاحوال هذيان،

تفاجئك عشرات المجموعات الشعرية التي لايمكن ان يحمد اصحابها إلا على انهم كانوا سببا في انتعاش المطبعة والتنضيد والورق، وبالتالي حركة اقتصادية بحتة، هنا ولهذا فقط يمكنك ان تشكرهم فقد قدموا فرصة عمل،‏

 

وما احوجنا الى ذلك ولكن على المقلب الاخر، ثمة من هو شاعر حقيقي ينبض ابداعا وقدرة على الفعل والابداع، تتابع ما قدمه وتشعرأنك تقرأ شعرا، هذه حال المجموعة الشعرية الصادرة حديثا عن الهيئة العامة السورية للكتاب تحت عنوان: صلاة البياض الكثيف، للشاعر عباس حيروقة.‏

وما بين الذات التي تتفجر مع كل كلمة وجملة شعرية، واللحظة الفارقة في احداث الوطن ينبثق الشعر مقدما لوحة جميلة عليك ان تقرأها بلغة الشعر التي تهل علينا منذ مطلع العنوان: صلاة البياض الكثيف، ما هذه الصلاة ولمن وكيف و صلاة البياض، وهل من صلاة سوداء، وكيف تكون ولمن توجه ؟‏

اسئلة تعبق بالكثافة والدلالة التي تغري للغوص في المجموعة، النص الاول الذي حمل عنوان: «يرجف قلبي حين تهب رياح الله» يقدم لوحة اولية عن نبض الحب وما يعنيه الوطن:‏

في زاوية من.. هذا العالم في سورية وقت المغرب من نيسان.. طافت روحي سرب حمام.. فرأت أنهارا قد جفت والابار سلاها الماء.. اتأمل هذي الارض تضيق.. تضيق ايليق بروحك ان تتهشم بين يديك وانت رقيق.. ما احزنني يا اماه اجلي عيني بصورتك الربانية عند الفجر..‏

والوطن هو نبع النور ومصدره، الشام رئة العالم وشمسه وقمره، فكانت القصيدة الجميلة: في حضرة الانوار:‏

مازال في الشام يجلو ناظري بردى‏

ويخفق القلب إذ ما قاسيون بدا‏

وترقص الروح رقص المولوي إذا‏

ما كان في حضرة الانوار متقدا‏

هي الشآم على اسوار قلعتها‏

حط الفخار ولم يبرح هنا ابدا‏

والياسمين على ابواب حارتها‏

غطى المآذن والصلبان قد صعدا‏

والليل عتب بالاهات احزنها‏

من شدة الوجد صحنا كلنا: مددا‏

ففارت الارض من ألطاف كوثره‏

والمزن أوفى لهذي الناس ما وعدا‏

من وقع اقدامهم كم نوتة عزفت‏

وراحت الارض تشدو لألف مدى‏

يهدهد الغيم نسر كي يلاطفه‏

ماذا اعدد من آلاء جلقنا‏

هي النجوم.. فمن يحصي لها عددا‏

ويرقص الحب في ساحتها ثملا‏

فالحب دينك مذ ياشام قد وجدا‏

والشام هي تراب كل سورية، هي الجندي والعامل والمهندس والام، والاب هي كل هؤلاء الذين اعطوا الوطن نسغه وعنوانه وقدرته على الصمود والبقاء، الشام هي القصيدة التي نتغنى بها، وهي التي ترسم النصر للعالم كله، فاذا لم يكن الحبر مغمسا بلونها ونصرها فمتى يكون ؟‏

وما بين الهمّ الوطني والوجداني تمضي صلاة عباس حيروقه في بياض الشعر الكثيف قادرة على التقاط اللحظة التي يبتهل فيها الشعر الى ازرق السماء ليكون الوطن قيثارة الخلود التي لايمكن لأي لحن أن يكون جميلا إذا لم يكن على أوتارها.‏

بقي ان نشير إلى ان عباس حيروقة اصدر مجموعة من الاعمال الشعرية نذكر منها: تراتيل الماء، قيامات الفرات، سغب الضفاف، محزونة القصبات ضفة نهرنا،..‏

تقع المجموعة الشعرية في 158 صفحة من القطع المتوسط.‏