الحبُ.. بقلم: الباحثة النفسية الدكتورة ندى الجندي

الحبُ.. بقلم: الباحثة النفسية الدكتورة ندى الجندي

تحليل وآراء

الاثنين، ١٤ فبراير ٢٠٢٢

كُتب الكثير عنه وعن ملذاته وآلامه.. الشعراء تغنوا به والأدباء تفردوا بسرد القصص والروايات عن آهاته، ولكن هل تستطيع الكلمات التعبير عنه ووصف تجلياته؟

أغلب ممن كتب عن الحب وعن معاناته هم الرجال، فرغم عاطفة المرأة الجامحة إلا أنه من الصعب عليها أن تُطلق العنان لكلماتها في التعبير عما يجول في قلبها من مشاعر وأحاسيس.

هل يعود ذلك إلى طبيعتها الخجولة أم هو أثر البيئة الاجتماعية والثقافية التي نشأت فيها والتي تدعوها إلى عدم البوح بعاطفتها، وبالتالي هذا يثير السؤال الآتي: هل المرأة الغربية أكثر جرأة وصراحة في التعبير عن حُبها من المرأة الشرقية؟

أم أن هذا الأمر لا يمت بصلة إلى تأثير الثقافة التي نشأت بها وإنما يعود إلى طبيعة المرأة في الغنج والدلال، حيث يُعتبر تحفظها هذا أحد وسائلها في إثارة وتأجيج عواطف الرجل!

الحب شعور غامض ومعقد لا يعرفه إلا الندرة، فليس كل من قال إني عاشقٌ صدق.

الحب حالة توحد روحي.. يحتاج كل واحد للآخر، يفكر به ليلاً ونهاراً.. يحلمُ به.. العشق  يؤرق ليله، ويكاد الشوق يقتله..

المرأة تشعر بأنفاسه والرجل يخفق قلبه لآهات جسدها.. حالة التقاء نادرة يجمعهما حوار فكري حميمي.

هي حالة تكامل روحي وجسدي لا يفهمها إلا من ذاق عذوبته..

يتوهم البعض أنه وقع في الحب، يهتز كيانه ويسعى للقاء المحبوب، في البداية يشعر بحالة جذب نفس وجسدي، تغمر قلبه السعادة ويرى الوجود جميلاً وكأن الحياة قد ازدهرت بحلةٍ وردية اللون، يرتفع هرمون السعادة، حالة حب يضفي معها صورة مثالية عن الحبيب.

يسعى الطرفين للالتقاء والزواج وما إن تجمعهما الحياة تحت سقف واحد حتى يبدأ كل واحد باكتشاف الآخر على حقيقته، هرمون السعادة قد انخفض وبدأت الرؤيا تتجلى!

أسئلة كثيرة تُطرح وكأن أحدهما لا يعرف الآخر!

هل هذا هو الشخص ذاته الذي اخترته؟

هل يوجد توافق فكري؟

أين نحن من الحوار الواعي؟

هل يهتم كل واحد منهما بالآخر ويسعى لإسعاده؟

هل هي علاقة قائمة على الحب المشترك، حيث كل طرف يساند الآخر في تحقيق وجوده أم أن كل طرف يسعى لامتلاك الآخر ونحو شخصيته؟

هل يسود جو من الاحترام الذاتي بين الطرفين؟

والسؤال الأهم الذي يطرح ذاته هل يجمعهما حب حقيقي؟

الحب الحقيقي هو أن تعشق الآخر كما هو بمزاياه، بأخطائه.. في صحته وفي مرضه، في غناه وفي فقره، تفرح لفرحه وتحزن لحزنه، نجاحه نجاح لك.

مع الحب تختفي كل الحواجز ….ويغدو المستحيل ممكنا

اللقاء مع الحبيب حالة ارتقاء لأنه مبني على الحوار الواعي، على التفاهم المتبادل في جو من الانسجام الراقي.

الحب الحقيقي لا تنطفئ شعلته.. ما وصفته ليس تجسيد عن الحب، توهما الاثنان أنهما وقعا في الحب والحقيقة أنهما وقعا في غرام حالة الحب!

حالة الحب التي تضفي جمالاً ويشعر الإنسان معها باللذة والأمثلة كثيرة من حولنا، حيث نجد العديد من الرجال والنساء يبحثون لاهثين عن الحب، ولكن لا يستطيعون الاستمرار في أي علاقة جدية.

يحبون الحب هذه الحالة التي تشعرهم بالنشوة واللذة وما إن تنتهي لحظات الإثارة حتى يبحثون عن حب جديد وما هو إلا وهم لأنهم لا يعرفون الحب الحقيقي وما يبحثون عنه هو حالة الحب التي عاشوها لفترة محددة وبالتالي لا يعانون من ألم الفراق لأنهم بكل بساطة  لا يحبون الآخر بل هم غارقون في حب الذات.

اليوم يحتفل العشاق بعيدهم، المدينة تزدهر باللون الأحمر، النساء ينتظرن بشغف هذا اليوم علهن يحظين بما يداعب عواطفهن والرجال يتلهفون للحصول على ومضة تشعل فتيل الحب في قلوبهم..

الحبُ جوهر الوجود

الحب شعلة لا تنطفئ

عندما تلتقي عيون العاشقين تضفي نوراً ودفئاً على الوجود برمته، فتعالوا نولي هذا اليوم حقه.. وكل عام وأنتم بألف خير.

nadaaljendi@hotmail.fr