الوزيرة عاصي لـ الأزمنة : سياسة الترقيع وإطفاء الحرائق  بدون الاستناد لرؤية شاملة هو عنوان اجادته الحكومات المتعاقبة.

الوزيرة عاصي لـ الأزمنة : سياسة الترقيع وإطفاء الحرائق بدون الاستناد لرؤية شاملة هو عنوان اجادته الحكومات المتعاقبة.

تحليل وآراء

الأحد، ٦ يونيو ٢٠٢١

آمال ينتظرها الكثيرين، مسؤوليات كبيرة تنتظر الحكومة السورية المقبلة ، فالمرحلة القادمة عنوانها العمل والبناء ومكافحة الفساد والقضاء على المحسوبيات والعمل على تحسين الحالة الاقتصادية والخدمية لجميع المواطنين، أين أصابت الحكومة الحالية وأين أخطأت، وهل نحن مقبلون على تشكيل حكومة اختصاص بهدف تحقيق شعار المرحلة المقبلة الأمل _بالعمل _ الوزيرة السابقة بالحكومة السورية لمياء عاصي تجيب موقع مجلة الأزمنة :

كيف وجدتِ المشهد السوري_ وإقبال المواطنين على المراكز الانتخابية لاختيار مرشحهم الرئاسي؟

هذه المشاركة الكثيفة وغير المسبوقة في الانتخابات الرئاسية2021  , تعبر عن أن هذه الحشود تعطي سيادة الرئيس تفويضا مطلقا لتحقيق سلامة وأمن الوطن وضمان استقرار الدولة بكل مؤسساتها، خصوصا أنها تأتي بعد حرب طويلة استزفت موارد الناس وسببت تدمير المرافق والمنشآت العامة والخاصة، وثبوت عدم مصداقية أي من الأطراف التي دمرت البلد ونادت بشعارات زائفة, اليوم, يريد الجميع العودة الى الأمان وتحقيق الازدهار الاقتصادي والخروج الكامل من هذه  الحرب القذرة, وتؤكد معرفتهم بأنها جهود مخابراتية و تمويل ضخم من دول إقليمية ودولية لها أجندات خاصة بمنطقتنا.

ينتظر السوريون اليوم قرار تشكيل الحكومة السورية_ بداية دعينا بأن نتحدث أين أخطأت الحكومة الحالية وأين أصابت بكل شفافية؟؟؟

ان سياسة الترقيع وإطفاء الحرائق  بدون الاستناد  لرؤية شاملة كمرجعية أساسية للأسف .هو عنوان اجادته الحكومات المتعاقبة, لأنه الأسهل, وتخطئ أي حكومة عندما تعتقد بإمكانية معالجة أوضاع استثنائية  بطرق عادية, وهذا ما أثبتته التجربة خلال السنوات الماضية , أي أن تصدر قرارات أو قوانين جديدة وتبقى الآليات المتبعة وطريقة مقاربة المشاكل نفسها, مثلا : قرار تقييد حركة تحويل النقود بين الأشخاص أو المحافظات, قد يكون الهدف منها التحكم بحركة السيولة النقدية والحد من المضاربة على سعر صرف الليرة السورية مقابل النقد الأجنبي , ولكن هذا الإجراء يؤثر على حركة الإنتاج بكل أشكاله الذي تحتاجه البلد, أي ان المعالجة الجزئية لأي ظاهرة, ينتج عنها مشاكل أخرى قد تكون ضارة بالاقتصاد أكثر من المشكلة الأصلية.

البعض يطالب بتشكيل حكومة اختصاص بهدف تحقيق شعار المرحلة المقبلة الأمل _بالعمل ؟

إذا بدأنا من شعار الحملة الانتخابية للسيد الرئيس "الأمل بالعمل " الذي  يختصر المرحلة المقبلة, فمن أجل تحقيق هذا الشعار , لا بد أن تترجم الحكومة الثقة الممنوحة لها من سيادة الرئيس ومجلس الشعب , وتقوم بتحديد الأولويات والممكنات, ثم اجتراح الحلول الإبداعية والممكنة  لمواجهة التحديات الاقتصادية الكبيرة التي فاقمتها ظروف الحرب,  وبغض النظر عما اذا كان التشكيل لحكومة  تكنوقراط أم حكومة سياسية , تمثل فيها كل أطياف المجتمع, يجب أن يكون للحكومة دور سياسي واجتماعي واقتصادي , يتجلى في تحمل المسؤولية الوطنية  وإحداث النقلة النوعية اللازمة لبدء تحقيق النمو الاقتصادي للبلد.

برأيك دمج بعض الوزارات ينعكس إيجاباً على أدائها وحياة المواطن مثلاً دمج وزراتي النفط والكهرباء بوزارة واحدة تحت مسمى وزارة الطاقة ؟

لا يمكن القول بدمج الوزارات أو فصلها بجرة قلم, بل يجب أن يتم ذلك بناء على مخططات ودراسات مدعومة بآراء الخبراء وتجارب الدول الأخرى, ليحددوا ما إذا كان هناك تكرارا او تضارب بوظائف كل منها, والبرهنة على أن الفصل أو الدمج يمكن أن يقدم تحسنا ملموسا في أداء الوظائف وفي تحقيق الأهداف أي رفع كفاءة العمل, مثلا : تم فصل وزارة التموين عن وزارة التجارة والاقتصاد في عام 2012, هل أدى ذلك الى تحسنت  نتائج العمل أو تحققت الأهداف بطريقة أفضل في وزارة التموين الجديدة!!؟؟؟

ما هي أولى الخطوات التي يجب أن تتخذها الحكومة القادمة على الصعيد الاقتصادي والمعيشي؟

لعل القدرة الشرائية للفرد السوري يجب أن تحتل رأس الأولويات المطلوبة، لأنها الأساس في تحريك عجلة الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي والمساهمة في تطوره، يجب أن تكون الحكومة المنتظرة منحازة للمواطن وأن تكون الخطوة الأولى في برنامج عملها متعلقة بتحسين المستوى المعيشي للفرد السوري في القطاعين العام والخاص، هنا , لا نقصد برفع القدرة الشرائية للمواطن إعطاء الموظف زيادة على الراتب يلتهمها التضخم المزمن في اقتصادنا ، بل العمل على : تشجيع الإنتاج بكل أنواعه وإزالة كل معوقاته,  ومحاربة البطالة وضبط سعر الصرف الذي بات عاملا مهما في زيادة معدلات التضخم.

معروف أن اجتذاب رؤوس الأموال الخارجية مرهون بشكل كبير بمعدل دخل الفرد  وهذا ما يزيد في قوة السوق المحلية، ونستطيع التأكد:  اذا تفحصنا قائمة الدول الأكثر اجتذابا للاستثمارات الأجنبية غير المباشرة.  

حقق اقتصاد السوق الاجتماعي /بنسخته السورية/ في العقد الأول من القرن الحالي نمواً اقتصادياً بمعدلات معقولة وجيدة، كيف السبيل لإعادة هذا النمو في المرحلة المقبلة؟

سلبيات كثيرة اعترت تطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي في النسخة السورية خلال أعوام 2006_2011, بالرغم من تحقيق الاقتصاد السوري لمعدلات نمو جيدة نسبيا، من هذه النقاط السلبية نذكر:

النمو الاقتصادي لم يكن متوازنا في المناطق الجغرافية المختلفة في سورية، فالمدن الكبرى حققت نموا ولكن الأرياف لم تحقق نموا مماثلا بل حصل انكماش واختلالات اجتماعية شتى بفعل الجفاف الذي ترافق مع سياسات تحرير الاسعار, إضافة إلى ان النمو الاقتصادي الإيجابي لم يكن مستداما لأنه تحقق بفضل التوجه الكامل للاستيراد الذي نتج عنه إغلاق الاف المعامل والورش وارتفع معه معدل البطالة, أما التصدير خلال نفس الفترة, فانحصر بالمواد الخام  والثروات الباطنية وهذا سبب تدني الإيرادات العامة عندما غاب النفط مثلا عن الموازنة العامة للدولة. 

العودة الى تشجيع الإنتاج الزراعي والصناعي والخدمي هي السبيل الوحيد لاستعادة أرقام النمو الموجبة السابقة، لأن النمو الاقتصادي يقوده الناتج المحلي الاجمالي والاستهلاك الكلي بشكل عام،

قامت وزارة المالية على تخفيض قيمة الاعتمادات المالية المخصصة لبند الدعم الاجتماعي (مساهمة الدولة في تثبيت أسعار بعض السلع والخدمات الرئيسية) برأيك هل انعكس هذا الموضوع على حياة المواطن ؟ وبرأيك يجب إعادة النظر بسياسة الدعم ؟

يعتبر كثير من الاقتصاديين الدعم الحكومي لأسعار السلع من أسباب  تشوه الأسعار وغير مرغوب اقتصاديا , والتسعير يجب أن يتم  بحسب التكاليف الحقيقية لكل سلعة أو مادة , في سورية ولأسباب اجتماعية  وسياسية, كانت سياسة تثبيت الأسعار أي الدعم أحد الثوابت المهمة في السياسات الاقتصادية والمالية للدولة , الآن زادت الحاجة للدعم  في ظل الرواتب المنخفضة وتدني القدرة الشرائية للفرد بشكل كبير, بالطبع,  تم الاستمرار بدعم بعض المواد , مثل الكهرباء وبعض المشتقات النفطية وبعض السلع الأساسية مثل القمح وغيرها , الا أن الدولة مؤخرا, بدأت بتخفيض مساهمتها بتثبيت الأسعار للمواد الأساسية في محاولة لتخفيف فاتورة الدعم التي تسبب مزيدا من الإنهاك لموازنة الدولة التي تعاني الإنهاك , جراء تدني الإيرادات العامة , بالتأكيد, انقاص الدعم يؤثر سلبيا على حياة المواطن , فعندما ترتفع فاتورة المواد الغذائية الأساسية أو الأدوية أو المشتقات النفطية أو الكهرباء ...هذا كله يزيد معاناته في تأمين قوت يومه, أعتقد, أن انقاص مساهمة الدولة في تثبيت الأسعار "الدعم" يجب أن يكون مترافقا مع تحسن القدرة الشرائية للفرد ومدروسا جدا .

دمشق_ موقع مجلة الأزمنة _ محمد أنور المصري