مؤتمر جنيف يترنح: والمحصلة النهائية تحالف بين النظام والمعارضة المعتدلة لتصفية الاسلاميين

مؤتمر جنيف يترنح: والمحصلة النهائية تحالف بين النظام والمعارضة المعتدلة لتصفية الاسلاميين

مؤتمر جنيف 2

الثلاثاء، ٢٨ يناير ٢٠١٤

نستغرب استمرار وفدي السلطة والمعارضة في التفاوض حتى الآن في جنيف رغم الفجوة الواسعة في مواقف الطرفين، وعدم التوصل الى نقطة اتفاق واحدة، سواء حول القضايا الانسانية السهلة او السياسية الاكثر تعقيدا.
من الواضح ان استراتيجية الطرفين، والنظام خاصة، على عدم الانسحاب من المفاوضات، والبقاء في صقيع جنيف حتى اللحظة الاخيرة، حتى لا يتحملا تبعات هذا الانسحاب امام المجتمع الدولي.
الوفد الرسمي السوري مرتاح للتواجد في جنيف، والبقاء تحت الاضواء، واستغلال الفرصتين، الاعلامية والسياسية، المتاحة له لطرح وجهة نظره، واللقاء بأجهزة الاعلام الدولية، ولاول مرة، بعد ان كانت هذه الاجهزة متاحة بالكامل، ودون منافسة للمتحدثين المعارضين، ومن الائتلاف الوطني على وجه الخصوص.
استراتيجية النظام التفاوضية تقوم بالدرجة الاولى على التركيز على “الارهاب” باعتباره المعضلة الكبرى التي تواجه سورية وشعبها، لادراكه ان هذا التركيز يجد صدى واسعا في الاوساط الغربية على وجه الخصوص، بينما يركز الوفد المعارض على المادتين السادسة والسابعة عشر من اعلان مؤتمر جنيف الاول اي الحل السياسي، وتشكيل هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة.
السيد وليد المعلم تعامل مع وفد الائتلاف الوطني بازدراء كامل، فلم يشارك مطلقا في جولات الحوار المباشر، ولم يجلس معه في غرفة واحدة، وترك هذه المهمة لمن هم اقل اهمية من اعضاء الوفد، وكأنه يقول لهم لسنا على مستوى واحد، وانتم لا تتمتعون بأي صفة تمثيلية على الارض السورية.
***
السيد الاخضر الابراهيمي الذي يدير هذه المفاوضات وجد نفسه في موقع صعب للغاية، ليس فقط لان الهوة واسعة جدا مثلما اعترف في مؤتمره الصحافي الاثنين، والاخطر من ذلك انها تزداد اتساعا، وانما ايضا لانه ارتكب خطأ كبيرا في اعتقادي الشخصي عندما انتقل بسرعة الى القضية السياسية الاهم والاعقد، وهي نقل السلطة.
وفد النظام يتعمد احراج خصمه المقابل، من خلال محاولة جره الى قضايا سياسية، خارج اطار بنود جنيف الاول، مثل التركيز على الصلاحيات المقدمة له فيما يتعلق بقضايا وقف اطلاق النار وايصال المساعدات الانسانية للمحاصرين في مدينة حمص وغيرها، والتقدم باعلان مبادئ تحكم سير المفاوضات، ينص على قضايا غير خلافية واساسية في نظرها، مثل رفض التدخل الخارجي، ومكافحة الارهاب، والحفاظ على مؤسسات الدولة، والاقرار بوحدة سورية وسلامة اراضيها، واسترجاع الاراضي المغتصبة كافة.
المتحدثون باسم الوفد السوري اكدوا دائما وفي كل القاءات والمناسبات انهم لم يأتوا الى جنيف لتسليم السلطة، وان الشعب السوري هو الذي يقرر من يحكم سورية ومصير الرئيس بشار الاسد، وكأنهم يقولون هذه هي خطوطنا الحمراء، ومستعدون لبحث اي شيء آخر غيرها.
لا نبالغ اذا قلنا ان مؤتمر جنيف 2، او الجولة الاولى منه انتهت الى الفشل، ولا نعرف ما اذا ستكون هناك جولات اخرى ام لا، لكن ما نعرفه، بل وشبه متأكدين منه، ان اللقاءات التي من المتوقع ان تبدأ غدا ستدور في الدائرة المفرغة نفسها.
الوفد الرسمي السوري سيعود الى دمشق مثقلا بالبضائع والمشتريات، وفي ذروة السعادة لانه لم يقدم اي تنازل سياسي، ونجح اسلوبه المناور والمراوغ، ونجح اكثر في كسر العزلة الدولية عن نظامه، بينما سيعود الوفد المعارض الى المنافي، والعواصم التي تدعمه، وسيجد عاصفة غاضبة في انتظاره من الفصائل المقاتلة المتعددة على الارض السورية التي اهدر بعضها دم اعضائه لجلوسهم مع النظام وممثليه والتفاوض معهم في جنيف.
***
النقطة الايجابية الابرز الي يمكن التوقف عندها في المؤتمر بعد ما يقرب اسبوع من انعقاده، تتمثل في بدء العملية التفاوضية، وكسر الحاجز النفسي بين الجانبين، وجلوسهما وجها لوجه، ولكن السؤال الاهم هو كم ستطول هذه العملية بضعة اشهر، بضعة سنوات؟ الله اعلم.
 الفصل الثاني من جنيف قد يكون مختلفا، ولا نستبعد توسيع قاعدة المشاركة، بحيث يتم ضم ايران، ورفع “الفيتو” السعودي المفروض عليها، واضافة ممثلين آخرين لفصائل سورية معارضة على الارض، سياسية وعسكرية، فما تريده امريكا وروسيا، الدولتان الراعيتان لهذا المؤتمر هو تشكيل تحالف بين النظام والجبهات المعتدلة في المعارضة لمحاربة الجماعات الاسلامية المتشددة، وربما لهذا السبب يركز الوفد الرسمي السوري على انه لا يريد “لييبا ثانية” على الارض السورية.
السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة هو متى سيتم الوصول الى هذا التحالف، وهل سيكون السيد احمد الجربا رئيسا لوفد المعارضة السورية في اللقاء المقبل؟ نشك في ذلك؟