خلافات ’هيئة تحرير الشام’ وآفاق النجاة.. بقلم: محمد محمود مرتضى

خلافات ’هيئة تحرير الشام’ وآفاق النجاة.. بقلم: محمد محمود مرتضى

تحليل وآراء

السبت، ١٧ نوفمبر ٢٠١٨

يبدو أن الصراعات داخل أجنحة “هيئة تحرير الشام”، (جبهة النصرة الإرهابية) تزداد يوما بعد يوم لا سيما مع بعض الاجانب فيها، وكانت هذه الصراعات قد اخذت بالظهور منذ مدة خاصة “الجناح المصري” الذي تعرض تباعاً لعمليات تصفية وابعاد. هذا الصراع دفع الهيئة لإطلاق حملة للردِّ على الأنباء التي انتشرت حول نشوب خلاف داخلي مع “الجناح المصري” من قياداتها.
لقد تعمّدت الهيئة في الفترة السابقة، تجاهل الردود على هذه الأنباء التي تتردد منذ أن أعلنت موافقتها الضمنية على اتفاق سوتشي، في بيان أصدرته منتصف أكتوبر الماضي؛ إلا أنها دفعت هذه المرة بأحد “شرعييها” المصريين، وهو “أبو الفتح الفرغلي” للرد على الأنباء المتداولة؛ والذي نشر بدوره رسالة مطولة عبر قناته على “تيليجرام”، تحدث فيها عن هذا الأمر.
الإرهابي “الفرغلي” في رسالته التي انتشرت على منابر الهيئة ادعى أن “تحرير الشام”، تُعد أكثر الجماعات تماسكًا في سوريا، نافيًّا أن تكون هناك تصنيفات داخل الهيئة بناء على الانتماءات القومية، وأن يكون لديها تيار مصري أو أردني أو غيرهما.
وتطرَّق “الفرغلي”، إلى اتفاق سوتشي باعتباره النقطة التي يُقال إنها محور الخلاف داخل الهيئة، زاعمًا أن “تحرير الشام” لم تجد أزمة في تحديد موقفها منه.
الا أن القيادي المصري، وعلى غرار الهيئة، التزم بعدم اعلان موقف صريح وواضح فيما يخص موقف “تحرير الشام” من الاتفاق؛ إذ أنه لم يرفضه وفي الوقت نفسه يؤكد على خيارات الهيئة في التمسك بما يسميه “الجهاد”؛ وهو موقف أشبه بالموقف المضطرب خشية احراج تركيا إن رفضته الهيئة، أو تعميق الخلافات الداخلية إن قبلت به.
وكان موقع “نداء سوريا” نقل عن لسان مصادر وصفها بالمطلعة، أنباء عن خلافات مشتعلة مع مسؤولين للهيئة قادمين من مصر، وعددهم أربعة، وهم: “الشرعي أبو أنس المصري”، و”هود الإعلامي”، و”أبو عاصم” إداري الأكاديمية التي أُنشئت في الفترة الأخيرة بقيادة أبو قتادة الألباني، وعقبة المصري نائب أبو قتادة الألباني”.
واستند الموقع إلى خطبة حديثة للشرعي المصري بالهيئة، أبو اليقظان المصري، والذي هدد خلالها كل من يوافق على اتفاق سوتشي، معتبرًا أن التهديد كان فيه تلميح إلى زعيم “تحرير الشام”، أبي محمد الجولاني وأتباعه.
وأكد الموقع حدوث انشقاقات داخل صفوف الهيئة بسبب هذه الخلافات، مشيرًا إلى أن نوعا من التحول يتم من الهيئة إلى “حراس الدين”، الممثل الرسمي لتنظيم “القاعدة” في سوريا.
وفي خضم رسالته نفى “الفرغلي” أن يكون أبو أنس المصري الذي ذكره الموقع ضمن المقبوض عليهم، حيث أكد أنه لا ينتمي لـ”تحرير الشام” أصلاً ، لكنه اقرّ بانتماء الآخرين لها، مبررًا القبض عليهم بتورطهم في قضايا جنائية.
إن حدوث خلافات داخل الهيئة ليس جديداً وقد حدثت قبل ذلك عند كل منعطف من منعطفات الازمة في سوريا، ما يرجح أن حصول انشقاقات ليس بالأمر المستبعد، لا سيما أن العناصر السورية في الجماعات المسلحة بدأت تشهد نوعا من الانقلاب في موقفها من الحرب في سوريا وتميل أكثر نحو الاستسلام واجراء تسويات مقارنة بالأجانب الذي يفضلون الاستمرار في القتال خاصة أن الكثير منهم سيعانون في ايجاد ساحات بديلة للذهاب اليها، دون أن ننسى العامل الاميركي تحديدا في الرغبة في بقاء هذه الجماعات وإن بشكل جزئي في الساحة السورية.
من الواضح أن الجولاني يبذل جهودًا كبيرة لاحتواء الجبهات الداخلية، منعاً لحدوث انقلاب عليه قد يطيح بطموحاته السياسية، ولا شك أنه يراهن بشكل أو بآخر على عدم تنفيذ تركيا لاتفاق سوتشي أو على الاقل المماطلة في تنفيذه ما يعطيه وقتاً لاحتواء الموقف.
ومهما يكن من أمر، فان اتفاق سوتشي في حال تنفيذه فإن الهيئة ستواجه أزمة كبيرة ستأكل من رصيدها لمصلحة حراس الدين، وإن لم ينفذ فإن أسهم الحل العسكري ستعود الى الواجهة ما سيضع الهيئة أمام استحقاقات عسكرية لن يكون بمقدورها مواجهتها.
العهد