الدعم .. سيرة وانفتحت!.. بقلم: رحاب الإبراهيم

الدعم .. سيرة وانفتحت!.. بقلم: رحاب الإبراهيم

تحليل وآراء

الأحد، ٢٣ ديسمبر ٢٠١٨

قد تتفتق قريحة أهل المناصب في الحديث عن قيمة الدعم المهول لقاء منحه للمواطن «المحظوظ» عند إقرار الموازنة العامة، دفاعاً عما أقر في بنودها أو تهرباً من مسؤولية عدم تحسين المعيشة عبر زيادة الرواتب، لكن في الحقيقة لا يقتصر على هذه الفترة فقط، فكلما دق «الكوس بالجرة» ينبري أحد المعنيين للتذكير بالعبء الهائل الملقى على عاتقهم من جراء فاتورة الدعم، البالغ في موازنة العام الحالي 811 مليار ليرة، وهو رقم كبير إذا نظر إليه بتجرد، إلا أنه في حسابات المعيشة وعدم وصول قيمته إلى مستحقيه لا يحدث فرقاً عند المواطن المنهك معيشياً.
جدوى الدعم الاجتماعي تتحقق عند انعكاسه إيجاباً على حياة المواطن، الذي لا يشعر بتأثيره في حياته، حتى من منطق البحصة التي تسند جرة معيشته المتأزمة، وهذا مرده بطبيعة الحال إلى عشوائية الدعم وسوء توزيعه، فالفقير والغني متساويان في حصص الدعم بلا أي تمييز أو مراعاة للأوضاع الاجتماعية، فكيف يمكن الاقتناع أن الغاية من الدعم كما تنطق ألسنة المسؤولين تحسين معيشة الفقراء وذوي الدخل المحدود، إذا كان أهل «البزنس» والمليارات يحصلون على الدعم ذاته، وإذا كانت المواطنة هي المعيار، فالأجدى رفع قيمة الدعم أضعافاً مضاعفة، لكون حصة الفرد من الدعم المقدم لا تكفي وجبة غذائية واحدة بسبب طاعون الغلاء، وطبعاً هذا الخيار غير مدرج في حسابات المعنيين أقله حالياً شأنه شأن زيادة الرواتب، التي باتت مطلباً شعبياً محقاً تفرضه الحاجة والضرورة بعد عجز الأسرة على الملاءمة بين دخلها القليل وتكاليفها المتزايدة، ما يستوجب إعادة هيكلة الدعم بعد إجراء دراسة معمقة لوضع الأسر المحتاجة بناء على مسح واقعي وليس خبط عشواء، وعليه يحدد شكل الدعم وكيفية تقديمه سواء أكان عينيا ًأم نقدياً، الذي يعد الخيار الأجدى لأن الأول قد جرب وأثبت فشله، وليس من الحكمة اللدغ من الجحر مرتين.
التغني بالدعم الاجتماعي من دون وجود آلية تضمن وصوله إلى مستحقيه لن يسهم إلا في زيادة أعداد المحتاجين له مع تحميل الخزينة نفقات إضافية بسبب سوء التدبير والتخطيط، وتبقى المفارقة أن مسؤولي المال أقروا جهارة أن الدعم لا يصل إلى أهله، وهنا نتساءل: إذا كان هناك اعتراف بذلك لماذا لا يبادرون إلى إيجاد وصفة مضمونة تحسن توزيع الدعم في أقنية تخدم المواطن المحتاج والخزينة عبر ضبط الهدر في هذا الملف، الذي يطرح على طاولة المناقشات منذ سنوات عديدة بلا حلول، فهل المطلوب إبقاؤه معلقاً مع استمرار التلويح بأهميته في حجة ملعوبة للتهرب من زيادة الرواتب المتوجب إصدارها بالتوازي مع تصحيح مسار الدعم حتى يستطيع المواطن «دوزنة» أموره المعيشية.

تشرين