هل سنرى أميركا ملونة قريباً؟.. بقلم: دينا دخل اللـه

هل سنرى أميركا ملونة قريباً؟.. بقلم: دينا دخل اللـه

تحليل وآراء

الخميس، ٢٦ أغسطس ٢٠٢١

على الرغم من أن الولايات المتحدة تعد من أكثر البلدان تنوعاً من الناحية العرقية والإثنية لسكانها، إلا أن العرق الأبيض بقي لفترة طويلة يسيطر على أكثر من 70 بالمئة من السكان، ما جعل مفاصل القوة في السياسة والاقتصاد تبقى تحت سيطرة الأغلبية البيضاء، لكن على ما يبدو هذا الواقع أصبح على وشك أن يتغير بعد نشر مكتب الإحصاء السكاني الأميركي مؤخراً تقريره حول التركيبة الديموغرافية للسكان في أميركا.
قال التقرير إن نسبة الأميركيين البيض من غير اللاتينيين نزلت من 63.7 بالمئة في العام 2010 إلى 57.8 بالمئة في 2020، أي إن عدد البيض تقلص في العقد الأخير من 196 مليوناً إلى 191 مليونا ما يعد سابقة منذ بدأ الإحصاء في العام 1790، وارتفع عند الأميركيين من أصول لاتينية بنسبة 23 بالمئة فهم يشكلون اليوم 62.1 مليون نسمة، وسجل ارتفاع كبير أيضاً في عدد الأميركيين من أصول آسيوية إذ بلغ عددهم 24 مليوناً أي إن الارتفاع يعادل 34 بالمئة، بالإضافة إلى ذلك ارتفع عدد الأميركيين الذين يصنفون أنفسهم متعددي الهوية الإثنية من 9 ملايين نسمة قبل عشر سنوات إلى 33.8 مليون نسمة، على حين لم يطرأ تغيير على عدد الأميركيين من أصول إفريقية الذين يشكلون 12 بالمئة من عدد السكان بزيادة 5.6 بالمئة، كما أظهر التقرير أن عدد الأميركيين الذي يعيشون في المدن الكبرى وضواحيها قد زاد بشكل ملحوظ.
كتبت الصحف الأميركية أن هذا التغيير في التركيبة الديموغرافية للسكان في الولايات المتحدة سيؤدي إلى تغيير في حدود المناطق والتقسيمات الخاصة بالانتخابات ما قد يظهر بشكل واضح في الانتخابات النصفية للكونغرس السنة المقبلة، أي إن الخريطة الانتخابية قد تتغير فقد تتحول بعض الولايات من أغلبية جمهورية إلى أغلبية ديمقراطية وقد تتحول بعض الولايات المتأرجحة إلى ولايات ديمقراطية.
حقيقة حاول الكثيرون في مراكز القرار العمل على عدم استمرار هذا الخلل العرقي من خلال محاربة الهجرة وكبت حقوق التصويت لغير البيض وغير ذلك من السياسات. كتب الكاتب تشارلز بلو في صحيفة «نيويورك تايمز» أن «الحكام الجمهوريين لأغلب الولايات الجنوبية رفضوا توسيع المساعدة الطبية التي تؤمن العلاج لمرضى نقص المناعة المكتسبة من 13 بالمئة إلى 42 بالمئة كما كان متوقعاً والتي تستهدف الرجال الأميركيين من أصول إفريقية ما أدى إلى ازدياد المرض في ولايات الجنوب».
يرى الكثير من المتابعين أن هذه الأرقام تعد رهيبة بالنسبة للعنصريين البيض فهي «نهاية العالم» بالنسبة لهم، وهم يعتبرون أن حجم الكثافة السكانية لفئة ما يحدد القوة التي تتمتع بها هذه الفئة، ولعل الحل الوحيد الذي بقي للعنصريين البيض هو إيجاد طريقة لجعل عرقهم مستمرا في السيطرة على مراكز القوة حتى وإن تحولوا إلى أقلية سكانية.
مع ارتفاع أعداد السكان الأميركيين الملونين ستزداد قوتهم السياسية ما سيزيد من محاولات العنصريين البيض لكبت حقوقهم. انتقال القوة من جهة لأخرى لا يتم عادة بطريقة لطيفة وناعمة، فالأشخاص الذين يملكون القوة سيحاربون حتى النفس الأخير للحفاظ عليها.
انتقال القوة من البيض إلى الملونين في أميركا على ما يبدو قادم لا محالة إلا أنه لن يكون سهلاً، لكن هل ستكون أميركا الملونة أكثر إنسانية تجاه الشعوب الأخرى من أميركا البيضاء؟ أم إن من يسيطر على مركز القرار في أميركا سيتخلى عن إنسانيته مهما كان عرقه؟