الجوع.. رسالة في بريد العالم.. بقلم: فيصل عابدون

الجوع.. رسالة في بريد العالم.. بقلم: فيصل عابدون

تحليل وآراء

السبت، ١٣ نوفمبر ٢٠٢١

كشف برنامج الغذاء العالمي أن 42 مليون شخص ينزلقون نحو هاوية الجوع في جميع أنحاء العالم، بسبب تداعيات الجائحة والحروب الأهلية وعوامل التغيير المناخي. ويمثل هذا العدد زيادة كبيرة عن عدد الأشخاص المهددين بالمجاعة في عام 2019 والذين قدّر عددهم حينها بنحو 27 مليون شخص.
وتقدم هذه الحصيلة الجديدة دلالات مرعبة، إذ إنها تؤكد أن الرقعة البشرية والجغرافية لانتشار الجوع تستمر في الاتساع ولا تتراجع، وأن المزيد من البشر سوف يكونون ضحايا للمجاعات في العديد من الدول مع مرور الأيام والسنوات.
وهناك مجتمعات بشرية في أكثر من 42 بلداً كانت تتمتع بحدود الكفاية من الغذاء والحياة الصحية،أو ما هو أكثر من ذلك، لكنها قد تواجه خطر الجوع والفقر بسرعة لا يمكن تصورها.
وحول الأسباب الأخرى للتزايد المثير للقلق لأعداد الجوعى، يوضح الصندوق أن «تكاليف الوقود تستمر في الارتفاع وكذلك أسعار المواد الغذائية والأسمدة»، ويوضح أن الأزمات الجديدة في العديد من الدول تزيد أيضاً من تراكم المنكوبين، وهو يشير في ذلك إلى ما يمكن أن تسببه من حالات طوارئ طويلة الأمد، مثلما حدث في أفغانستان، وبلاد أخرى تمزقها الأزمات والنزاعات.
وبينما تبلغ كلفة تفادي وقوع كارثة مجاعة على مستوى العالم نحو 7 مليارات دولار، فإن برنامج الأغذية العالمي وشركاءه في المجال الإنساني يقومون بتكثيف الجهود لمساعدة ملايين الأشخاص الذين يواجهون الجوع، على الرغم من أن الاحتياجات تتجاوز إلى حد كبير الموارد المتاحة، في وقت تتعرض فيه تدفقات التمويل التقليدية للضغوط الشديدة.
ويوضح مؤشر أسعار تعتمده الأمم المتحدة، أن أسعار المواد الغذائية سجلت أعلى مستوى لها منذ عشر سنوت في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. وتقول المنظمة إن هذا الواقع لا يؤدي فقط إلى إبعاد الغذاء عن متناول الملايين من أفقر الفئات حول العالم، ولكنه يزيد أيضاً من كلفة شراء الغذاء من الأسواق العالمية. يضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار الوقود الذي يزيد أيضاً من تكاليف النقل، ويفرض مزيداً من الضغط على سلاسل الإمداد العالمية.
وفي مواجهة الكارثة التي تحيق بملايين البشر، فإن متطلبات الإنقاذ والحيلولة دون فقدان الأرواح والتحكم في وتيرة توسع جغرافية الجوع، تتلخص في وقف النزاعات المميتة، والسماح لمنظمات العون الإنساني بالوصول إلى المجتمعات الضعيفة والمنكوبة، ودعم سكان المناطق الواقعة ضحية الطقس المتطرف، وأيضاً وبشكل أكثر إلحاحاً التزام الدول المانحة بتقديم مساهمتها المالية لسد عجز الميزانية المخصصة لمكافحة الجوع في العالم.
إن الرسالة التي بعث بها برنامج الأغذية العالمي، هذا الأسبوع، تدق ناقوس الخطر على الحال التي وصل إليها العالم. وهي بالطبع رسالة تهم الجميع، بداية من الأغنياء، مروراً بمتوسطي الحال، وصولاً إلى الفقراء الذين يعيشون في مستوى الحصول على حاجاتهم الضرورية من الغذاء، فالفقر لا يعني الجوع بالضرورة، وقد يشير إلى غياب الرفاهية، لكنه لا يعني مواجهة خطر الموت الوشيك، أو فقدان الأمل في الحياة.