بين الغيم و المطر حِلم عصيٌّ..بقلم: صباح برجس العلي

بين الغيم و المطر حِلم عصيٌّ..بقلم: صباح برجس العلي

تحليل وآراء

الاثنين، ٢١ ديسمبر ٢٠٢٠

الجروح التي لا يتم تنظيفها لا تلتئم ، لهذا فالعتاب بين الأحبة واجب ، وليس الجميع يستحق مثل هذه الفرصة الذهبية . 
من اللاشيء يمكن خلق أعظم شيء  ، العتب مجلاة القلوب ، نحن حين نتعاتب لا نصبّ الزيت على النار ، نحن عندما نتعاتب فلا نفعل ذلك كي نأخذ حقنا و نثبت أننا الأوفى و الأصدق و السباقون في المبادرة على العكس تماماً نحن نتعانب . لنطفئ حمم البراكين التي تشتعل في مربع أضلع الصدر التي يصعب جداً إطفاءها بغير العتب و بثّ الشكوى لمسببها..
نحن لا نعاتب إلّا الذين نريد أن الاحتفاظ بهم ، فالعتاب ليس لأجل الماضي ، فالبعض يملك ذاكرة فولاذية ، البعض قادر على تذكر جميع تفاصيل حياته و أي شيء آخر رآه على مدار حياته حتى باليوم و الساعة . حتّى أن هذه الحالة درست كظاهرة اجتماعية عامة و الاسم الطبّي لها  (Hyperthemesia) .و البعض يراها ميزة خارقة و لكنني شخصياً لا أجدها كذلك ، فخير نعم الله علينا هي النسيان بل رحمة من الله لعباده ، نحن نعيش لأننا قادرون أن نستمر بسيرورة الحياة بفعل النسيان هذه النعمة تجدد امكانيات انفتاح المستحيل على الممكن و بفعلها تستمر الحياة .
الحياة مزيج من الآلام و الأحزان تتخللها و تزينها أيام حلوة و محطات سعادة بين الفينة و الآخرى ، و لو بقينا نتذكر كل ألم مررنا به و كلّ يوم اسودّت به حياتنا لانفجرنا كالعبوات الناسفة ، لذا و لكي نكمل الحياة بهدوء نسبي أقل يجب أن نتخذ العتاب كالمسكن الفعّال و القادر على مساعدتنا في تسيير مركب حياتنا ، نستخدم العتاب لأجل المستقبل ، لأننا لا نريد أن نتوجع بذات السبب مرة أخرى ، ما يبدو لك عادياً قد يجعل أحدنا بركاناً يغلي من الداخل يتحين لحظة الانفجار ، و ما أراه أنا عادياً قد يغضبك ، العتاب لأجل التصافي و الود ، العتاب يجعلنا أكثر حذراً و مراعاة لمشاعر الذين نحبهم ، أما الذين لا ينفع معهم عتاب ، لملموا ما تبقى منكم و ارحلوا و لا تسمحوا لهم أن يقتربوا مسافة تسمح لهم بالطعن مرة أخرى ، طبقّوا معهم سياسة مسافة الأمان التي تصلح لكل زمان.
يجتمع سكان مقاطعة ( تشومبيفيلكاس) في دولة ( البيرو) في الخامس و العشرين من ديسمبر كل عام في مهرجان يدعى Takanakuy حيث يقوم السكان في هذا المهرجان بحل خلافاتهم القديمة بأساليب و طرق غريبة ، و الهدف من ذلك أن أن يبدأ الجميع عاماً خالياً من الحقد و الكراهية و الخلافات.
بين الهواء و الهوى معزوفة كمان شجيّة و قصيدة بوح شقيّة يهتز لها خصر أذنين تجيدان السمع و تقولان للروح (( هيّا لنحيّا حياة سعيدة)) . الهدف الأسمى للتسامح هو استمرار نهر الحب في حياة كثر رمادها و بارودها..