البحث في الجذور ..؟؟.. بقلم: سامر يحيى

البحث في الجذور ..؟؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الخميس، ١٨ أبريل ٢٠١٩

الأرض الصلبة لا يمكن لها أن تهتز لشائعةٍ أو زلزالٍ متوسّط الشدّة، فكيف ستتأثر الأرض والمؤسسات التي سقت ثراها المقدّس دماء الشهداء، وعرق وتضحيات النجباء من أبنائها في كل مفصلٍ ودور منوط به، وصمدت أمام مختلف أشكال الحصار والحروب، التي زادتها صلابة ومنعةً وقوّة وصموداً، وتراكمت لديها التجارب والخبرات التي لا يستهان به.  
سوريتنا حاملة همّ العروبة والقيم الإنسانية، ما فتئت وستبقى تتعرّض لحروبٍ بشتّى أشكالها وحصارٍ لمنعها من البقاء سيّدة نفسها وصاحبة قرارها، ومحاولة اختراق موقعها الجغرافي وتدمير إنسانها المبدع، ستبقى صامدةً متنبّهة لكلّ ما يحاك لها لأن شعبها صامدٌ يلتفّ حول جيشه وقائد وطنه، وهذا يحمّل المسؤولين مسؤولية الاستفادة من كل تجربةٍ مررنا بها سواءً فشلت أم نجحت، لا سيّما الخطط التي وضعها البعض وتغنّى بها وكانت مقنعةّ ومبشرةً بالخير والانتقال لمرحلةٍ من التطوّر الإيجابي والبنّاء لكنّها باءت بالفشل لأنّها لم تكن تستند للماضي وتجاربه، ولم تنطلق من الحاضر وظروفه، ونظرت للمستقبل الذي أصبح في حكم الماضي، ولم تعد الأفكار قابلةً للتطبيق لأنّها اصطدمت بعوائق وتحديّات لم يتم وضعها بالحسبان، فعلينا دراسة أي عمل من كافّة جوانبه واحتمالات نجاحه وفشله، ومضاعفة عملية الاعتماد على الذات وإعادة التدوير والاستثمار الأمثل للموارد بشتّى أنواعها، واحترام العقل السوري ومشاركته هموم وطنه وما يتعرّض له من حصارٍ جائرٍ وحربٍ متعدّدة الأشكال والأنواع، عبر الابتعاد عن التسويف ووضع الخطط التي لا يلمس بداية نضوجها، فتكون مجرّد أوهامٍ وإضاعةٍ للوقت والموارد البشرية والمادية مهما كانت مغلّفة بالعسل، بل ستنعكس سلباً على المؤسسات الوطنية والشعب المقاوم.
إدارة الموارد بشكلٍ حكيم ومدروسٍ ضمن الظروف الراهنة لتعزيز استقرار وسيادة سورية، واحترام وتعزيز صمود هذا المواطن، وتوفير كل الموارد ومضاعفة المخزون الاستراتيجي لسنواتٍ قادمة، والعمل على الاستثمار السليم والمستديم للموارد والقدرات والخبرات والكفاءات المادية والبشرية، والبحث عن جذور المشكلات لأجل علاجها قبيل حصولها، فقد أصبحنا نملك من الخبرات والمعارف والتجارب المسبقة لا يستهان به، لقطع دابر كل محاولات الحصار والعدوان وخبث وسائله التي يهدف من خلالها لإضعاف قدراتنا والعبث بتكاتفنا وتضامننا واستغلال ضعاف النفوس من أبناء الوطن.
هذا ما يجب أن تقوم به مؤسساتنا ضمن احتياجاتها ومتطلّباها ودور كلّ منها، لأنّ هذا الشعب أثبت على مدار الأيام أنّه قادرٌ على تحمّل كل الأعباء وتحدّي كل المعوقات، وتجاوز الأزمات، يستحقّ أن تكون مؤسّساته فريق كرة قدمٍ كلٌ له دوره المنوط به والمسؤوليات الملقاة على عاتقه ومنسجم ومتناغم مع أقرانه وزملائه ونظرائه بما فيهم المشجّعون، ويعتبر أنّ له دورٌ أساسٌ ومهم في النجاح ومدماكٌ حقيقي في تحقيق الانتصارات،
ويستحق ألا يستهين بعض كوادر مؤسساته به، والاستخفاف بعقله، فيشهد عبر كل تصريحٍ أو شائعةٍ خلق أزمةٍ بدلاً من حلّها، وتوسيع الفجوة بدلاً من جسرها، تلك الهوّة مهما حاول أعداء الوطن استغلالها فلن تتحوّل لفجوة بين الوطن ومواطنيه، لأنّ حبّ الوطن راسخٌ في قلوب وأذهان وروح كل مواطنٍ يفتخر أنّه يحمل لقب "عربي سوري" أنّى كان، إلا من باع نفسه لأعداء الوطن ولحق بركب الخيانة.
سيرورة الحياة متطوّرة سواءً سلبيةً أم إيجابية، وأي خطّة لا تدرس الماضي ولا تنطلق من الحاضر ولا تأخذ كل احتمالات النجاح والفشل، وتبدأ بظهور شيء من نتائجها على أرض الواقع مباشرةً فمصيرها الفشل، وستصيب أبناء الوطن بالملل واليأس والانزعاج من مؤسساته ـ رغم كل ما تقوم به من جهد وما تبذله من عناء ـ لأنّه يعتبر ذلك سوء تصرّف بعض أبنائها وعدم قيامهم بدورهم وتحميلها مسؤولية التقصير في القيام بدورها، ويفقد الثقة بها لأنّه يعتبرها استغلّت إيمانه بقوّة وطنه وحكمة قائده.
إن حديث المواطن الآن هو البطاقة الذكية التي ظنّ أنّها مستندةً للبطاقة الوطنية، بهدف تنظيمٍ ومعرفة استهلاكه الحقيقي، وتؤدي لدراسة منطقية جديّة لمسألة "الدعم"، وتساهم بتوفير المواد الأساسية بشكلٍ عادلٍ أنى كانت الإقامة والتنقّلات ضمن أراضي الجمهورية العربية السورية، ووسيلة فاعلة لتنظيم جباية الضرائب ضمن الحاجة الفعلية والإنتاج الحقيقي، ويوفّر عائداً بنّاءً لصالح الخزينة العامة للدولة، لكنّها للأسف ساهمت في افتعال أزمات على المدى الآني، وكذلك المستقبلي لأّنها ستقدّم معلومات مغلوطة، فعلى سبيل المثال، البعض لم يحصل على الدفعة الأولى من مادة المازوت، بينما الكثير لم يحصل على الدفعة الثانية، وينطبق ذلك على مادة الغاز والبنزين، لكنّه استطاع تأمين ثلاثة أضعاف أو أكثر من المخصص له بالبطاقة عن طريق ضعاف النفوس والمتلاعبين بحاجات المواطن إلى ما هنالك من طرقٍ لم تدرس بشكلٍ جدي، كما أن البعض الذي ليس بحاجةٍ لهذه المادة قام باستجرارها وبيعها للآخر الذي يحتاجها بسعرٍ مرتفع، واستغلال البعض انتمائه لبعض المؤسسات لتشويه سمعتها والمتاجرة باسمها، ممّا فوّت على خزينة الدولة الكثير من العائدات، وخلق أزماتٍ وفرصٍ لضعاف النفوس وحجج وهمية ومبرّرات خلّبية، رغم أنّ التجارب ـ لا سيما التصحيح المجيد الذي استكمل بمسيرة التطوير والتحديث ـ أثبتت أن سورية قادرةً على تحدّي كل أشكال الحصار.
إنّ ما تحتاجه مؤسساته هو تفعيل الضمير الوطني وقيام كل منها بدوره المنوط به، وسنجد نتائج ذلك باستجرار المواطن ما يحتاجه، ويضاعف انتاجيته وحرصه على موارد وطنه، والوقوف إلى جانبها لتعزيز صموده وفاءً لدماء الشهداء وعرق وتضحيات أبنائه كل من مكانه، لتبقى سوريتنا الحصن المنيع وقلب العروبة النابض ورافعة كرامة الإنسانية، سيّدة قرارها مؤمنةً بقائدها ملتزمةً بتوجيهاته.