سيجارة الحشيش أولها دلع وآخرها ولع ..شبابنا إلى أين؟.. بقلم: الأخصائية التربوية خلود خضور

سيجارة الحشيش أولها دلع وآخرها ولع ..شبابنا إلى أين؟.. بقلم: الأخصائية التربوية خلود خضور

تحليل وآراء

الاثنين، ٢٣ أغسطس ٢٠٢١

لم يمنعهم حرص الأهل والتحذيرات قبل السفر أو مغادرة المنزل إلى مكان ما قد يكون إلى الجامعة أو العمل أو المدرسة أو لقاء الأصدقاء من تجريب ذاك الإحساس الذي يصفون بأنه يساعدهم على نسيان الهموم، نعم إنه الحشيش والذي هو أكثر مادة تستخدم على مستوى العالم حسب تقارير منظمة الصحة العالمية، وهو شائع الانتشار بين قطاع كبير من الشباب خاصة المراهقين وأيضاً البالغين من أعمار مختلفة، فمن أين لهم المال لشراء هذه السموم؟ ومن ذرع في أذهانهم الاعتقاد بأن تعاطي سيجارة الحشيش يخفف أحزانهم ومشاكلهم ويساعدهم على تحملها؟
يزداد عدد المتعاطين للحشيش من المراهقين والشباب ذكوراً وإناثاً يوماً بعد يوم بالإضافة إلى ما يصاحب ذلك من انحرافات سلوكية كجرائم القتل التي بتنا نسمع بها كثيراً هذه الأيام والاعتداء على الآخرين والجرائم الإنسانية والسرقات والسلب بالقوة والاحتيال والنصب والتزوير والرشوة والغش وأعمال العنف العامة وتشكيل العصابات وإلحاق الضرر بممتلكات الغير وحوادث السير والوفاة والشذوذ الجنسي وعدم اطمئنان المتعاطي على نفسه وماله وعرضه عدا عن بيع الضمير وربما شهادة الزور.
ورغم علمهم بأنها ضارة ومدمرة يلجأ بعض المراهقين إلى تعاطي الحشيش وتجمع الأدبيات النظرية أن هذا يرجع إلى حكم طبيعتهم الإنسانية وحبهم للشهوات وضعفهم أمامها باحثين فيها عن أي سلوك يعتقدون أن فيه اللذة والمتعة واللهو حتى وإن كانت نتائجه خطيرة، كذلك رفاق السوء يؤثرون تأثيراً شديداً على أقرانهم، وحب الاستطلاع والدلع والترف والمجون والدعايات التي يروجها المضللون بأن الحشيش من أدوات السعادة والمتعة وطول العمر ويصفها الطب للمرضى، عدا عن أزمة الهوية التي لا تشير إلى مرض بقدر ماهي أزمة معيارية في مرحلة يتزايد أثناءها الصراع وتتميز بالتقلب الظاهر في قوة الأنا، والبيوت الفارغة نتيجة فقدان الوالدين معاً أو أحدهما أو الطلاق وعدم وجود المعيل، وتقليد الوالدين أو الأقرباء الذين يتعاطون الحشيش وهذا ينعكس في التربية الخاطئة، وتعقيدات فترة المراهقة والشباب والحياة العصرية والاضطرابات الموجودة فيها، وكلها مجتمعة أو منفردة قد تكون أسباباً تدفع المراهقين والشباب إلى الالتجاء لتعاطي الحشيش كوسيلة للهروب.
وتنشأ عن هذا التعاطي اضطرابات لها مؤشرات تشير إلى السلوك غير التكيفي أو التغيرات النفسية والتي تتطور خلال أو بعد التعاطي بفترة قصيرة ومنها اختلال التوازن الحركي والنشوة والقلق والهلوسة وعدم الإحساس بالوقت واضطراب الوعي والتشوّش الذهنيوالانسحاب الاجتماعي، عدا عن الأعراض التي تظهر في غضون ساعتين من الاستعمال حسب ما أثبتت الدراسات وهي احتقان العين وجفاف الحلق وسرعة ضربات القلب أما الأعراض الطويلة المدى فقد تنعكس على الصحة العقلية والذاكرة والتركيز وتنظيم المعلومات واستخدامها والإدراك الحسي.
وبعد هذا كله ومن دون شك أن لحظة اكتشاف الأهل بالعموم وبغض النظر عن البيئة  أن ابنهم يتعاطى الحشيش هي لحظة مؤلمة وعنيفة، فالصدمة وثورة الغضب التي تتحكم بهم قد تدفعهم إلى تصرفات عنيفة تجاه أولادهم المتعاطين تترجم إما بمواقف الرفض أو العنف أو بمواقف التسامح نتيجة لشعورهم بالشفقة تجاههم وكل من هذين الموقفين له مساوئ ومضار، فماذا يجب على الأهل أن يفعلوا ويتصرفوا؟ هنا لابدّ من المواجهة واتخاذ القرار مع المراهق أو البالغ بضرورة الإقلاع عن الحشيش دون أن يشعر أنه يعاقب بل يجب عدم التخلي عنه لأن هذا يشكل عامل دعم ومساندة لإعادة الاحترام لذاته والانخراط مجدداً في المجتمع فهنا الشفقة لا تنفع خاصة أن المراهقين كالنبتة الغنية الطرية الغضة ودائماً يحتاجون إلى الإرشاد والنضج والتوعية، لأنه بين السلبية في التعامل مع الواقع والانقياد والانصياع للجماعة والاتكالية والجمود وعدم القدرة على تحمل الآلام والمتاعب والظروف الضاغطة أو ربما التواجد في بيئات قد تتميز بالانحطاط الاجتماعي والتفكك الأسري وانتشار العادات السلوكية الشاذة يسعى بعض الشباب ذكوراً وإناثاً للهروب من هكذا واقع مليء بالمشكلات والضغوط الحياتية فيذهبوا إلى عالم الحشيش والمخدرات في محاولة للتكيف مع أنفسهم والحصول على المشروعية التي افتقدوها في عالمهم الواقعي دون إدراك تام للسلبيات في بدء مسيرة التعاطي فإلى أين يتجه شبابنا اليوم؟ 
وفي النهاية فإن علاج المشكلة تبقى مسؤولية إنسانية ووطنية ملقاة على عاتق كل فرد من أفراد المجتمع.