قمة بايدن وبوتين المنتظرة.. بقلم: مفتاح شعيب

قمة بايدن وبوتين المنتظرة.. بقلم: مفتاح شعيب

تحليل وآراء

الخميس، ٢٧ مايو ٢٠٢١

قبيل القمة المنتظرة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، يتحدث المسؤولون من الجانبين عن إجراء «محادثات صريحة وشفافة» تطرقت إلى كل الخلافات العميقة ومعظم القضايا الدولية والثنائية أيضاً، وتبدو هناك رغبة مشتركة في أن يكون اللقاء المنتظر نقطة فارقة، ليس في العلاقات بين موسكو وواشنطن فحسب، بل في مجمل الوضع الدولي.
 القمة المأمولة ستنعقد في جنيف، المدينة السويسرية التي كانت على مدى عقود نقطة اجتماع بين الشرق الغرب. ورغم أن أكثر المتفائلين لا يتوقع أن يُحدث لقاء بايدن وبوتين اختراقاً كبيراً بالنظر إلى الخلافات الواضحة بين الجانبين حول قضايا مثل أوكرانيا والأمن السيبراني والتوازن النووي وحقوق الإنسان والتدخل في الانتخابات الأمريكية، لكن يمكن لهذه القمة أن تبلور مقاربة مشتركة تعمل على تخفيف التوتر والاتجاه نحو علاقة بناءة تُسهم في مساعدة العالم أجمع على التعافي من أزماته.
 فقد كان واضحاً أن نوع الخطاب بين القوتين العظميين كان صدامياً وملغوماً بعبارات غير مألوفة، فبينما لم يمانع بايدن في وصف نظيره الروسي بأنه «قاتل»، وقرر تصعيد العقوبات على موسكو، رد بوتين بعبارات موجهة إلى واشنطن ضمنياً، عندما أكد أن من يسعون إلى قضم شيء من روسيا «سنكسر أسنانهم حتى لا يعودوا قادرين على القضم»، والمعنى لا يحتمل تأويلاً باستثناء أن الغضب الروسي قد بلغ مداه، ولا يمكن التنبؤ بالعواقب إذا ظلت الأوضاع مفتوحة على التصعيد.
 كل الأمل أن تكون القمة المنتظرة مهذبة وبناءة وتضع خطة فعّالة لرفع الأنقاض التي أوقعتها الخلافات والحروب الكلامية بين البلدين طوال السنين الماضية. وفي أكثر من مناسبة كادت الأوضاع أن تنزلق إلى الأسوأ بسبب الثقة المنعدمة والتصعيد الدبلوماسي والإعلامي وحتى الاحتكاك العسكري، في سوريا وبحر البلطيق والقطب الشمالي. ومن أجل تجنب مثل هذه الكوابيس يجب أن تتغير هذه السياسة. ومثلما قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، فإن رغبة واشنطن الحالية تكمن في تأسيس «علاقة يمكن التنبؤ بتطوراتها» مع موسكو، التي ترغب بدورها، في تأسيس علاقة جديدة تأخذ في الحسبان مصالحها وموقعها ونفوذها على الخريطة العالمية.
 أخذاً بالاعتبار أن التاريخ لا يستقر على حالة واحدة، وأن الطبيعة متغيرة وتأبى الفراغ، فإن ما يشهده الوضع الدولي من صراعات وعلاقات مضطربة هو مخاض لولادة نظام جديد، مختلف عما سبق. والولايات المتحدة، التي تسيدت العالم نحو قرن من الزمان، لن تستطيع احتكار دفة القيادة. وروسيا التي خسرت ثلث قوتها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تداركت وضعها في العقود الثلاثة الأخيرة، وعادت بقوة إلى الساحة الدولية بنهج جديد وعقلية مختلفة. ومن دون احتساب القوة الصاعدة للصين، هناك فرصة أمام واشنطن وموسكو أن يرسيا معادلة معاصرة للعلاقات بينهما تأخذ بالمتغيرات وتؤمن بالتعايش الخلاق. وإذا تحقق النجاح، فيمكن للعالم أن يتفاءل خيراً ويتوق إلى عهد جديد لا يكرر أخطاء الماضي ومآسيه المدمرة.