«على الوعد يا كمون».. بقلم: سهام يوسف

«على الوعد يا كمون».. بقلم: سهام يوسف

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٢٥ ديسمبر ٢٠١٨

لن أدخل في تفسير وتحليل القول الشائع «على الوعد يا كمون» لكنني سأتخذ منه معبراً للتساؤل عن القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أعلن بموجبه انسحاب قواته من القواعد التي أنشأتها شرق سورية.
إن مختصر القول حول الموضوع، وبالاستناذ إلى ذاكرتنا القريبة والبعيدة، مفاده هو أن الولايات المتحدة الأميركية تاريخياً لم تصدق مرة واحدة في موقف مصيري وإستراتيجي إلا في حال كان يحقق لها مصالحها أو يتماهى مع مصالح إسرائيل، مع أن أغلبية مصالحهما واحدة في منطقتنا ووطننا، فمن المستفيد ومن المتضرر من هذا القرار؟
لا شك أن سورية هي المستفيد الأول في حال صدقت أميركا وسحبت قواتها، والمستفيد الثاني هو الاستقرار والأمن في المنطقة بشكل عام، إذ ستتوفر الفرصة للتفكير بعقل بارد لحلحلة الملفات المعقدة والمتشابكة بين دول المنطقة وداخل هذه الدول أيضاً.
ولا يوجد أدنى شك أن القرار الأميركي شكل صفعة لأصحاب الأحلام الانفصالية المتآمرين على وحدة سورية أرضاً وشعباً.
وبالرغم من ذلك لن يعفينا التاريخ فيما إذا نظرنا إلى هذا القرار نظرة بريئة بعيداً عن عين الشك والريبة فيه ومنه.
ومن واجبنا التقصي عن خفايا التفاهمات التركية الأميركية، لأنه الطبيعي أن يتم تفاهم بصيغة ما بينهما على الأدوار التي قد يتبادلانها حول الاستحقاقات في المنطقة التي تحقق مصالحهما.
وبكل تأكيد لن تكون المصالح الإسرائيلية غائبة عن أي موقف أو إجراء تتخذه أطراف مشروع الشرق الأوسط الجديد وأصحاب مشروع ما يسمى بـ«صفقة القرن».
أمام هذه المستجدات فإنه من الأهمية بمكان ألا يطول الزمن على بقاء الحال على ما هي عليه شمال سورية وتحديداً في محافظة إدلب، فعودتها إلى كنف السيادة السورية في أسرع وقت هي من أولى الأولويات قبل أن تأخذ خطة التتريك والعثمنة بعدها المخطط لها، وحتى لا نتفاجأ في المستقبل بكمين سياسي تركي يحقق ما حققه الأتراك في مؤامرة سلخ لواء اسكندرون.
هذا مع ثقتنا بكل ما يقوم به حليفنا الروسي من دور سياسي وعسكري مشرف في سورية، وبمساهمة بقية الحلفاء في القضاء على الإرهابيين وإفشال مشروع إسقاط سورية وتحويلها إلى دولة فاشلة.
كل ذلك ما كان ليتم لولا الصمود الأسطوري للجيش العربي السوري والقيادة الشجاعة الرئيس بشار الأسد وثقة الشعب الكبيرة بشخصه وبقيادته.
إن المستجدات الإقليمية والمواقف الدولية تشير إلى أن سورية ماضية في تحقيق انتصارها التاريخي على مشروع تقسيمها، وهي على الرغم مما ألمّ بها، لم تغفل عينها عن الجولان وعن كل شبر سلب منها، وهي مصممة على إنجاز انتصارها وتكريس سيادتها على كامل ترابها.
وبالعودة على ذي بدء نقول للرئيس الأميركي ترامب: «على الوعد يا كمون».