بعد إخفاقات السلة السورية هل اتحاد السلة قادر على وضع إستراتيجية جديدة

بعد إخفاقات السلة السورية هل اتحاد السلة قادر على وضع إستراتيجية جديدة

الأخبار الرياضيــة

الأربعاء، ٣١ أغسطس ٢٠٢٢

أخفقت السلة السورية في عهد الاتحاد الحالي في تحقيق نتيجة جيدة، وكانت مشاركتها في نهائيات آسيا أشكالاً وألواناً بين الرفض هنا والقبول هناك، وذهب البعض إلى إلقاء التهم والمسؤولية على اتحاد السلة واتهموه بالتقصير والفشل وبأنه هو الوحيد في سبب النكبات والانتكاسات، وكأن سلتنا كانت قبل سنوات قليلة متربّعة على منصات التتويج وخاضت أدواراً متقدمة في كأس العالم.
والحقيقة التي يعرفها الكثيرون بأن السلة السورية لا تملك في جعبتها أي إنجاز عربي أو قاري، وكان أفضل مركز حققته في مشاركاتها بنهائيات آسيا في عام 2001 بالصين عندما كانت تمتلك لاعبين من الجيل الذهبي الذين تركوا بصمات واضحة في تاريخ سلتنا، ولم تكن هذه النتائج نتاجاً لجهود القائمين على اللعبة حينها.
حقيقة لابد منها
لن نكون جناة على الاتحاد الجديد، ولن نحمّله كامل المسؤولية عن سوء النتائج فهو أخطأ عندما شطحت به الأحلام والتطلعات بعد فوزه الغريب العجيب على إيران وأطلق العنان لطموحاته بأنه سيصل إلى كأس العالم، وكان حرياً به أن يستفيد من فوزنا على منتخب إيران ويؤسس عليه لفضاءات أوسع وأشمل، غير أنه ارتضى بالوقوف على الأطلال والتغني بفوز نعرف جميعاً كيف تحقق، وأخطأ عندما اتبع بعض القائمين على إعداد المنتخبات سياسة التفرد بالقرارات والعمل بشكل ارتجالي بعدما ألغى دور أعضاء الاتحاد والخبرات منهم، وأخطأ عندما أعطى مباريات المربع الذهبي هذا الموسم بعداً أكبر وكان ذلك على حساب تحضير المنتخب، فخرج لاعبو المنتخب منهمكين ومرهقين انتابتهم حالة من الملل بعد الانتهاء من معترك المربع الذهبي ليجدوا أنفسهم أمام تحضيرات قوية وجدية لم ينجحوا في منحها كل الاهتمام، وأخطأ عندما كان على علم ودراية بروزمانة اتحاد غرب آسيا ولم يعر منتخب الشباب ما يستحقه من تحضير يوازي حجم بطولة قارية تضم منتخبات كبيرة وعريقة واللعب معها ليس بتلك السهولة، وهو بحاجة إلى وقت تحضيري كاف يتناسب معها، وأخطأ عندما قبل بإجراء تغييرات فنية على الجهاز الفني والإداري لمنتخب الشباب في وقت حرج فكانت النتائج كارثية، وأخطأ الاتحاد عندما اكتفى بالصمت والهروب من مكاشفة الإعلام وشرح ما جرى ومن ثم الاعتراف بأخطائه، ما جعل التأويلات والأقاويل تطاله من كل حدب وصوب، وأخطأ الاتحاد عندما لم يسمح لمكتبه الإعلامي في أن يأخذ دوره المنوط به على أرض الواقع كما يجب بعيداً عن أي تدخلات، فكان عمله نقل الأخبار لا أكثر.
مشكلة في مكان آخر
لا يمكن أن نحمّل الاتحاد كامل المسؤولية رغم أخطائه الفادحة غير أن هناك من ساهم في سوء النتائج وهي الأندية التي مازالت تعمل بطريقة عشوائية لا تنم عن عقلية احترافية عالية، وهذا من شأنه أن يفرز مواهب وخامات لا تجيد التعامل مع أبجديات كرة السلة الحديثة وبالتالي هذا
يصب في بوتقة المنتخب الوطني الذي يعاني من أمرين مهمين، الأول هو سوء التحضير والثاني عدم وجود لاعبين يعرفون ألف باء كرة السلة ولابد هنا من أن تكون نتائج غير جيدة، فكيف يمكن أن يكون الحصاد مثمراً إذا كانت عملية الزرع فجة وغير صحيحة.
الحلول قائمة
لن تكون الخسارات الكثيرة التي منيت بها منتخباتنا الوطنية نهاية العالم، ففي الرياضة يتساوى الفوز والخسارة بشرط أن يستفيد الفائز من فوزه، ويتعلم الخاسر من أخطائه، واتحاد السلة يجب أن يستغل حالة العطاء التي توليها القيادة الرياضية للعبة، ويعمل على تشكيل منتخب للمستقبل، أعمار لاعبيه صغيرة ويعين كادراً فنياً وإدارياً عالي المستوى، مع إمكانية وضع خطة إعداد تمتد لثلاث سنوات يضع أهدافاً إستراتيجية للمنتخب، ويفتح باب المشاركات أمامه وينسى سوء النتائج لأن لديه هدفاً يعمل من أجل الوصول إليه.
ويجب أن يكون له دور إشرافي على سير تحضير فرق القواعد في جميع الأندية، حيث لا يجوز أن يقود مدرب أي فريق من دون أن يكون مؤهلاً بدورات عالية المستوى، مع إمكانية وضع نظام مسابقات عالي المستوى لدوري الفئات العمرية على أن يلعب اللاعب عدداً كبيراً من المباريات بعيداً عن سلق هذه المسابقات واختصارها بعدد قليل من المباريات تكون رفع عتب لا أكثر، وأن تكون هناك متابعة دقيقة لجميع تفاصيل خطته على أرض الواقع، مع تفعيل عمل لجانه الفنية وأخذ دورها الفعلي وتكون صلة وصل حقيقية بين الاتحاد وأنديته، مع إمكانية السعي وراء بناء صالات تدريبية في جميع المحافظات لما لها من دور مهم في رفع مستوى الأندية واللاعبين.
ما ذكرناه لا يحتاج تطبيقه إلى أحجية أو معادلات كل ما يحتاجه هو النيات الصادقة ودعوة حقيقية للخبرات المبعدة أو المستبعدة لأسباب شخصية منحها كامل الصلاحيات للعمل بحرية ومن ثم وضع عملها في ميزان المحاسبة والتقييم.
فهل اتحاد السلة قادر على ذلك أم سيبقى عمله محصوراً في رفع الشعارات والوعود والحجج من دون أن يأتي بأي شيء جديد.