التهديدات الأميركية من زاويتين.. بقلم: مصطفى محمود النعسان

التهديدات الأميركية من زاويتين.. بقلم: مصطفى محمود النعسان

تحليل وآراء

الخميس، ٦ سبتمبر ٢٠١٨

تجددت لهجة التهديدات الأميركية في الآونة الأخيرة بتوجيه ضربة عسكرية ضد سورية تشارك فيها كما سابقاتها، الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا، والحق أن قراءة هذه التهديدات قراءة منهجية لا تتم إلا من خلال زاويتين اثنتين، الأولى أن هذه التهديدات جدية ودوافعها هي تأمين الحماية للمجموعات الإرهابية في إدلب والحيلولة دون سحقها بعد أن أفصحت الحكومة السورية عن نيتها باجتثاث هذه المجموعات بعمل عسكري إذا لم تخضع للمصالحات وترتضيها.
ويصب في هذا الهدف ضمان عوامل وأسباب تقسيم سورية وتفتيتها وذلك بمنع القضاء على أخطر بؤرة للإرهابيين فيها ويأتي في هذا السياق ما ترافق من تصريحات عن نية واشنطن إقامة منطقة حظر جوي في شمال شرق سورية، الأمر الذي من شأنه أن يضمن فساد وفشل المفاوضات الجارية بين الحكومة السورية و«قوات سورية الديمقراطية – قسد»، وبقاء هذه المنطقة، مع إدلب، ومع ما تسيطر عليه القوات الأميركية من أراض في التنف وغيرها، ومع ما تسيطر عليه تركيا، رواس وروافع ولضمان تقسيم البلد الذي شكل على الدوام شوكة في حلق الكيان الإسرائيلي.
إن ما سبق يحقق المصالح الانتهازية وغير الأخلاقية للحلفاء الغربيين، الذين تشتتوا في كل صوب وتفرقوا في كل اتجاه، إلا هذا الصوب وهذا الاتجاه وهذا الهدف الذي هو بالأساس رغبة إسرائيلية تحرص واشنطن ولندن وباريس على تحقيقها وصيانتها ولا سيما أنه معروف قوة ونفوذ اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ودوره في رسم سياساتها وتحديد أولوياتها.
هذا الدور يمارسه اللوبي الصهيوني من أدنى الحلقات الإدارية والوظيفية إلى أعلاها ويظهر تأثيره القوي في كيفية اختيار أعضاء الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ وكذلك اختيار الرئيس، وأصبح القيام بعمل عسكري ضد سورية يرضي «إسرائيل» ولوبيها وأصبح أمراً واجباً ومحتماً لضمان بقاء دونالد ترامب في منصبه الرئاسي بعد أن أظهرت التقارير وأشارت إلى إمكانية عزله بتصويت من الكونغرس بعد انتخاباته النصفية التي أصبحت على الأبواب.
الزاوية الثانية التي يمكن من خلالها قراءة التهديدات الأميركية، هي مكملة للزاوية الأولى وتصب في اتجاهها ذاته، ذلك أنه في ضوء التحذيرات الروسية شديدة اللهجة لواشنطن من عواقب هكذا عمل، وفي ضوء التحذيرات السورية والاستعداد مع الشركاء إيران وحزب اللـه للرد السريع والفوري والفاعل، في ضوء كل ذلك يمكن أن تتحول التهديدات الأميركية إلى مناورة سياسية وزوبعة إعلامية أقل مراميها أن يتباهى بها الإعلام الأميركي أو بالأحرى الصهيوني، حيث تعود ملكية 75 بالمئة من وسائل الإعلام في الولايات المتحدة الأميركية إلى الصهاينة، وبذلك يستغلها ترامب لتحقيق غاياته في ضمان انتخاب كونغرس شديد الموالاة إلى «إسرائيل» زيادة على ذلك أنه لا يفكر ولو للحظة واحدة بعزل الرئيس وبالتالي ضمان ترامب بقاءه في موقعه بعد التهديدات بعزله والتي سبقت تهديدات مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون بالاعتداء على سورية.