اسرائيل الصامت الرئيس عن جريمة "هتلر الجديد"

اسرائيل الصامت الرئيس عن جريمة "هتلر الجديد"

تحليل وآراء

الجمعة، ٢٦ أكتوبر ٢٠١٨

يمكن الادعاء بأن جميع دول العالم ادانت إبن سلمان والمملكة السعودية بسبب جريتمها المتمثلة بقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصليتها باسطنبول، باستثناء الكيان الصهيوني الذي لم ينبس ببنت شفة، لماذا؟
 
خلال الايام العشرين الماضية تعرضت مملكة آل سعود الى انتقادات وادانات قاسية وغير مسبوقة من قبل جميع دول العالم (باستثناء الكيان الاسرائيلي)، وبالطبع في مواجهة هذا السيل الاعلامي العارم لم يصدر عن المسؤولين السعوديين باعتبارهم المتهمين الرئيسيين في هذا الملف سوى تصريحات متناقضة . وكما يبدو فان ملف خاشقجي اغلق بشكل نهائي في محطة البرلمان التركي، وان التحركات والتركيزات التي ستتم بهذا الشان لن تتمخض عن اي شيء يذكر. ابن سلمان، رغم انه كان المتهم  الاول في هذا الملف الا انه وبناء على الرغبة الاميركية ليس لم يقدم الى المحكمة فحسب بل ان مستقبله السياسي ايضا لم يتعرض لاي خطر. من هنا فما بعد يجب ان ننتظر ونرى اي كارثة ومأساة اخرى سيرتكبها هذا العفريت الخارج من مصباح اميركا السحري، على الصعيدين الاقليمي والدولي، وكيف يجب التعامل مع هذا الـ"هتلر الجديد" و "صدام قرن الـ 21" وبعبارة اخرى وادق " الدكتاتور المدجج بشعار الاصلاحات ؟" .
 
خلال الايام العشرين الماضية الصامت الرئيسي عن ملف خاشقجي كان الكيان الصهيوني، لماذا؟ الاجابة على هذا السؤال يمكن التوصل اليها من خلال ما نشرته صحيفة "هاارتس": دعونا لخمسين عاما حتى يصل شخص مثل ابن سلمان الى السلطة، يكون مستعدا لتوقع اتفاقية مع تل ابيب. التأمل في ما كتبته الصحيفة يكشف عن ان ابن سلمان هو ليس اول من يرضخ لتوقيع اتفاق مع "اسرائيل" وان هذا الامر كان مسبوقا، ولكن اهمية الضوء الاخضر الذي قدمه ابن سلمان الى الكيان الاسرائيلي في العقد السابع من تاسيس هذه الغدة السرطانية تتبين اكثر فاكثر في هذه الظروف حيث يعتزم ترامب اجتثاث القضية الفلسطينية من اساسها .
 
في حين يسعى ترامب حاليا الى تثبيت القدس كعاصمة للكيان الاسرائيلي واغلاق الملف المعروف بملف حق العودة تمهيدا لتطبيق ما يصفها بـ"صفقة القرن"، فان ابن سلمان كان السباق في هذا المجال من حيث تاكيده غير المسبوق على شرعية الكيان الاسرائيلي وتعهده بتحمل تفقات هذه المؤامرة . وبناء على هذه المستجدات وفي ضوء عصا الخاشقجي المرفوعة فوق راس ابن سلمان، باتت الادارة الاميركية تشعر بارتياح اكبر حيال حتمية تطبيق "صفقة ترامب"، وعلاوة على هذا التهديد الدائمي حصل ترامب على ضمانة اخرى لتحقيق حلمه المتمثل باجتثاث القضية الفلسطينة من اساسها وهذه الضمانة هي " ملكية ولي العهد السعودي المجرم". 
 
من الطبيعي ان يصمت الكيان الصهيوني في مثل هذه الحالة عن جرائم الـ"هتلر السعودية الجديد" ، ويختار توجها مغايرا لجميع العالم، لان الادارة الاميركية باعتبارها المبررة للجريمة والكيان الاسرائيلي في ضوء صمته المريب حيال ملف قتل خاشقجي فتحا ملفات اخرى امام ابن سلمان ، ومن هنا فما بعد يتوقعون منه ان ينهي ما لم ينهه فيما قبل . في ضوء التعليمات الجديدة يجب على ابن سلمان وكخطوة اولى ان يطبق "صفقة ترامب" عمليا . وكخطوة ثانية ينبغي عليه ان يشتري الاسلحة من اميركا ويضمن عدم تضرر اقتصادها لاي ضرر من خلال تلبية حاجة اسواق النفط العالمية- التي ستعاني من شحة في ظل غياب ايران المحتمل- باعتبارها المنفذه لـ"صفقة ترامب" .  الخطوة الثالثة لابن سلمان تتمثل في بذل ما بوسعه لاخراج الـ"ائتلاف" الموافق للتطبيع مع "اسرائيل" والمناويء لايران من الظل الى النور والاعلان عنه رسميا. الخطوة الرابعة تتمثل في ترجمة حلم الـ"ناتو العربي" المناهض لايران على ارض الواقع. وبالتالي وفي آخر الخطوات يتولى مهمة بث الفرقة بين العالم الاسلامي بهدف التقليل من الحساسية حيال قبح التطبيع بين العالمي الاسلامي مع الكيان الصهيوني.
 
نظرا الى السجل الاسود لابن سلمان فيما يخص ملف خاشقجي، فان الامير السعودي الغر مرغم على توديع حلم "قيادة العالم الاسلامي"، وعلى هذا الاساس فان الخيار الوحيد الذي يبقى امامه هو قيادة جزء من العالم الاسلامي الذي يصون مصالح اميركا والكيان الصهيوني بدلا من مصالح المسلمين. "اسرائيل" كانت الصامت الرئيسي في ملف خاشقجي لانها ومن خلال اغلاق هذا الملف، كانت ترى وسترى فتح ملفات جديدة من التعاون والتنسيق مع السعودية .
 
ابورضا صالح- العالم