المحبّة تزيل الفساد...بقلم: سامر يحيى

المحبّة تزيل الفساد...بقلم: سامر يحيى

تحليل وآراء

الجمعة، ١٩ مارس ٢٠٢١

يُقال: من فعل ذلك لديه بذور الانتهازية والفساد والقيام بنهب المال العام:
ـ وضع سكّر في المطعم أو عند الآخر، ضعف ما تضعه في منزلك.
ـ استخدام المناديل الورقية والمعقّمات أو أيٍ من الأملاك العامة، أكثر مما تفعله بمنزلك.
ـ إذا قمت بالتهام المزيد من الطعام أكثر مما تحتاج في الأفراح والبوفيهات المفتوحة.
ـ إذا تخطّيت الطوابير للحصول على احتياجاتك مهما كنت مضطراً، بما فيها اجتياز الطرق المخصصة للطوارئ والإسعاف، أو مخالفة تعليمات المرور لمجرّد غياب الشرطي أو كاميرا المراقبة، أو هناك من يدفع عنك المخالفة أو إصلاح الآلية...
 هي غيضٌ من فيض، فمن الطبيعي أنه لدى كلٍ منا بذرة خيرٍ وشر، لأنّ الإنسان مشاعرٌ وعواطفٌ وروحٌ، وينتصر الجانب الذي يغذّيه، فما أحوجنا لتغذية التعاضد والاحترام المتبادل واتقان العمل والتعامل بروحٍ إنسانية نقيّة، بما يخلّص المجتمع أو على الأقل يحجر الفساد وسوء الأخلاق بالزاوية.... لننهض جميعاً يداً واحدةً كل من مكانه، فلو أزال كلٌ منا حجرة عثرة، تلقائياً سينظف الشارع، لكنّ تراكمها سيجعله أسوأ، واتقان كلٌ منا مهمّته ولو بمقدار ذرّة ستنعكس إيجابياً مادياً ومعنوياً ..... وفي كافّة القطّاعات دون استثناء.
 التساؤل المطروح وبقوة، يا ترى هل نحن نحب حقاً، وهل نشعر بحالة الرضى الكامل عندما ننطق هذه الكلمة، هل نحترم من نحب ونؤمن بالرابطة الروحية المقدّسة التي تربط بيننا، وهل نحترم أنفسنا عندما ننسب إليها الوطنية والتنظير، دون أن نقوم بالمهام الملقاة على كاهلنا، هل نذلّل العقبات ونزيل الغدر والحقد والانتهازية والاستغلال، إكراماً لمن نحبّ وتأكيداً لفظياً لما ننظّر به، أم سنبقى نتّهم الآخر بالاستغلال والحقد والانتقام وننسى أنفسنا، وبالتأكيد لا ننسى أن تلك المشاعر السلبية تعزّزها تخلّي جزء من  المؤسسات الوطنية عن القيام بدورها حتى تجاه العاملين لديها، إضافة إلى التضليل الإعلامي وانتهاز الفرص عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمسلسلات والأفلام والأقوال والحكم التي تشجّع على البغضاء والمشاعر الإنسانية السلبية تحت شعار الواقعية أو الجرأة أو تسليط الضوء على الفساد، وتتجاهل أنّها لم تسلّط الضوء على الإيجابيات لترسيخها لننتقل لمرحلة تسليط الضوء على الفساد والسلبيات، أليس من الخطأ القاتل أنّ نكرّر قول الشاعر: "إذا رأيت نيوب الليث بارزةً فلا تظنن أن الليث يبتسم"، "احذر عدوّك مرّة واحذر صديقك ألف مرّة فلربما انقلب الصديق فكان أعلم بالمضرة"، "أعلّمه الرماية كل يومٍ فلما اشتدّ ساعده رماني"، وتجاهلنا قول الشاعر: "أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم لطالما استعبد الإنسان إحسان"، "الناس بالناس ما دام الوفاء بهم واليسر والعسر ساعات وأوقات"، "لا تقطعنّ يد المعروف عن أحدٍ ما دمت قادر والأيام تارات"، فأولى واجبات قضاء حوائج الناس قيام كلٌ منا بدوره، لا سيّما العاملين بالمؤسسات الوطنية بإتقان دوره وعمله وواجباته كلّ ضمن تخصصه ومجاله، بغضّ النظر عن ظروف الشخص أو مرتّبه، فليست مسؤولية المواطن تحمّل عبء تقصير المؤسسات تجاه عمّالها، وتخلّيها عن جزء أساس من مهامها في "إدارة موارد الوطن"، وأنّ دور المؤسسات الوطنية هو توجيه كوادرها التوجيه السليم، لتحقيق مصلحة المواطن، وتلقائياً تتحقّق مصالحهم، لا التبرير لهم سوء تصرّفهم ـ أنّى كانت ـ ودون شكٍ المؤسسات الإعلامية والتربوية والتعليمية والدينية تتحمّل المسؤولية الأكبر كونها تشمل كافّة شرائح المجتمع دون استثناء.
الإصلاح الإداري لن ينجح انطلاقاً من التنظير والكتب، ولا إعادة تكليف القائمين على العمل نفسه بالبحث في تطوير أداء مؤسسته، لأنّ الأجدى بهم أن يطوّروا الأداء ضمن المهام التي أوكلت إليهم، وعدم تجاهلهم العاملين الذين هم على احتكاكٍ مباشر مع مدخلات ومخرجات العمل، مؤسساتنا لم تبدأ من الصفر، إنما تحتاج فقط مواكبة التطوّرات والأهداف المنوطة بها، ولن يستغرق من الوقت إن توفّرت الإرادة الوطنية أشهراً معدودةً، فمدير المؤسسة الذي يضع الحجج والتبريرات لسوء أدائه، أو ابعاده بعض الكفاءات من مؤسسته، أو الذي يؤمن بالعمل الجماعي وضرورة تطوير الأداء لكنّه لم يلتقِ بعامليه طيلة فترة تبوأه منصبه، وبابه مفتوحٌ ولكن عن طريق مدير مكتبه، ويلقي محاضرةً ولا يتقبّل التساؤلات بحجّة الوقت لا يسمح العمل أهم، متجاهلاً أنّه بذلك منح الانتهازيين بما فيهم مدير مكتبه فرصةً كبيرةً للتسلّط والعنجهية واستمرار التخلّف الإداري الذي ينعكس على كلّ المجالات، واستغلال التكنولوجيا والامتحانات وما شابه، لتمرير أخطائهم ومصالحهم الشخصانية، بشكلٍ يظهر على أنّه قانوني، لكنّه تدميريٌ بحت... فشتّان بين تحمّل المسؤولية وادعاء الشفافية واستمرار الروتين... وبين الاعراف بالتقصير بالبحث عن الحلول ومضاعفة الإنتاج، وشتّان بين اتهام الآخر بأنّ لديه الموارد المادية والبشرية المتطوّرة، وأخذ الاعتبار بذلك من أجل تطوير ذاتنا ضمن إمكانياتنا ومواردنا واعتمادنا على الذات لتحدّي الظروف، لأنّ جميع أبناء الوطن في مركبٍ واحدٍ دون استثناء، وهدفٌ مستمر لأعداء الوطن لاستغلال كل صغيرةٍ وكبيرةٍ لمنع تقدّمنا وتفتيت قوانا، وتشتيت شمل أبناء الوطن الواحد.
لنصدق مع أنفسنا، وليقم كلٌ منا بدوره المنوط به في خدمة وطنه، لنجد خلال فترةٍ قصيرٍة نتائج مبهرةٍ في القضاء على الفساد والإرهاب وأدواته والداعمين له داخل الوطن وخارجه.