لنبدأ من الدستور؟.. بقلم: سامر يحيى

لنبدأ من الدستور؟.. بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الثلاثاء، ٧ أبريل ٢٠٢٠

الذي نصّ في بعض مواده على أنّ المنظمّات الشعبية والنقابات المهنية "هيئات تضم المواطنين من أجل تطوير المجتمع وتحقيق مصالح أعضائها"؛ "يقوم الاقتصاد الوطني على أساس تنمية النشاط الاقتصادي العام والخاص من خلال الخطط الاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى زيادة الدخل الوطني وتطوير الانتاج ورفع مستوى معيشة الفرد وتوفير فرص العمل"؛ "السياسة الاقتصادية للدولة تهدف إلى تلبية الحاجات الأساسية للمجتمع والأفراد عبر تحقيق النموّ الاقتصادي والعدالة الاجتماعية للوصول إلى التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة"؛ "تعمل الدولة على تطوير الطاقات البشرية وتحمي قوة العمل بما يخدم الاقتصاد الوطني"؛ "الثروات الطبيعية والمنشآت والمؤسسات والمرافق العامة هي ملكية عامّة، تتولى الدولة استثمارها والإشراف على إدارتها لصالح مجموع الشعب، وواجب المواطنين حمايتها"
دون الدخول في الجهود التي تبذلها المؤسسات الوطنية، وانكشاف ضعف الدول التي تدّعي التقدّم والتطوّر واحترام حقوق الإنسان أمام فيروسٍ تاجّي نانومتري، وإلغاء الكثير من المناسبات والواجبات التي كانت فرضاً علينا، يجب أن تكون هذه الفترة مرحلةٌ مهمّة للعصف الفكري، وإعادة تقييم الذات وتقويمها، بما فيها الاطلاع على الدستور والتمعّن ببنوده، ليدرك كلٌ منا دوره وواجباته وحقوقه، لننهض بالبلد باستنهاض الجهود واستثمار الطاقات والإمكانيات بشكلٍ مستديم، متحدّين الظروف والحصار والإرهاب والانتهازيين، والدور الأكبر بذلك يكون على كاهل المؤسسات الوطنية، لا سيّما الإعلامية فيها التي تعتبر صلة الوصل وحلقة العلاقات العامة بين الشعب والمؤسسات الحكومية دون استثناء، وتتوفّر لديها كل المنابر التي تساهم في الوقوف إلى جانب النشاط المؤسساتي الوطني، وجسر الهوّة بين المواطن والوطن، وتحقيق التفاعل والتعاضد والتعاون بين المواطن ومؤسساته الوطنية، لا أن يعتبر المواطن مؤسساته مجرّد خادمةً له محققّة لطلبه دون أن يقدّم شيئاً لوطنه، ولا أن تعتبره المؤسسات حقل تجارب لا يعجبه العجب ولا يمكن إرضاءه إلى ما هنالك من عبارات نسمعها! إنّما الحقيقة أن المؤسسات الوطنية واستناداً للدستور الوطني، مهمتها إدارة الموارد الوطنية بحكمةٍ وحنكةٍ واستنهاض الجهود وتوجيه بقيّة أبناء المجتمع، ودور المنظمات الشعبية والنقابات المهنية باعتبارها تشمل الغالبية العظمى من أبناء المجتمع كلٌ ضمن تخصصه، عدا عن الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي تبحث عن موارد مالية ومادية تحت شعار دعم فئات مجتمعية ومطالبة المقتدرين بتقديم المساعدات بعيداً عن أعين الإعلام، أو البحث عن ممولين لتقديم سللٍ غذائية للذين كانوا يؤمنون قوت يومهم بشكلٍ يومي، بأن يكونوا جزءاً أساسياً من استنهاض الجهود واستثمار الموارد وتقديم الدراسات والبيانات الدقيقة، كما أنّ دور المؤسسات التي تطالب بإلغاء الربح لمادّة ما، أو تحديد يومٍ معيّن للبيع بالمجان أو شبه المجان، أو البحث عن طريقة لتوزيع المواد التموينية والغذائية، والتي للأسف غالباً ما تؤدي لتعقيد الأزمة وزيادة الازدحام وتمنح الانتهازيين فرصاً على حساب الوطن والمواطن، مما يوسّع الفجوة بين المواطن ومؤسساته الوطنية، وينتهزها الأعداء فرصةً لتشويه المؤسسات الوطنية والإساءة لكل الجهود التي تقوم بها والإنجازات التي تحقّقها، بالبحث بأفضل السبل لتوفير الموارد ودراسة العرض والطلب، والاحتياجات الحقيقية والقيمة المنطقية والبدل الحقيقي لكلّ منتجٍ أنى كان نوعه خدمي أو ماديّ أو عملي أو حتى علمي .. إلى ما هنالك.
إن هذه الظروف التي نمرّ بها الآن، وضعت المؤسسات الوطنية على المحك، بأن تكون كلاً متكاملاً في تقديم دراسة جديّة منظمة وحقيقية وبيانات منطقية بالتعاون والتكافل من أجل توجيه مؤسسات القطاع العام والخاص والمشترك والمواطن نفسه، انطلاقاً من حاجيات كل محافظةٍ ومدينة وبلدة، لاستكمال كل المعطيات والبيانات والدراسات التي تحتاجها، من أجل مرحلة إعادة الإعمار والتوزيع المنطقي للموارد، والدور المنوط بكلٍ منها دون استثناء أحد، وتفعيل دور الجميع واجتراع الحلول الأمثل والأشمل، وكسر الفجوة بين المواطن ومؤسساته ليكون داعماً لها، ومؤيداً لتصرّفاتها، متفهمّاً الظروف التي تمرّ بها، لنرَ تلقائياً تحرّك عجلة الإنتاج، وتوزيع الدعم المجتمعي على كلّ مواطنٍ يحمل الرقم الوطني دون استثناء، وبالتالي يكون دور كل منا العمل لزيادة انتاجياته وتأمين متطلّبات حياته، ولا يكون أسير التفكير بأساسياتٍ هي من حقوقه، ولا مفرّطاً بأمورٍ هي من واجباته، ولا سلعةً لصغار النفوس والانتهازيين.
إن المؤسسة السورية للتجارة على سبيل المثال، ليست تاجراً، ولا بائعاً لتوفير الموارد لأبناء الوطن، إنّما المفترض أن تكون قائداً وموجّها ومسعّراً، وضابطاً للسوق، لها السلطة على كل الموارد والمنافذ والمحال التجارية، لا سيّما إن فكّرت المؤسسات الوطنية بجهاز فوترة ـ يكاد يوجد منه لدى غالبية المحال لا سيّما الكبرى ـ وإن استند إلى الرقم الوطني للمواطن، بما يلبّي موارده، ونقضي على التهرّب الضريبي والتهريب، وتتوفّر لديها قاعدة البيانات الحقيقية عن الاحتياجات والمتوسط الشهري واليومي وحاجة المواطن نفسه، وهذا ينطبق أيضاً على المصارف الوطنية المفترض أن تعيد توزيع صرّافاتها أمام الدوائر والمؤسسات الحكومية والمنتشرة بكلّ مكان بالتعاون والتعاضد مع المصارف الخاصة ممن لديها الكثير من الصراّفات وفق عملية التقاص، بما يوفّر لتلك الأجهزة الحماية والحفاظ عليها من السرقة والتخريب المتعمد والتلاعب باعتبار توجد حمايةٍ على مداخل كلّ المؤسسات الوطنية تقريباً، كما يسهلّ عملية التأكد من جاهزيتها ووجود المال فيها، مما يعزز ثقة المواطن بمؤسساته المالية، ويدفعه لوضع نقوده بها بدلاً من أن يحمل نقوده ليحمل بطاقةٍ مصرفية تمكّنه من سحب نقوده في الوقت الذي يحتاجه وضمن حاجته، دون خوفٍ من انقطاع أو عدم وجود صرّافٍ، وأفكارٌ كثيرة لا حصر لها.
إنّ التجارب التي مررنا عليها، والإمكانيات والمعطيات والبيانات المتوفرة لدينا، كافيةً لاختراع أفضل الحلول والأقدر على التنفيذ، وتوجيه الأمور بشكلٍ منطقي بعيداً عن العشوائيةٍ والشخصانية، وبالتالي يبقى المواطن العربي السوري مرفوع الرأس كما عهده دائماً، مستثمرين جهود الجميع داخل وخارج الوطن، وأن يكون التساؤل للعاملين في القطّاع العام والخاص على حدٍ سواء، كيف تجرّأت على هذا؟ بدلاً من التساؤل الذي تتوفّر له مئات الأجوبة المقنعة والتهرّب منه، من أين لك هذا؟  فكيف تجرأت على هذا لكلّ مسؤولٍ لم يقم بدوره، أو استسلم لظروف العمل الروتينية، محمّلاً مسؤولية تقصيره أو عدم تطوير أدائه بالظروف والمفترض أن وجوده على رأس عمله اقتناص الفرص وتحدّي الظروف واستنهاض الجهود، ودور التاجر ورجل الأعمال وغيره من العاملين في القطّاع الخاص أن تكون مصالحه الشخصية ضمن إطار المصلحة الوطنية العليا، وليست مصلحته الشخصية على حساب الوطن وأبنائه.
إن صمود الشعب العربي السوري، ونجاحات الجيش العربي السوري، تجعلنا نفكّر بوطننا بشكلٍ جدي، ونقرأ دستوره بكافّة تفاصيله، ونجترع الحلول انطلاقاً من تاريخنا العريق والظروف التي نمرّ بها، متحدّين كل الظروف ومحاولات الأعداء تشويه صورتنا ووضع العراقيل أمامنا، لنصل تلقائياً لما نطمح إليه جميعاً مؤسسات ومواطنين ورجال أعمالٍ وفنيين إلى ما هنالك...