هذه سورية… متى تفهم؟.. بقلم: نبيه البرجي

هذه سورية… متى تفهم؟.. بقلم: نبيه البرجي

تحليل وآراء

الخميس، ١٣ سبتمبر ٢٠١٨

على شاكلة صاروخ توما هوك وهو يتناثر في الهواء، ظهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في رسم كاريكاتوري تحته «الإله المجنون في قبضة آلهة النار».
أوساط دبلوماسية غربية ترجّح أن يكون رجل الـ«نيويورك تايمز» الذي وصف الرئيس الأميركي بالشخصية الوضيعة والمتهورة والواهية، مسؤولاً عسكرياً أو أمنياً ضاق ذرعاً بالسياسات والإستراتيجيات، العشوائية لذاك الذي لا يفرّق بين إدارة الإمبراطورية وإدارة أحد كازينوات لاس فيغاس.
الأوساط نفسها تسأل ما إذا كان دونالد ترامب، وقد طرح نفسه بشخصية «شايلوك» في مسرحية «تاجر البندقية» لوليم شكسبير، يعمل نادلاً في مكتب بنيامين نتنياهو أو جارية في بلاط محمد بن سلمان.
ذاك الذي كتب في الـ«نيويورك تايمز» ليس حصان طروادة، إنه يتحدث باسم أحد مراكز القوى الكبرى في الولايات المتحدة. ميلانيا ترامب شعرت بأن ثمة من يعمل لتحطيم عظام زوجها. للمرة الأولى ثارت للدفاع عنه، حملت على كاتب المقال بالصورة التي تظهر أن العائلة عند خط الدفاع الأخير.
دونالد ترامب الذي لاحق وزير العدل جوزف سيشنز بالإهانات، على مدى الأسابيع الأخيرة، عهد إليه بالتقصي عن شخصية الكاتب، غريب أنه لم يعهد بالمهمة إلى أي من المسؤولين في أجهزة الاستخبارات بعدما اعتبر أن المقال يمثل اختراقاً للأمن القومي.
في أكثر من تعليق أن رجل المكتب البيضاوي يعلم تماماً من رجل الصحيفة النيويوركية، لكنه لا يجرؤ على تسميته خشية أن يفضي ذلك إلى سلسلة من الاستقالات المثيرة. ومن ثم زعزعة الإدارة، والتعجيل في إجراءات العزل التي تنتظر نتائج انتخابات الكونغرس في تشرين الثاني المقبل.
ألهذا يهرب عارياً ومحطماً إلى الشرق الأوسط؟
الإمبراطور التافه له شركاء في التفاهة وفي التواطؤ وفي الارتزاق وفي النفاق، حين يضعون السيناريو الغبي حول «الأسلحة الكيميائية»، دفاعاً عن البرابرة. هؤلاء الذين علقوا المشانق للاقتصاص من كل من يرفع رأسه أو يرفع صوته، في إدلب، وحيث صرخة التراب تزعزع أباطرة وسلاطين المستنقعات مستنقعات النار.
في أكثر من مكان في القارة العجوز يصفون الثلاثي الغربي بـ«حرّاس المقبرة»، وأولئك الذين حوّلوا الشرق الأوسط إلى «أرخبيل الغولاغ»، أي إلى معسكر لاجتثاث كل من يحاول الانعتاق من الثقافة الملكية بالمعادلة الشهيرة ما بين الزنزانة وخزانة الأحذية.
حتماً، دونالد ترامب سيتناثر مثل صاروخ التوما هوك. من يقول للجنرال جوزف دانفورد، الضائع في التضاريس الأفغانية، إن الساعة الكبرى أزفت؟ ليتأمل جيداً في كل زوايا المشهد.
الشريك الرابع هو رجب طيب أردوغان، منذ البداية، قلنا إنه الرقص مع الثعبان، جنرال تركي يقف الآن وراء القضبان وصفه بـ«الميدوزا». الكائن الخرافي الذي تتصاعد الأفاعي من رأسه.
هو من شرّع الأبواب أمام تلك الحثالة الإيديولوجية التي تم استجلابها من أقاصي الدنيا، من أقاصي جهنم، للقتال في سورية ضد سورية.
حتى في أنقرة يسخرون «صهيل الحصان أم صهيل السلحفاة؟». يا للغرابة حين لا يلاحظ أردوغان أنه لا يستطيع أن يتخطى دور القهرمانة، لن يكون السلطان بل القهرمانة!
هي فلسفة الإمبراطورية. صناعة الأزمات وتأجيجها وإدارتها، هل هناك من يسرّ في أذني دونالد ترامب وأتباعه في أوروبا وفي الحرملك العربي: هذه سورية… متى تفهم؟