هل حانت حرب المياه في المنطقة العربية؟.. بقلم: عادل السنهوري

هل حانت حرب المياه في المنطقة العربية؟.. بقلم: عادل السنهوري

تحليل وآراء

الجمعة، ١٧ يوليو ٢٠٢٠

يبدو أن حرب المياه بدأت تلوح بنذرها في الأفق العربي.. ما كان مجرد تحذيرات وسيناريوهات في الثمانينيات وبداية التسعينيات أصبح واقعاً مفزعاً ومرعباً ومخيفاً.. بناء السدود ومحاولة تعطيش الدول العربية يدخل الآن كورقة سياسية واضحة في الحرب المنتظرة والتي من الواضح أنها باتت حتمية لأنها معركة وجود.
أقدم الأنهار العربية تواجه الآن ومنذ فترة مصيراً مجهولاً من دول الجوار أثيوبيا وتركيا.. ومياه لبنان والأردن وفلسطين تتعرض للسرقة العلنية من دولة الكيان الصهيوني.
المنطقة على شفا بركان حقيقي.. فالشعوب لن تستطيع صبراً على ندرة المياه والحكومات لن تجد بداً من القتال من أجل المياه التي هي حياة الشعوب والدول.
أواخر الشهر الجاري سنكون على موعد مع تقرير المراقبين الدوليين بشأن مباحثات سد النهضة التي انتهت إلى لا شيء وسط تصريحات ساخنة من رئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد بملء السد مهما كان الثمن بما يعني أن هناك تعنتاً وإصراراً في اتخاذ قرار أحادي في ملء وتشغيل سد النهضة من دون اتفاق ملزم يحفظ حقوق دول المصب.
ماذا يعني هذا؟
الدبلوماسية المصرية تستكمل حتى نهاية المباحثات وعرض تقرير المراقبين الدوليين على مجلس الأمن الذي يقوم بعقد جلسة عامة بمجلس الأمن لصدور قرار يحفظ حقوق دول المصب وإلزام أثيوبيا الالتزام بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بالأنهار والمشاركة في مرور الأنهار بالدول وستكون مصر بدبلوماسيتها العريقة قد وضعت أثيوبيا عارية تماماً وكاشفة خداعها أمام العالم. وهذا ما أزعج الجانب الأثيوبي من تحرك مصر في مجلس الأمن.
مصر على يقين أن وراء الأزمة أطرافاً أخرى تخطط من سنوات طويلة للاستفادة من مياه النيل وحصار مصر في صراعها السياسي معها.. إسرائيل وبعد فترة سكون تحركت بقوة مستغلة انشغال مصر في أزماتها الداخلية منذ 2011 وزار بينامين نيتنياهو رئيس الوزراء عدة دول في أفريقيا وهي أوغندا ورواندا وكينيا ثم أثيوبيا عام 2016 وتعهد من أديس أبابا بدعم تل أبيب لأثيوبيا في مشاريع التنمية والزراعة والمياه، وبعدها بعامين زار الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، أثيوبيا أول مرة، في زيارة رسمية استغرقت 3 أيام بدعوة من نظيره الأثيوبي، ملاتو تشومي، ورئيس الوزراء، آبي أحمد.
الحديقة الخلفية للدول العربية مشتعلة أيضاً في العراق وسوريا والمسرح يتم إعداده منذ زمن ليس بالقصير لمثل هذا الصراع عن طريق الحديث عن أزمة المياه في الشرق الأوسط وتعطيش الدول العربية. فبناء سدود ضخمة في تركيا على منابع نهر الفرات أدى إلى انخفاض حصة العراق وسوريا المائية إلى أقل من النصف بكثير مخالفة لما نصت عليه الاتفاقات الدولية وسرقة إسرائيل مياه نهر اليرموك ونهر الأردن ونهر الليطاني في لبنان معروفة والعالم غافل أو متغافل، عما يحدث من سرقة 1.2 مليار متر مكعب من مياه هذه الأنهار إلى داخل إسرائيل حتى كادت تجف
فهل ينجح المخطط القديم في الاستيلاء على المياه العربية وتعطيش العرب؟
قد لا يصدق البعض أن أول رئيس وزراء لإسرائيل ديفيد بن غوريون قال عام 1955 إن الحروب القادمة مع الحرب هي حرب على المياه.. وهو ما حدث ويحدث.. والتعاون بين إسرائيل وتركيا وأثيوبيا في مجالات عديدة ومن أهمها التحكم في المياه يجعل الأزمة المائية في الدول العربية متفاقمة، وكل ذلك يصب ضمن استراتيجية إسرائيل التي اعتمدتها بعد ضمان تفوقها العسكري على الدول العربية.
وما سبق أكده الكاتب الأمريكي توماس ستوفر في الندوة الدولية حول «إسرائيل والمياه العربية» والتي عقدت في عمّان عام 1984م، حيث عد أن المياه العربية التي استولت عليها إسرائيل بعد حرب عام 1967م «غنائم حرب» حيث احتلت إسرائيل منابع نهر الأردن واليرموك، وبانياس، وأضاف: إن أطماع إسرائيل في المياه العربية هي جزء من مفهوم إسرائيلي متكامل لسياسة الموارد التي تشتمل أيضاً على النفط والمعادن والسباق التجاري والحصول على الأيدي العاملة الرخيصة والموارد الاقتصادية الأخرى. وجاء في تقرير منظمة يونسكو لعام 1992 أن العالم العربي سوف تجتاحه أزمة مياه حادة بعد حلول عام 2000 ما سوف ينعكس على الإمدادات الغذائية وينعكس سلباً على الإنتاج الصناعي وهذا يعده الخبراء أخطر مأزق تاريخي تواجهه الأمة العربية.
وفي مؤتمر المياه والبيئة الذي عقد في مدينة دبلن عام 1992 حذرت الوفود المشاركة من أن الدول العربية هي الأكثر تعرضاً لخطر النزاعات والصراعات حول المياه، وقال الوفد الأمريكي إن المياه سوف تستخدم أدوات وأهدافاً للحرب.
* مدير تحرير «اليوم السابع» المصرية