لماذا يحاول الأردن التقرّب من دمشق دون فتح سفارات؟!

لماذا يحاول الأردن التقرّب من دمشق دون فتح سفارات؟!

تحليل وآراء

السبت، ٣ نوفمبر ٢٠١٨

اياس حلال
لكلّ بلدٍ في المنطقة خصوصيّته، فلبنان لا يشبهه أحد، وسورية غير تونس، والأردن تختلف عن غزة، تحالفات كلّ بلدٍ وبنيته السياسيّة هي التي تدخل في معيار تقييم الأزمات التي قد يُلاقيها أيّ بلد.
بلد كالأردن علاقاته ممتازةٌ بالخليجي والأمريكيّ على حدٍّ سواء لا يمكن أنْ نصدّق بأنّه سيشهد أحداثاً لإسقاط نظامه كما حدث في سورية، ففي الأخيرة نظامٌ مارق بحسب معايير المجتمع الدوليّ، وعلى عداءٍ مع القوة العظمى وحلفائها العرب، فكيف يمكن أنْ نتخيّل إذاً محاولةً خارجيّة لقلب نظام الحكم الملكيّ فيها وهو حليف؟!
الحرب التي ستتدحرج وتنتقل من سورية إلى الأردن ذات شقّين؛ الأوّل: جغرافيٌّ بحكم الحدود والجيرة ووجود مقاتلين يحملون الجنسيّة الأردنيّة بأعدادٍ كبيرةٍ بين صفوف المعارضة السوريّة، هؤلاء تمرّسوا على القتال وتفقّهوا نهجاً سلفيّاً لن يدعَ الداخل الأردنيّ بمنأى عن الخضّات الأمنيّة، والشقّ الثاني: متعلّقٌ بصفقة القرن التي عارضها الملك عبد الله.
مصادر خاصّةٌ في عمّان ذات توجّهاتٍ قوميّة رفضت الكشف عن اسمها، كشفت لوكالة أنباء آسيا أنَّ هناك ضغوطاتٍ كبيرة على الملك عبد الله، من الجانبين الأمريكيّ والسعوديّ، من أجل تمرير صفقة القرن، لا سيّما أنَّ الملك يخشى من تغييرٍ ديموغرافيّ يخلّ بميزان القوى والأمن الداخليّ الأردنيّ بين الأردنيّين والفلسطينيّين، كما أنَّ الفلسطينيّين لن يرضوا بنقلهم إلى الأردن كوطنٍ بديل، هذه الضغوط دفعت الملك للإيعاز إلى وسطاء لإرسالهم إلى دمشق واتّخذوا من موضوع فتح معبر نصيب (جابر) ستاراً للقاءات والتنسيق، إذ تمّ بحث موضوع إعادة التقارب الأردنيّ ـ السوريّ وسبل منع انزلاق الأردن إلى ما تعرّضت إليه سورية.
وأضافت المصادر بأنَّ الأردن أبلغ السوريّين أنّه لا يستطيع حالياً فتح سفارته بشكلٍ رسميّ وطبيعيّ؛ لأنّه يتعرّض لضغوط كبرى إقليميّة ودوليّة، على الرغم من رغبته بإعادة العلاقات الدبلوماسيّة إلى ما كانت عليه، مشيرةً إلى أنَّ الأردن سيلزم بتأمين الحدود وتمرير لوائح بأسماء مقاتلين للجهات السوريّة كبادرة حُسنِ نيّةٍ بعد فتح المعبر.
ضمن المخاوف الأردنيّة، فقد اعتبرت وسائل إعلامٍ أمريكيّة أنَّ الضحيّةَ التالية لداعش ستكون دولةً عربيّةً محاذيةً لسورية والعراق اللتين كانتا أوّل ضحايا هذا التنظيم الإرهابيّ، إذ ذكرت مجلّة “National Interest” الأمريكيّة المتخصّصة في الشؤون العسكريّة والأمنيّة، أنَّ الدولة التالية المرشّحة لتكون إحدى ضحايا داعش هي الأردن، لا سيّما أنَّ الأردنيّين يحتلّون المرتبة الثالثة من حيث عدد المقاتلين الأجانب في تنظيم “داعش”، ويبلغ عددُ المتطوّعين منهم في صفوف الإرهابيّين حوالي 3000 شخص.
مراقبون في العاصمة الأردنيّة رأوا فيما ذكره الإعلام الأمريكيّ تهديداً واضحاً للنظام الملكيّ إنْ فكّر في إعادة علاقاته مع سورية، وإنْ تردّد في تمرير صفقة القرن، فالأمريكيّ يمكن أنْ يضحّي بحليفٍ ويأتي بآخر، في إشارةٍ إلى إمكانيّة أنْ تأتي واشنطن بملك آخرَ من داخل العائلة أو تغير النظام من ملكيٍّ إلى جمهوريّ.
الأردن حاول التزام سياسية الحياد فيما يتعلّق بالحرب السوريّة، على الرغم من أنّه محسوبٌ على المعسكر العربيّ والغربيّ ضدّ النظام السوريّ وحلفائه، إلّا أنّه لم يكن رأس حربة، وفي كثيرٍ من محطّات الحرب كان يتلقّى ضغوطاً هائلة جعلت الحدود تُفتح ومن ثمّ قاعدة التنف توجد، أمّا السوريّون الموالون لنظامهم فيرون أنَّ الأردن كان ذا سياسيةٍ عدائيّةٍ ضدّ بلدهم، حيث يعتقد هؤلاء بأنَّ الملك عبد الله كان كغيره يعتقد بأنَّ سورية ستُلاقي مصير مِصر وتونس وليبيا، لكن بعد استمرار بقاء الأسد لهذه السنوات الصعبة؛ تغيّر المزاجُ، وخفّت اللّهجة، وبدأت أفكار التقارب تُراود الملك بمشورةٍ من بعض مستشاريه الذين حذّروه من مدّ التيّارات الإسلاميّة في المملكة.
الأردن الآن على مفترق طُرق، إمّا أنْ يقبل صفقة القرن ويلازم مكانه في محور العداء للنظام السوريّ، وفي المقابل يحصل على المزيد من الودائع والأموال والاستثمارات، أو أنْ يكون معرّضاً لسيناريو مشابه لِمَا مرّت به سورية الجارة.
آسيا