الحلم الممنوع.. بقلم: د. ندى الجندي

الحلم الممنوع.. بقلم: د. ندى الجندي

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢١ أغسطس ٢٠١٨

ماذا أكتب والكلمات تهرب مني وتتوه في سماء غُربتي.. الليلة مُقمرة ومازلنا تائهين في بحر الظلام!
إلى متى ستبقى سماؤنا داكنة.. متى ستنجلي هذه الغيوم الضبابية؟؟ لم أشعر يوماً بالغربة. كيومي هذا وإنساننا يتلون ويُغير جلده كالأفعى وفق تقلبات المحيط وما إن تحين الفرصة له لينقض على من حوله وكأنه لا وجود له إلا بإفناء الآخر!
ماذا أكتب وبين السطور لا أستطيع البوح به وهل اعتادت المرأة في بلادنا.. أن تُعبر عما يجول في قلبها!
ماذا أكتب وهل للكلمة صدى في زمن اختنق فيه صوت النساء بعذابات الأيام ولم يبقى إلا النحيب تصدح فيه في الآفاق!
هل أتى يوماً أسوأ من يومنا هذا على المرأة العربية؟
أي بؤس تعيش بعد هذا الربيع الدامي الذي استهدف وجودها وجرد كيانها.
كل يوم يزداد العالم تطوراً وتتسع أفق العلم
وكل يوم نزداد تخلفاً ويتسع أفق الجهل
الجهل هذا السُم الذي صار رحيقنا اليومي نرتشف منه وغدا جزءاً لا يتجزأ من منظومتنا الفكرية.
أيُعقل حالة التخبط هذه التي يعيشها إنساننا اليوم ونحن أبناء أم الحضارات!؟
تكالبت علينا الأمم ونهشت الذئاب أجسادنا وما زالت أحقادنا التافهة تُمزقنا وما زال قانون القبيلة يُسيرنا.
ماذا أكتب في زمن صارت فيه الكلمة جوفاء تخلو من أي معنى!
أي إيديولوجية انبثقت عند هذه المرحلة السوداء من تاريخنا؟؟ أي فكر يُجسد وجودنا ونحن أمة لا تقرأ إلا في رواسب فنجان القهوة تلتمس الحكمة من شفاه المشعوذين والعرافين.
ماذا أكتب ونحن في زمن العولمة حيث تتوافر أحدث وسائل الاتصال وللتواصل الاجتماعي، عصر الإنترنت والفيس بوك.. و.. و.. الخ، ولم نكن يوماً تائهين عن الحقيقة كيومنا هذا!
ولكن هل بحثنا يوماً عن الحقيقة؟
ألم نُدرك بعد أن الحقيقة لا تُنقل وأن علينا اكتشافها بأنفسنا!
لم نعتد يوماً استخدام أسس التفكير المنطقي، بل اعتدنا على التلقين ونشأنا على اكتساب الأفكار المطروحة بسهولة دون أن تخضع للمناقشة وكان مُصابنا من أولئك الذين يُصدقون كل شيء!
ماذا أكتب، وهل للكلمة أثرٌ في عالمنا هذا الذي لا يستمع فيه إنساننا إلا إلى صوت أناه، أي جفاء هذا الذي حل بين أطياف مجتمعنا.. افتقدنا العلاقات الحميمية الدافئة بين الأهل والأقارب ولم يبقى إلا لغةُ المصالح نتبادل مفرداتها.
ماذا أكتب وفي الأفق الكلمات قد رُسمت بدقة ولونت مسيرتنا بخطى هدامة!
اللوائح قد صدرت بقرار إفنائنا فصار شبح الموت يُلاحقنا من كل حدب وصوب
أي ذنب اقترفنا؟؟
ألأننا أبناء حضارة..؟
ألأننا قاومنا الظلم والعدوان ورفضنا الذل والهوان؟
أم لأننا نمتلك من المقدرات ما يفوقُ التوقعات!؟
هل كانت يوماً مقدرات العرب نعمةٌ يستفيدون منها أم نقمةٌ يحترقون بها!
لقد اغتالوا أحلامنا وقتلوا شبابنا وشوهوا أطفالنا واغتصبوا نساءنا وما زال الياسمين الدمشقي يُضفي نوراً وألقاً رغم دخان الحرائق التي أشعلوها!
رغم قساوة هذه المرحلة إلا أننا ثابتون
رغم الدموع والدماء إلا أننا صامدون
رغم الموت إلا أننا ما زلنا ننبض بالحياة
فلا يندثر شيء يستحق البقاء
أرادوا أن نستنشق هواء الفتنة والغدر وما زال عطر الياسمين يفوح من ربوعك يا دمشق
قاسيونك شامخ لا يهاب الغزاة
ماذا أكتب والكلمات تعجزُ عن وصف حقيقتك يا دمشق
يا أنشودة الحب
الجميع تلاشى أمام جبروتك! مهما اشتد الظلام إلا أن الشر ينطفئ عند أبوابك!
والأموي الذي اختزل في فنائه حضارة التاريخ ما زالت مئذنته تصدح بالحق وتنادي بالألفة والوئام 
دمشق يا حاضرة التاريخ أما آن لنا أن نُدرك عظمتك وأن لا أحد يستطيع أن يمس وجودكِ!
الألم المشترك يجمع الناس ويجعلهم على كلمة واحدة
آلامنا مريرة أما آن الأوان أن نطفئها
تعالوا جميعاً نداوي جراحنا
كفانا نزيفاً
 
كفانا تشرداً
كفانا عتاداً
تعالوا نكتب بالحب كلمات نخط بها وجودنا
صفحة جديدة من حياتنا نرسم بها مستقبل سوريتنا الجديدة عبر مختلف ألوان قوس قزحها، ولكن برؤية مغايرة لنشكل فسيفساء نادرة نقدمها للعالم أجمع رمزاً للصمود.. تعالوا نحقق حلمنا معاً بيد واحدة نبني وطننا الغالي
نتوجه بكلمة خالدة
دمشق عاصمة أبدية لوطن الحب والسلام.. سورية