في مهب الريح.. بقلم: الدكتورة ندى الجندي

في مهب الريح.. بقلم: الدكتورة ندى الجندي

تحليل وآراء

الأحد، ٧ أبريل ٢٠١٩

بالله عليك أيها الطائر المغرد أن تحملني على أجنحتك تعالى نُحلق بعيداً.. نرتفع في الآفاق عالياً نطوف في سماء أحلامنا، نكتشف الغد المشرق الذي أنشده في حياتي وتتوق نفسي إليه أي رغبة عميقة أرجو؟
سأجتاز الغيوم الرمادية وأواجه الأعاصير سأقف في وجه التيار.. سأمضي إلى حيث أريد رغبة صادقة أدرك أبعادها، أختصرها في جملة وأرددها في ذاكرتي.. يخفق لها قلبي.. ترسم في مخيلتي صوراً.. تتجسد أمام عيناي وكأنني أشاهد فيلماً بل أنا أعيشه وكأنه واقع حقيقي لابد أن أخرج هذا الفيلم، سيصبح حقيقة ملموسة يوماً ما فأي شيء نتخيله ونشعر بواقعيته سوف يتحقق كل شيء يبدأ من الخيال.. صورة ذهنية ارتبط بها عاطفياً تجد نفسك تسعى لتحقيقها ينبوع الحياة يتغذى من فكرك.
إذا لم يمتلك الإنسان خيال واسع لا يستطيع أن يُبدع، القصيدة أو القصة عبارة عن صورة ذهنية تترجم برمزية فائقة عبر كلمات.. حالة فكرية ينقل من خلالها الشاعر أو الأديب الواقع بشفافية.
اللوحة خطوط وأشكال تعكس بألوان مختلفة وأطياف متدرجة الواقع بما يحمله من تناقضات ما هي إلا صورة ذهنية تجسدت عبر تُحفة فنية.
الموسيقى نغمات تُجسد انفعالات الروح من حزن وألم.. فرح أو غضب.. لذة أو ثورة محاكاة للواقع تصل إلى أذن المستمع وتخاطب روحه وتحرك مشاعره.
المهندس المعماري يبدع في تصاميمه التي أشبع بها خياله قبل أن ينفذها على أرض الواقع.
حالة فكرية يعبر عنها الإنسان بصور مختلفة فالتفكير هو الحقيقة الفعلية في عقلك.
أي فكر يسيطر على عقل الإنسان يتجسد في سلوكه.
هل تؤمن بقوة الفكر المسيطر على عقلك؟
هل تثق بقدرتك على الوصول إلى هدفك؟
أسئلة كثيرة يطرحها الإنسان على نفسه وهو يسعى في حياته لتحقيق هدفه، كيف له أن ينجح إذا كان لا يدرك ماذا يريد فنجاح الإنسان أو فشله مرتبط بمدى صدق رغبته بغض النظر عن الظروف المحيطة التي قد تسانده أو تقف عائقاً في وجهه فالإيمان بالشيء هو جوهر النجاح.
هل يؤمن بالفكر الذي يدور في مخيلته أي شيء يتخيله ويشعر بواقعيته سوف يتحقق، إنه التوقع الواثق، ما هي إلا عملية إيحاء ذاتي يُشبع بها الفكر تؤثر في سلوك الإنسان وتدفعه إلى تحقيق ما يصبو إليه.
فأول سؤال يجب أن يطرحه الإنسان على نفسه ما هو هدفه المنشود؟
أي مستقبل يتراءى له في الأفق!
حياة الإنسان تكون في مهب الريح إذا لم يكن في حياته هدف واضح.
يسعى لتحقيقه، يرسم في مخيلته أبعاده..
يجسد الخطوات اللازمة للوصول إليه ويدرس إمكانية تنفيذها وفق معطيات الواقع لنتخيل كيف تكون حياة الإنسان تافهة عندما لا يمتلك في عبثية قاتلة.. تدور عقارب الساعة ويمضي معها قطار العمر وهو في مكانه لا يحرك ساكناً والأمثلة من حولنا كثيرة لأناس لا يمتلكون القدر الكافي من الوعي لا يدركون أهمية الفكر في سيادة الإنسان ولكن متى يكون الإنسان سجين أفكاره؟
إذا كان الفكر هو ينبوع الحياة هو المؤثر في سلوك الإنسان ماذا يحدث في حالة هيمنة فكر، مشوه هدام.. أي تأثير سلبي يكون في حياة هذا الإنسان؟
إذا كان العقل مشبع بأفكار سلبية عن الحياة وعن ذاته، من منا لم يعاني من أصوات داخلية سلبية تعكس حالة فقدان الثقة بالنفس مثل (أنا فاشل، خائف.. أنا أحمق، غبي.. أنا لا أستحق التقدير، أنا لست جميلة.. الخ) أو أصوات خارجية تصدر عن أناس محاطين بنا يُضمرون لنا الشر وتملأ قلوبهم الغيرة والحقد، يوجهون لنا النقد الهدام بشكل مستمر بهدف التكسير أو السيطرة.
أفكار سلبية ومخاوف يتشربها العقل تتحول إلى حقيقة وتغدو جزء من منظومته الفكرية تتسبب في أنماط سلوكية تسبب له الفشل في حياته.
الكثير من الدراسات عن حالات الإبداع أثبتت أن المبدعين لا يعيرون اهتماماً لآراء الآخرين ويمتلكون مثابرة عظمى للوصول إلى هدفهم بعد أن يطلقوا العنان لمخيلتهم التي لا حدود لها.
أسهل طريقة لصياغة فكرة ما في عقلك هي أن تتخيلها، فما عليك عزيزي القارئ إلا الاسترخاء التام وأغمض عينيك واترك طائر أحلامك يُحلق بك بعيداً.. اترك العنان لخيالك الجامح يقودك حيث تريد.
لقن عقلك بالفكرة التي تدور في رأسك رددها بثقة..
المهم أن تعرف ما هي رغبتك وأن تؤمن بما تريد، فإذا لم تدرك ما هي حاجتك العميقة، تكون حياتك في مهب الريح..