قراءة في القرار 2401.. بقلم: عمار عبد الغني

قراءة في القرار 2401.. بقلم: عمار عبد الغني

تحليل وآراء

الأربعاء، ٢٨ فبراير ٢٠١٨

تدلل الولادة العسيرة لقرار مجلس الأمن 2401 على حال «الكباش السياسي» الذي ساد خلال مناقشة القرار بين من حاولوا من خلاله رمي طوق نجاة لأدواتهم العاملة في سورية بعد أن أصبحوا أمام خيارات لا تخدم الأجندة الغربية، فهم إما أن يستسلموا وإمّا أن يقتلوا، وفي كلا الحالين يعني فقدان محور الحرب الورقة الأقوى التي يساومون عليها، وبين الشريك الروسي الذي بحث في أدق التفاصيل قبل الموافقة على القرار حتى لا يعطي الفرصة لأميركا ومعها فرنسا وبريطانيا بتفسير القرار حسب ما تقتضيه مصلحتهم والمتمثلة في إعطاء الفرصة للميليشيات المسلحة في الغوطة الشرقية لاستجماع قواها ولململة صفوفها لتبقى خنجراً في خاصرة دمشق.
في قراءة سريعة لبنود القرار، نستنتج أنه لا يمكن بأي حال أن تمارس الانتقائية في تطبيقه وفي حال تم ذلك فعلى تركيا أن توقف عدوانها على عفرين وعلى أميركا أن تتوقف عن قصفها العشوائي للمدنيين والبنى التحتية في سورية، وكذلك يجب الفصل بين من تعتبرهم واشنطن «معارضة مسلحة معتدلة» وبين التنظيمات المدرجة على لائحة الإرهاب الدولية كداعش وجبهة النصرة وتفرعاتهما، والإيعاز إلى الميليشيات المسلحة بوقف استهدافها للأحياء السكنية، وفق هذه المعادلة سيوقف الجيش العربي السوري عملياته في الغوطة الشرقية وغيرها من المناطق التي تسلل إليها الإرهاب، وهذا ما سعت وتسعى إليه الدولة السورية انطلاقاً من حرصها على وقف نزيف الدم والتخفيف من حجم الدمار.
ولكن ما حدث من قبل الذين استخدموا كل نفوذهم لاستصدار القرار، أنهم كانوا أول من انتهكه، حيث إن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان كثف من استهدافه لمنطقة عفرين، و«تحالف أميركا» ارتكب مجزرة جديدة في الشعفة بريف دير الزور راح ضحيتها العشرات، بينما استمرت «معارضة واشنطن المعتدلة» قصفها لدمشق وريفها، وبالتالي فإن الجيش العربي السوري بات غير ملزم بتطبيق القرار، ما دامت الأمور تسير على ما هي عليه الآن من جهة، ومن جهة ثانية فإن أميركا ومن معها لا يستطيعون توجيه التهم جزافاً لسورية، بل إنه يمكن للدولة السورية صاحبة الحق في الدفاع عن كل شبر من أرضها اللجوء إلى مجلس الأمن لمقاضاة الدول المتدخلة بشكل غير شرعي وعلى رأسها أميركا وتركيا في إطار تطبيق القرار.
وعليه فإن القرار 2401 في حال تطبيقه كما ورد في بنوده فهو يطالب جميع الدول بالتعاون الجاد في مكافحة الإرهاب، وهذا ما دعت إليه سورية وحلفاؤها مراراً وتكراراً وتهرب منه أعداء سورية عن طريق التسويف والمماطلة والتفسيرات حمالة الأوجه وهذا ما لم يحمله القرار الأخير، ما يعني أن جهود الساعين لحماية الميليشيات المسلحة ذهبت هباء ولن يطول الوقت حتى يستنتجوا أنهم تلقوا صفعة من خلال التصويت على القرار وأن محاولتهم عرقلة تقدم الجيش في عملياته العسكرية ليست أكثر من خطوة في الهواء، إن لم تكن هزيمة أخرى في السياسة تضاف لهزائمهم في الميدان العسكري.
باختصار، فإن قرار مجلس الأمن الأخير هو انعكاس للواقع العسكري الذي يشير خطه البياني إلى رجحان كفة الجيش العربي السوري على التنظيمات الإرهابية وكل المتدخلين في الحرب وانطلاقاً من إدراكنا بالاستناد إلى تجارب سابقة، فإن ما يجعل أميركا تتنازل هو ما أفرزته وقائع الميدان وبالتالي فإن القرار السوري اتخذ بتحرير الغوطة الشرقية ولن تتوقف العمليات حتى بلوغ الهدف المنشود والمتمثل بتطهيرها من رجس الإرهاب والأيام بيننا.