شفيق جبري في ذكرى رحيله.. شاعر الشام وابنها البار

شفيق جبري في ذكرى رحيله.. شاعر الشام وابنها البار

شاعرات وشعراء

السبت، ٢٣ يناير ٢٠٢١

مع غروب شمس القرن التاسع عشر ولد قلم إنسان مبدع ليكون واحدا من أهم أعلام عصر النهضة وهو الشاعر شفيق جبري.
 
جبري الذي رحل في مثل هذا اليوم سنة 1980 ولد في حي الشاغور الدمشقي سنة 1898 نشأ على حب العلم والمعرفة مع ميل للعزلة والبعد عن الناس كما يذكر كتاب “شاعران من بلد الياسمين” لعبد الإله عبد القادر الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب ومن أجل ذلك عزف عن الزواج طيلة حياته وعاش في منزله الهادئء بمصيف بلودان.
 
ويشير عبد القادر إلى أن ميل شاعر الشام إلى العزلة لم يبعده عن قضايا وطنه فاكتسب بحق لقب شاعر الشام الذي أطلقه عليه أمير الشعراء أحمد شوقي عند زيارته لدمشق بعد الاحتلال الفرنسي لها فكان جبري شاعرا وكاتبا من جيل التنويريين النهضويين الذين جعلوا من قصائدهم منارات تهتدى بها الأجيال.
 
ويوضح عبد القادر أن شاعر الشام ربط بين موهبته الشعرية وقضاياه الوطنية والمناسبات المهمة المتعلقة بحياة شعبه وأمته حيث تشغل القصائد الوطنية في ديوانه حوالي النصف تقريبا ومنها التي رثى فيها شهداء 6 أيار الذين أعدمهم جمال باشا السفاح سنة 1916 حيث كان شاعرنا في عمر لا يتجاوز الثامنة عشرة.
 
معاصرة جبري لأحداث جسام جعلت من شعره يتدفق للتعبير عما طال الوطن كما يذكر عبد القادر فقد عاين احتلال الفرنسيين لدمشق في تموز 1920 حيث عبر عن هذا الحدث بكل مرارة في قصائد حزينة شديدة العاطفة.
 
ويلفت عبد القادر إلى أن تغني جبري بالوطن وبأحداثه يكشف عن انتماء ووعي عميق بهموم وطنه وإشكالاته وله في هذا المضمار الكثير من القصائد ويكفيه أنه كان أول من نظم قصيدة احتفاء بجلاء الاحتلال الفرنسي ألقاها في مدرج جامعة دمشق في الـ 17 من نيسان من عام 1946 والتي يعرفها جل قراء الشعر “حلم على جنبات الشام أم عيد”.
 
ويشير عبد القادر إلى أنه رغم أن جبري نذر نفسه وشعره لخدمه وطنه وأمته فإنه بلا شك لم يترك المرأة أو يهملها بل كتب لها جملة من قصائد رقيقة حالمة توحي بهذا الارتباط الوجداني الإنساني مع النصف الثاني المكمل للحياة حتى إنه جعل طيب الحياة مرتبطاً بطيب المرأة.
 
ولكن إبداع شاعر الشام لم يتوقف على القصيدة وفقا لعبد القادر فهو إضافة إلى أنه كان من جملة أعضاء مجامع اللغة العربية في دمشق وبغداد والقاهرة وعمادته لكلية الآداب في جامعة دمشق سنة 1947 وعمله في وزارتي المعارف والخارجية كان صاحب نتاج إبداعي متنوع تعدد في أجناسه ما بين نثر أدبي وصحفي وأدب رحلات حيث ألف عددا من الكتب خصصها لرحلاته في دول عربية وأوروبية.
 
أما بالنسبة للأدب السياسي التاريخي الذي قدمه جبري فحمل وجهة نظره الخاصة كمفكر وأديب وباحث حيث يجد عبد القادر أنه نم عن وعي عميق بما حمله لنا التاريخ من إشكالات ظلت حتى الآن في إطار الجدل بين أطراف النزعات الفكرية والسياسية ويرجع ذلك كما رأى جبري إلى عدم الدقة في نقل التاريخ ومن كتبه في هذا المجال “في أمر الشورى” و”العوامل النفسية في سياسة العرب”.
 
ويؤكد عبد القادر أن الشاعر جبري كان أحد مجددي الشعر في بدايات القرن الماضي فكان منفتحا على العالم دون أن يجعل لذلك سبباً لضياع أي قيمة فنية أو شعرية في نتاجه.